يتحضّر رئيس التيّار الوطني الحرّ جبران باسيل لطلّة إعلامية يشرح من خلالها الظروف التي أحاطت بقرار فصل نائب بعبدا آلان عون من الحزب ومبادرة نائب جبيل سيمون أبي رميا بعد أيام قليلة إلى تقديم استقالته في ظلّ ضغوط تحصل على نائب المتن إبراهيم كنعان لعدم إعلان قراره بالخروج من “التيّار”. في هذا السياق تفيد معلومات “أساس” أنّ كنعان هو ركن أساس في دائرة المعترضين على أداء وسياسات باسيل، لكنّ قراره بقلب الطاولة مرهون بإخراج معيّن يختاره بنفسه “بتوقيت معيّن وبأسلوبه”، وهذا سيحصل خلال أيام. فيما تتحضّر كوادر سابقة خرجت من التيار لورشة إعادة لملمة الصفوف تحضيراً للاستحقاقات المقبلة.
ككرة الثلج تكثر التساؤلات عن مصير المتمرّدين خارج التيّار ومن لا يزال داخله، فيما يتوقّف متابعون عند واقع “تفريغ” باسيل جبل لبنان من نواب التيّار، وكان بدأ الأمر بالياس بوصعب (المتن)، ثمّ آلان عون (بعبدا)، وصولاً إلى سيمون أبي رميا (جبيل)، وقريباً إبراهيم كنعان (المتن).
المفارقة أنّ خطيئة باسيل بالسماح بخسارة نواب بهذا الثقل في مركز ثقل العونيين في جبل لبنان ستكلّفه أن يجد نفسه بنهاية المطاف إلى جانب نائبة كسروان ندى البستاني فقط. وخطيئته الكبرى، برأي خصومه، أنّه سَمَح لغريمه المسيحي سمير جعجع بالتسلّل إلى جبل لبنان بعدما فصّل قانوناً على أساس النسبية “خيّطه” على مقاسه كي ينجح في البترون واستفاد منه تلقائياً جعجع. وهي ثغرة كبيرة قد تسمح لرئيس حزب القوات باقتناص مقاعد بغياب قياديّي التيار من النواب وبقانون باسيل “المسخ” نفسه.
يشير عون إلى “سوء تقدير من قبل الرئيس ميشال عون بتجيير اتّخاذ القرار بشكل أحاديّ لباسيل على مدى سنوات طويلة
خطر “التريو“
شكّل منذ أشهر الـ “تريو العونيّ” كنعان-عون-أبي رميا، إضافة إلى النائب المفصول من الحزب الياس بوصعب، “حالة” منفصلة عن التيّار بالشكل والمضمون، بما في ذلك التوقّف عن لقاء الرئيس ميشال عون مع المحافظة على بعض الشكليّات، وهو ما استدعى أخذ القرار الكبير بفصل نائبين ثمّ استقالة ثالث مع دعوة ضمنية إلى “المتمرّدين” بتقديم استقالاتهم من مجلس النواب الذي وصلوا إليه بأصوات “التيّار”، على حدّ قول أحد القريبين من باسيل. ولم يتردّد مؤسّس التيار ميشال عون بوصف بقائهم معاً بـ “الخطِر”.
نعيم عون: باسيل مأزوم
يقول القيادي السابق في التيّار نعيم عون أحد أوّل الخارجين من التيار في عزّ مسار صعود ميشال عون إلى قصر بعبدا: “يعاني “التيار” من مشاكل منذ سنوات، والمسألة تتعدّى قصة عدم الالتزام بالقرارات الحزبية وعدم حضور الاجتماعات الحزبية، بل يمكن اختصار الموضوع بمجموعة أخطاء لم يصَر إلى معالجتها طوال السنوات الماضية”، مؤكّداً أنّ “باسيل كان يتهرّب من أيّ مناقشة جدّية للبحث عن مكمن الأخطاء ومحاولة معالجتها في ظلّ وجود إدانة مباشرة لأدائه وسياساته”.
يضيف نعيم عون: “باسيل مأزوم ويهرب إلى الأمام، وهو ما يتقنه أيضاً حيال كلّ المواضيع الداخلية، خصوصاً الرئاسة والتحالفات السياسية وملفّ الحكومة ومجلس النواب”.
يشير عون إلى “سوء تقدير من قبل الرئيس ميشال عون بتجيير اتّخاذ القرار بشكل أحاديّ لباسيل على مدى سنوات طويلة، وهو ما أدّى إلى تراجع منهجي للتيار على مستوى الناخبين، والمسؤولية الأساسية في ذلك تعود لإدارة القيادة السيّئة والتعاطي غير المسؤول مع المحازبين والناشطين والتغاضي عن الأخطاء. ما يحصل ليس ثانوياً، حتى لو لم يكن أولوية راهناً، وارتداداته ستكون حتمية على المستوى السياسي والمسيحي والوطني وبداية لمرحلة جديدة”.
