ملفّ الكويت… 10/10

مدة القراءة 7 د

ما بين التصريح والتلميح والإشارة والعبارة، تنوّعت مضامين مقالاتأساسالمرتبطة بتطوّرات الأوضاع في الكويت، منذ أكثر من سنة ونصف سنة، وأثبتت جميع المآلات أنّها كانت دقيقة وتعكس قراءة متأنّية للواقع السياسي والمشهد العامّ.

من مقالالكويت بين مجلسَيْن: انتخابات مبكّرة أو تعليق الحياة البرلمانيةالمنشور بتاريخ 20 آذار 2023، إلى مقالالكويتارتباك الخيارات المفتوحةالمنشور بتاريخ 6 أيار 2024، كلّ التحليلات كانت تقود إلى النتيجة التي آلت إليها الأمور في 10 أيار 2024، ليستحقّ الكاتب الزميل في “أساسعلامة 10/10 في متابعته للملفّ الكويتي.

في مقال “الكويت بين مجلسَيْن: انتخابات مبكّرة أو تعليق الحياة البرلمانية”، ورد ما حرفيّته: يرى مراقبون أنّ كلّ الخيارات واردة، وأنّ المسار يراوح بين سيناريوهَيْن:

– الأوّل: أن يُكمل مجلس الأمّة ولايته لمدّة سنتين، وتُجرى الانتخابات في موعدها الدستوري خلال 2025.

– الثاني: أن يتعذّر التفاهم بين مجلس الأمّة والحكومة، فيستتبع ذلك إمّا إجراء انتخابات مبكرة مجدّداً، وإمّا اللجوء إلى “الحلّ غير الدستوري”، أي تعليق الحياة البرلمانية لفترة محدّدة قد تكون سنتين.

في ذلك الوقت، كانت الأزمة محورها إبطال المحكمة الدستورية مجلس الأمّة المنتخَب في أيلول 2022 وإعادتها مجلس 2020 المُنحلّ لإكمال مدّته الدستورية المقدّرة بحوالي عامين.

أهمّية التحوّل الكبير في المشهد الذي أحدثه قرار المحكمة الدستورية حينذاك، هو إسقاط مفاعيل الانتخابات التي جاءت بعد أزمة سياسية وحالة من الانسداد لأفق التفاهم بين السلطتين التشريعية والتنيفيذية، وأهمّ هذه المفاعيل نجاح المعارضة في تحقيق الغالبية البرلمانية.

بعد ذلك في 19 نيسان 2023، نشر “أساس” مقالاً بعنوان “الكويت في “نفق” انتخابي جديد” ألقى فيه الضوء على عمق الأزمة، مع اللجوء إلى حلّ مجلس الأمّة مجدّداً، ليصبح مجلس 2020 منحلّاً مرّتين، خلال أقلّ من سنة.

 تغيّر المشهد في الكويت خلال ساعات قليلة، بعدما رفع الأمير “الكارت الأحمر” بوجه الحكومة، فخرجت من الملعب السياسي سريعاً. فيما كان الكارت الموجّه إلى مجلس الأمّة “أكثر من أصفر”

وورد في المقال:

“تريد القيادة السياسية الوصول إلى استقرار سياسي يُفسح المجال أمام الطاقات لإطلاق عجلة التنمية التي تواكب تطلّعات العصر والقفزات الهائلة للدول الجارة: السعودية والإمارات وقطر. لكنّ الطريق الذي يمرّ عبر الانتخابات يبدو وعراً وغير مضمون، لأنّ المقعد النيابي في الكويت لم يكن يوماً فقط للتشريع، بل هو جزء أساسي من أوراق القوّة السياسية للقوى والتيّارات وبعض القوى النافذة والشخصيّات من داخل الأسرة الحاكمة وخارجها”.

