350 مليون دولار: كلفة عملية ضرب المفاعلات النووية الإيرانية..

مدة القراءة 6 د

2.1 مليار دولار هذا هو سعر إنتاج كل واحدة من قاذفات B-2 السبع التي وُجّهت نحو إيران. وتبلغ تكلفة كل ساعة طيران لها ما بين 130 و150 ألف دولار. لدى ترجمة هذه التكلفة إلى إجمالي ساعات الطيران التي قامت بها هذه الطائرات من الولايات المتحدة إلى إيران، في طريقها لقصف المفاعلات النووية الإيرانية. (نحو 36 ساعة، ذهاباً وإياباً)، يمكن الوصول بسهولة إلى تكلفة تقارب الـ 40 مليون دولار.

 

ولم ينتهِ الأمر عند هذا الحد. فهناك ست قاذفات إضافية من هذا النوع تم إرسالها إلى المحيط الهادئ بهدف تضليل الإيرانيين بشأن نيات الأميركيين، الأمر الذي ضاعف تكلفة ساعات الطيران. علاوةً على ذلك، فإن الطائرات التي قصفت المفاعلات لم تحلّق وحدها، بل شارك أكثر من 100 طائرة أميركية في العملية في المجمل، وتكلفة تشغيل كلٍّ منها تقارب الـ 10.000 دولار لكلّ ساعة طيران.

وتكلفة القنابل التي ألقاها الأميركيون على إيران خيالية. إن تطوير “أم القنابل” في الولايات المتحدة – GBU-57 – كلّف الولايات المتحدة ما بين 400 و500 مليون دولار. تكلفة كلّ قنبلة أقلّ قليلاً من 5 ملايين دولار. ونظراً إلى أن الأميركيين ألقوا 14 قنبلة من هذا النوع، فإن الحديث يدور حول نفقات إضافية تقارب الـ 70 مليون دولار. بالمناسبة، أُطلق أيضاً في الغارة الأميركية 24 صاروخ توماهوك، يبلغ سعر كلٍّ منها مليوني دولار.

من وجهة نظر أميركية، كانت الضربة في إيران عرضاً لقوة السلاح والتكنولوجيا الأميركية وعملية تسويق ناجحة لشركات عملاقة

وبالتالي، تقودنا الذخائر وتكلفة ساعات الطيران إلى إنفاق ما يزيد عن ربع مليار دولار. هذا كله لا يشمل تكاليف التطوير؛ لذا، من الصعب الوصول إلى أرقام دقيقة. في المحصلة النهائية، قامت الولايات المتحدة بتسيير أسطول جوي قيمته مليارات الدولارات إلى الشرق الأوسط، وأنفقت مئات ملايين الدولارات، واعتمدت على استثمارات بمليارات إضافية في تطوير وسائل قتالية متقدمة لإنزال الضربة النهائية على إيران، والتي مكّنت إسرائيل من التوصل إلى وقف إطلاق النار. هذه العملية لا يمكن أن تنفّذها إلّا قوة عظمى ذات ميزانية دفاع يُتوقع أن تصل إلى تريليون دولار سنوياً خلال فترة ولاية الرئيس دونالد ترامب.

اعتماد أمني واقتصادي

كانت المساعدة الأميركية في المعركة ضد إيران خاتمة لمسار استمر عاماً ونصف العام، بلغ خلالهما الاعتماد الأمني الإسرائيلي على الولايات المتحدة ذروته. فمن دون التدخل الأميركي، لا أحد يعلم كم كان سيستغرق الاشتباك بين إسرائيل وإيران من الوقت.

النتيجة هي أنه في اليوم التالي للهجوم، قد يحاول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن يصوّر نفسه كقائد إسرائيلي صنع التاريخ – لكن دولة إسرائيل باتت دولة تابعة للولايات المتحدة أكثر من أي وقت مضى، إذ أصبح اعتمادها الأمني والاقتصادي على الولايات المتحدة كاملاً.

ربما كان لدى عائلات المخطوفين والجمهور الإسرائيلي، في أغلبيته، أمل بأن يؤدي هذا الوضع إلى استخدام رئيس الولايات المتحدة نفوذه المالي على إسرائيل لإجبار نتنياهو على إنهاء القتال في غزة وإعادة المخطوفين على الرغم من مصلحة بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير في استمراره. لكن في الأيام الأخيرة، وفي تطوّر مفاجئ، يبدو كأن ترامب قرر استخدام هذا النفوذ المالي للضغط على الجهاز القضائي الإسرائيلي لوقف محاكمة بنيامين نتنياهو.

2.1 مليار دولار هذا هو سعر إنتاج كل واحدة من قاذفات B-2 السبع التي وُجّهت نحو إيران

بدت التغريدة الأولى لترامب بخصوص محاكمة نتنياهو كأن مَن كتبها أحد أنصار رئيس الوزراء واحتوت على تفاصيل، مثل دمية باغز باني والتي زُعم في محاكمة نتنياهو أنه طلب من الملياردير أرنون ميلشان تقديمها كهدية ليائير نتنياهو.

لكن تغريدة أمس كانت مختلفة. فللمرة الثانية منذ وقف إطلاق النار مع إيران، نشر ترامب في شبكته الاجتماعية TRUTH منشوراً، قال فيه إن محاكمة بنيامين نتنياهو يجب أن تتوقف لأنها “مطاردة ساحرات”، في رأيه، ولأن رئيس وزراء إسرائيل لديه عمل دبلوماسي مهم يجب أن يقوم به، واختار أن يذكر لماذا لديه الحق في المطالبة بذلك: “إن الولايات المتحدة تستثمر مليارات الدولارات سنوياً، أكثر كثيراً مما تستثمره في أيّ دولة أُخرى، من أجل حماية ودعم إسرائيل. لن نقبل ذلك”.

عملية تسويقية ناجحة

قالت مصادر مطّلعة على ما يجري في واشنطن في نهاية الأسبوع إنه لا يوجد كثير من الحديث في أروقة الإدارة الأميركية ولا في الرأي العام الأميركي بخصوص المساعدة الاقتصادية لإسرائيل والأموال التي أنفقها دافع الضرائب الأميركي خلال العام ونصف العام الماضيَين في حرب “السيوف الحديدية”.

من وجهة نظر أميركية، كانت الضربة في إيران عرضاً لقوة السلاح والتكنولوجيا الأميركية وعملية تسويق ناجحة لشركات عملاقة، مثل نورثروب غرومان، مصنّعة طائرة B-2، أو مصنّعة قنبلة GBU-57، “أم القنابل”. وحتى لو كانت هذه القاذفات أو القنابل تُعتبر سلاحاً استراتيجياً لا تبيعه الولايات المتحدة – فإن هذه الشركات ستجد طريقة لاستخدام العملية لترويج مبيعاتها.

أنفقت مئات ملايين الدولارات، واعتمدت على استثمارات بمليارات إضافية في تطوير وسائل قتالية متقدمة لإنزال الضربة النهائية على إيران

رحبت الصناعات الأميركية بالفرصة التي استُخدم فيها، لأول مرة، سلاح يوم القيامة الذي صنعته وبنجاح على ما يبدو. حتى الآن، هدّأ النجاح الخطاب الذي كان يدور في الولايات المتحدة في الأيام التي سبقت الضربة سواء في أقصى اليمين،  في الحزب الجمهوري، أو في أقصى اليسار، في الحزب الديمقراطي. كان الحديث يدور حول ما إذا كان الإسرائيليون يجرّون الأميركيين إلى حرب ليست حربهم في الشرق الأوسط، وهو ما أيقظ أشباحاً نائمة من أيام حرب الخليج الثانية – التي لا يزال الرأي العام الأميركي، في أغلبيته، يعتقد أن إسرائيل هي التي جرّت الولايات المتحدة إليها.

إلى جانب ذلك، يوجد داخل الإدارة “توقُّع أن نكون شاكرين، أو على الأقل، معترفين بالجميل لقاء الأموال التي استثمرتها الولايات المتحدة خلال الحرب في مساعدة إسرائيل، والتي تتجاوز ما استثمرته هنا خلال العقود الماضية،” هذا ما يقوله مصدر إسرائيلي يعمل في مجال العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة.

قدّر المصدر نفسه أن تغريدات ترامب لا تعكس خطة حقيقية من الإدارة الأميركية للتدخل في محاكمة نتنياهو. فعلياً، لا توجد طريقة تنفيذية يمكن لترامب القيام بذلك من خلالها سوى تقديم دعم معنوي للضغط على النظام القضائي من أجل التوصل إلى صفقة ادّعاء مع نتنياهو، عبر تغريدات إضافية.

من اللافت للانتباه أن ترامب اختار استخدام العصا المخفية المتمثلة في ذِكر المساعدة لإسرائيل، تحديداً في سياق المحاكمة. سواء فعل ذلك من تلقاء نفسه، أو نتيجة توجيهٍ من شخص مرتبط بما يجري في إسرائيل، فإن ربط المساعدة الأمنية لإسرائيل بإنهاء المحاكمة هو سلاح يوم القيامة في العلاقات الأميركية الإسرائيلية. وفي اللحظة التي يُستخدم خلالها بشكل جدي، سيتوجب على إسرائيل البدء بالتماشي مع أهواء رئيس الولايات المتحدة.

 

*كاتب إسرائيلي.. ترجمة مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

مواضيع ذات صلة

إيران تبدأ رحلة الانتقام: استعدّوا لاغتيالات في كردستان

لا شكّ أنّ الجمهورية الإسلامية ستلقّن القادة الأكراد درساً، فالسلطات الإيرانية تعتقد أنّه تمّ إدخال الطائرات المسيّرة المفكّكة إلى إيران، بالإضافة إلى مجموعة العملاء الإسرائيليّين…

العراق في قلب العاصفة: هل يسقط الصّبر الاستراتيجيّ؟

بعدما انقلبت موازين القوى في المنطقة رأساً على عقب، سيصعب على العراق تجنّب الانجرار إلى الاضطرابات. فما هي التحدّيات المحدقة؟ وكيف السبيل إلى الخروج بأقلّ…

خامنئي لن يتراجع: إنّها “حرب أبديّة”

يرى الباحث والعالم السياسي الأميركي من أصل إيراني المتخصّص في دراسات الشرق الأوسط وتاريخ الإسلام وليّ رضا نصر، ومؤلّف العديد من الكتب عن إيران أشهرها…

خبراء إسرائيليون يشرحون: أين أصبح المشروع النووي الإيراني الآن؟

في أعقاب القصف الذي استهدف منشآت نطنز وفوردو وأصفهان النووية، نُشرت تقارير عديدة، بعضها منسوب إلى مصادر رفيعة في المستويَين السياسي والعسكري في إسرائيل والولايات…