تفيد معطيات “أساس” أنّ قرار الاستقالة من مجلس النواب من جانب عون وبوصعب وأبي رميا غير وارد لكثير من الأسباب
“لطشة” باسيل
في بيان اللجنة المركزية للإعلام والتواصل في التيّار الذي صدر ردّاً على إعلان أبي رميا “خروجه من الأطر التنظيمية للحزب” لَطَشَ باسيل “زميله” السابق في الحزب عبر دعوته إلى “إعادة الأصوات” التي منحها “تيّارو” جبيل له كـ “أمانة على أساس تمثيل التيّار في الندوة البرلمانية، طوال فترة نيابته، وليس على أساس أنّ الأصوات الممنوحة هي لشخصه لكي يتصرّف بها على هواه، فيستقيل وهو بموقعه النيابي الذي أوصله إليه التيار”.
لا استقالات من البرلمان
هنا تفيد معطيات “أساس” أنّ قرار الاستقالة من مجلس النواب من جانب عون وبوصعب وأبي رميا غير وارد لكثير من الأسباب، وبالتأكيد ليس الثلاثة بوارد تحقيق أمنية باسيل، لا بل إنّ الفترة الفاصلة عن الانتخابات النيابية، وفق مصادر هؤلاء، ستشكّل تحضيراً جدّياً لتشكيل نواة كتلة نيابية في الاستحقاق النيابي المقبل بالتنسيق والتعاون مع بعض النواب المستقلّين.
بعدما خصّص باسيل النائب أبي رميا بالاسم بدعوته إلى الاستقالة من مجلس النواب، تقول مصادر قريبة من النائب المستقيل إنّ “هذا الأمر بمنزلة حرتقة و”قلّة عقل”. فهناك وقائع دامغة شهدتها الانتخابات النيابية في جبيل عامَي 2018 و2022 تُرجِمت في إيعاز الرئيس ميشال عون وقيادة التيار إلى العونيين الجبيليّين بالتصويت لوليد خوري وليس لسيمون أبي رميا، ومن التزم بقرار قيادة التيار صوّت لوليد خوري وليس لسيمون”.
تضيف المصادر: “هناك ناخبون من التيّار ومن خارجه صوّتوا لسيمون أبي رميا في الانتخابات الأخيرة ولن يتخلّى عن وكالته عن هؤلاء لأنّه مؤتمن على كلّ الأصوات وليحاسبوه في انتخابات 2026، و”عندها منشوف”. كما أنّ هناك العديد من محازبي التيّار الذين صوّتوا لسيمون، واليوم هم بصدد تقديم استقالاتهم من الحزب، واحتفاظه بنيابته يبقي على تمثيل هذه الشريحة من أبناء جبيل”.
بهذا المنطق، تضيف المصادر، “يجدر عندها بكلّ نواب التيّار الذين وصلوا إلى الندوة البرلمانية بأصوات الحزب أن يقدّموا استقالتهم بعد سقوط التحالف مع الحزب باعتراف الطرفين”.
نعيم عون: “باسيل مأزوم ويهرب إلى الأمام، وهو ما يتقنه أيضاً حيال كلّ المواضيع الداخلية، خصوصاً الرئاسة والتحالفات السياسية وملفّ الحكومة ومجلس النواب”
في السياق نفسه يتّهم “الباسيليّون” أبي رميا بإعلان خروجه من الحزب بسبب توجّه باسيل المؤكّد لاستبداله بمرشّح آخر في جبيل. هنا يقول قريبون من نائب جبيل: “هل يمكن أن يشرح لنا باسيل لماذا ألغى الانتخابات الداخلية التمهيدية من القاعدة التي تتيح إبراز من يتمتّع بحيثية شعبية، وهو ما يسمح له راهناً باختيار من يشاء ومن دون أن يكون له أي حيثية؟”!.
إقرأ أيضاً: انقلاب على “تيّار باسيل”!
رئاسة من دون نوّاب التّيّار!
هكذا في مقابل قرار فصل بوصعب الذي مرّ بسلاسة من دون ضجّة تذكر أدّى إخراج آلان عون من الحلبة الحزبية إلى إعادة ترسيم لواقع جديد سيختبره التيّار البرتقالي منذ الآن وصولاً إلى رئاسة الجمهورية ثمّ الانتخابات النيابية. وثمّة سؤال كبير يُطرح عن كيفية تعاطي باسيل “عدديّاً” داخل البرلمان مع استحقاقات أساسية على رأسها انتخاب الرئيس المقبل والاصطفافات المرتبطة به في ظلّ الخروج التدريجي لكبار قياديّي ونوّاب التيّار من الحزب.
لمتابعة الكاتب على X: