أصبح للمسيحيّين كتلة اعتدال..

2024-08-11

أصبح للمسيحيّين كتلة اعتدال..

لا يمكن للنائب جبران باسيل عبر صورة له وهو يصعد إلى طائرة خاصة مغادراً لبنان لقضاء إجازته الصيفية أن يغطّي الزلزال البنيوي الذي أصاب التيار الوطني الحرّ، إن بفعل فصل النائب آلان عون من قبل المحكمة العليا في التيّار، أو بفعل استقالة النائب سيمون أبي رميا الذي باغتهم قبل أن يباغتوه، رامياً ورقة لطالما حملها في جيبه في الأشهر الماضية عنوانها “هذه استقالتي”.

 

التطوّرات المتسارعة التي يشهدها التيار الوطني الحر بخروج أو إخراج عدد من النواب والقيادات التاريخية كالياس بوصعب وآلان عون وسيمون أبي رميا، وقبلهم زياد أسود وماريو عون، ومن المرجّح أن يلحقهم عديدون ليس أوّلهم ولا آخرهم النائب المتريّث إبراهيم كنعان، لن تكون تداعياتها المزلزلة مقتصرة على التيار وحده، بل تردّدات الزلزال البرتقالي ستؤثّر على الواقع المسيحي، والماروني تحديداً، بشكل كبير، كما أنّها بعد اتّساعها لا بدّ أن تلقي بأثقالها على الساحة السياسية الوطنية برمّتها.

يمكن للمسيحيين منذ اليوم أن يقولوا من دون تردّد إنّه باتت لهم كتلة اعتدال نيابية كتلك الكتلة التي تشكّلت من النواب السُّنّة في الشمال كنتيجة للانتخابات النيابية الأخيرة في 2022.

القوّة المسيحيّة الثّالثة

النواب الخارجون من التيار بقرار منهم أو من قيادة التيار، خرجوا بأسلحتهم الكاملة شعبياً وسياسياً وتنظيمياً، وهو ما سيتمّ تلمّسه رويداً رويداً مع الأيام والأسابيع القليلة على صعيد البلديات، وأوّل ملامحه بدت في بلدية الحدث وبعض البلديات التي تجاورها، وعلى صعيد الموظّفين في الإدارات العامة الذين وإن ارتدوا الألوان البرتقالية في كلّ المناسبات والمهرجانات، فإنّهم استقلّوا باصات تعود لتلك القيادات التي خرجت من التيار للوصول إلى تلك المهرجانات.

يمكن للمسيحيين منذ اليوم أن يقولوا من دون تردّد إنّه باتت لهم كتلة اعتدال نيابية كتلك الكتلة التي تشكّلت من النواب السُّنّة في الشمال كنتيجة للانتخابات النيابية الأخيرة في 2022.

ماذا يعني تشكّل كتلة اعتدال مسيحية؟

الكتلة المسيحية الثالثة المنوي تشكيلها تؤسّس لثلاثية مسيحية، أو بمعنى آخر تكسر إمساك الثنائي المسيحي بورقة الميثاقية في كلّ الاستحقاقات السياسية المقبلة.

الأمر ليس حدثاً عابراً مطلقاً، وليس بتطوّر فاقد للتأثير، بل هو استكمال للزلزال الأوّل إن لم يكن زلزالاً بحدّ ذاته لعدّة أسباب:

1- تشكُّل كتلة اعتدال مسيحية من النواب الخارجين من التيار، يرجّح أن يراوح عدد أعضائها بين 6 و8 نواب، من شأنه أن يكسر الثنائية المسيحية من قوات وتيار عوني التي لطالما احتكرت كلّ شيء عبر إلغاء أيّ شيء آخر غيرهما.

2- الكتلة المسيحية الثالثة المنوي تشكيلها تؤسّس لثلاثية مسيحية، أو بمعنى آخر تكسر إمساك الثنائي المسيحي بورقة الميثاقية في كلّ الاستحقاقات السياسية المقبلة.

3- لم تعد للثنائي المسيحي قدرة على التحكّم بالمعركة الانتخابية الرئاسية، فانحياز كتلة الاعتدال المسيحية إلى أيّ خيار رئاسي يمنح الغطاء الميثاقي والدستوري والعددي لهذا الخيار.

4- تشكُّل كتلة الاعتدال المسيحي سيكون بمنزلة المنصّة السياسية للقوى المسيحية المهمّشة والمستبعدة والناقمة على احتكار الثنائي للساحة المسيحية ومواقع المسيحيين في الدولة والمؤسّسات طوال الفترة الماضية، وهو ما يؤسّس لخيار ثالث قبل عامين من موعد الانتخابات النيابية المقبلة.

سيكون تشكُّل كتلة الاعتدال المسيحي، كما هو متوقّع، اللبنة الأولى في بناء منطقة مسيحية وسطى قادرة على استقطاب كلّ الأفرقاء والشركاء في الوطن

المساحة الوسطى

أحدثت تجربة كتلة الاعتدال السنيّة نموذجاً يمكن الاحتذاء به في اللعبة السياسية، حيث تمكّنت من إطلاق مبادرة رئاسية يسجّل لها بعيداً عن النجاح أو الفشل أنّ اللجنة الخماسية العربية الدولية اعتمدت هذه المبادرة في بيانها الأخير، لا بل شجّعت على المضيّ بها للوصول إلى نتائج ملموسة. كما أنّ كتلة الاعتدال السنّيّ تمكّنت من صناعة منطقة وسطى في الوطن قادرة عبرها على محاورة الجميع والنقاش مع الجميع، وبالتالي طرح المبادرات والرؤى بعيداً عن المواقف المسبقة.

إقرأ أيضاً: نعيم عون لـ”أساس”: باسيل يهرب إلى الأمام..

من خلال هذه التجربة سيكون تشكُّل كتلة الاعتدال المسيحي، كما هو متوقّع، اللبنة الأولى في بناء منطقة مسيحية وسطى قادرة على استقطاب كلّ الأفرقاء والشركاء في الوطن، بعيداً عن التحزّب والشخصانية، والدخول في ورش عمل دستورية وسياسية واقتصادية متحرّرة من المواقف والنتائج المسبقة.

بدأت كتلة الاعتدال المسيحي بالتشكّل، وأعضاوها هم آلان عون، سيمون أبي رميا، الياس بوصعب، فيما الكلام يدور عن نائب في البقاع وآخر سينضمّ من جبل لبنان، وبينهما إبراهيم كنعان الذي تقول كلّ الأوساط إنّه كتب استقالته لكنّه لم يضع التاريخ بعد تحت توقيعه.

لمتابعة الكاتب على X:

@ziaditani23

مواضيع ذات صلة

لبنان ضحيّة المفهوم الخاطئ للانتصار!

يُخشى تحوّل لبنان ضحيّة أخرى للمفهوم الخاطئ للانتصار، وهو مفهوم رائج لدى قسم كبير من الأنظمة السياسية في المنطقة. ليس مفهوماً إلى الآن كيف يمكن…

“علوّ اليهود في الأرض”.. كيف نواجهه؟

“إعصار البايجر” هو النقطة الفاصلة في هذه الحرب، الإسنادية في شكلها، الاستنزافية في جوهرها. هو ليس تفصيلاً بسيطاً، بل رأس الجبل من تجويف خطير لخطاب…

بزشكيان ابن مهاباد يفعّل كرديّته في العراق !

لا تطلب إيران المساعدة من أحد لمعالجة مشاكلها الداخلية والخارجية، لكنّها لا تتردّد في فرض خدماتها على الآخرين في الإقليم.   قرار الرئيس الإيراني مسعود…

نكسة لبنان الرقمية

هل يمكن، بالمعنى العسكري، إلحاق الهزيمة بإسرائيل، من طرف “حزب الله”، أو حتى الأم الراعية، إيران، ناهيك، حتى لا ندخل في دائرة المزح، من طرف…