في المقال المنشور بتاريخ 9 حزيران 2023 بعنوان “الانتخابات الكويتية: المزاج الشعبي تغيّر“، ورد ما يلي: “أثبت الناخب الكويتي وجود تغيُّر كبير في مزاجه. فقد عكست النتائج وجود رغبة كبيرة في الاستقرار والابتعاد عن التأزيم، إذ تراجعت أرقام نواب شرسين…. فيما زادت أرقام نواب آخرين… وهذا يعني أنّ الشعب لا يؤيّد طرح ملفّات شعبوية غير قابلة للتنفيذ، وإنّما يريد الإنجاز والاستقرار”.

في 29 تموز 2023، ورد في المقال الذي حمل عنوان “الدستورية: رقصة التانغو في الكويت”: “لكنّ هذا الهدوء الحذر الذي يسود منذ الانتخابات الأخيرة التي جرت في 6 حزيران الماضي، لا يمكن البناء عليه لتحديد مسار مدّته 4 سنوات، فالتعاون الحكومي – النيابي القائم منذ أسابيع فرضته أجواء احتقان وظروف وتقاطعات ظرفية، لكنّ استمراره يحتاج إلى أكثر من وصلة تانغو واحدة… ربّما يحتاج إلى دورات تدريبية مكثّفة على الرقص في وضعيّات وأوقات مختلفة”.

في 5 تشرين الثاني 2023، نشر “أساس” مقالاً بعنوان “حكومة وبرلمان الكويت على أبواب الرحيل” تضمّن قراءة لخطاب ألقاه الشيخ مشعل الأحمد (كان وليّاً للعهد) في 31 تشرين الأول 2023، ووجّه فيه نقداً غير مسبوق للحكومة التي رأى أنّ أداءها لم يُحقّق ولم يُلامس طموحات وتطلّعات المواطنين، على الرغم من دعم القيادة السياسية لها… وقال أيضاً كلاماً قاسياً بحقّ السلطة التشريعية، محذّراً بعض النواب من الاتّجار باسم المواطنين لتحقيق مكاسب شخصية وهامشية، ونبّه من بعض تصرّفات هؤلاء التي أدّت إلى استياء شديد من المواطنين.

“رسم أمير الكويت الجديد الشيخ مشعل الأحمد سريعاً خطّ العهد الجديد، فقلب المشهد رأساً على عقب خلال ساعات قليلة

تضمّن المقال تحليلاً للخطاب وتوقّعات بعدم استمرار الحكومة والبرلمان طويلاً، وهو ما حدث بالفعل في وقت لاحق.

ممّا ورد أيضاً: “رأت مصادر مطّلعة أنّ الاستياء العارم الذي ورد في الرسائل، مردّه إلى رغبة الشيخ مشعل بتسريع عجلة التنمية، ووضع المشاريع الكبرى على سكّة التنفيذ، وإيجاد حلول جذرية لبعض الملفّات العالقة منذ سنوات، ووقف التراشق بين بعض النواب والوزراء، والخروج من حالة تصفية الحسابات الشخصية بما يسمح لعجلة الدولة بالدوران… لكن لا يبدو أنّ هذه الرغبات قابلة للتحقيق وفق الاستاتيكو الحالي”.

إثر ذلك، ومع تولّي الشيخ مشعل الأحمد مقاليد الحكم، نشر “أساس” مقالاً في 20 كانون الأول 2023، بعنوان “مشعل الكويت: الاستقرار المنضبط“، ألقى فيه الضوء على التوجّهات المحتملة للقيادة الجديدة، وتلاه مقال في 22 كانون الأول 2023 بعنوان “الكويت: بالعلاج بالصدمات الأميرية“، تضمّن قراءة دقيقة لما ستؤول إليه الأمور بعد أشهر، إذ ورد فيه:

“رسم أمير الكويت الجديد الشيخ مشعل الأحمد سريعاً خطّ العهد الجديد، فقلب المشهد رأساً على عقب خلال ساعات قليلة.

بلا قفّازات أو مجاملات أو عبارات مُغلّفة بالدبلوماسية، قال الأمير إنّه أطاعَ شقيقه الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد في جميع القرارات والتعليمات، من دون أيّ اعتراض، على الرغم من عدم اقتناعه ببعضها”.

هكذا صدَمَ الأمير الوزراء والنواب وحتى الضيوف الحاضرين في مجلس الأمّة، فبدا الذهول واضحاً على كثير منهم أثناء النقل المباشر على الهواء.

كان للخطاب وقع الزلزال، إذ لم تمرّ ساعة حتى طالت ارتداداته الحكومة التي سارع رئيسها الشيخ أحمد النواف إلى رفع استقالتها إلى الأمير، الذي قبلها على الفور.

هكذا تغيّر المشهد في الكويت خلال ساعات قليلة، بعدما رفع الأمير “الكارت الأحمر” بوجه الحكومة، فخرجت من الملعب السياسي سريعاً. فيما كان الكارت الموجّه إلى مجلس الأمّة “أكثر من أصفر” على خلفيّة “الصفقات” التي أبرمها مع الحكومة، وهو ما يعني أنّ رحيله بعدها ليس مستبعداً.

فُتحت صفحة جديدة في تاريخ الكويت، ليستحقّ الكاتب الزميل نايف سالم علامة 10/10 في تغطيته للملفّ الكويتي

رأى البعض أنّ ما جرى يشبه “العلاج بالصدمة”، وأنّ الوجوم الذي بدا على وجوه الوزراء والنواب خلال الجلسة يعكس حقيقة الواقع وحجم المفاجأة.

يهمس البعض بأنّ المشهد الجديد لن يرتسم بكُلّيّته قبل الصيف المقبل.

بالفعل، وفق المعطيات الحالية، بقي المشهد ضبابياً حتى انجلى في 10 أيار الماضي مع القرارات التاريخية التي اتّخذها الأمير بحلّ مجلس الأمّة قبل أن يُقسم أعضاؤه، مع وقف عدد من موادّ الدستور المرتبطة بعمل السلطة التشريعية لمدّة لا تزيد على 4 سنوات.

في 18 كانون الثاني 2024، حمل المقال بعنوان “حكومة الكويت الجديدة مُقدّمة لحلّ البرلمان” إشارات واضحة إلى أنّ الحكومة التي شُكّلت في ذلك الوقت لا يمكن أن تستمرّ طويلاً، وأنّ مجلس الأمّة سيتمّ حلّه، وهو ما حدث بالفعل في 15 شباط 2024 وأضاء عليه “أساس” في مقاله التالي بعنوان “نهج الآباء والأجداد يحلّ مجلس الأمّة”.

شكّل المقال المنشور في 6 أيار 2024 بعنوان “الكويت.. ارتباك مرحلة الخيارات المفتوحة” أحد أدّق المقالات التي استشرفت ما حدث لاحقاً، حيث ورد فيه: “تشير المعطيات إلى أنّ المرحلة الحالية هي مرحلة الخيارات المفتوحة. فيما يروج حديث كثير عن سيناريوهات غير تقليدية محتملة”.

إقرأ أيضاً: أمير الكويت علّق “بعض” الدستور: الديمقراطية تتطلّب تنظيم السلطات

بالفعل، حدث في 10 أيار 2024 ما هو غير تقليدي، وفُتحت صفحة جديدة في تاريخ الكويت، ليستحقّ الكاتب الزميل نايف سالم علامة 10/10 في تغطيته للملفّ الكويتي.

مواضيع ذات صلة

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…

الليلة الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”..

تحملُ ليلة هروب رئيس النّظام السّوريّ المخلوع بشّار حافظ الأسد قصصاً وروايات مُتعدّدة عن تفاصيل السّاعات الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”، قبل أن يتركَ العاصمة السّوريّة دمشق…

فرنجيّة وجنبلاط: هل لاحت “كلمة السّرّ” الرّئاسيّة دوليّاً؟

أعلن “اللقاءُ الديمقراطي” من دارة كليمنصو تبنّي ترشيح قائد الجيش جوزف عون لرئاسة الجمهورية. وفي هذا الإعلان اختراق كبير حقّقه جنبلاط للبدء بفتح الطريق أمام…