الانتخابات الكويتية: المزاج الشعبي تغيّر..

مدة القراءة 5 د

يبدو أنّ نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في الكويت الثلاثاء الماضي لن تكون كفيلة بتغيير المشهد السياسي، من التناحر والتعقيد إلى الوفاق والاستقرار. بل إنّ البعض يرى أنّه آيلٌ إلى تأزيمٍ في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، إلا إذا تغيّر نهج أحدهما على الأقلّ.

أثبَتَ الشعب الكويتي أنّ هناك تغيُّراً كبيراً في مزاجه على الرغم من أنّ النتائج لم تحمل مفاجآت كثيرة أو كبرى. فالأسماء لم تتغيّر كثيراً عن المجلس السابق الذي انتُخب في أيلول 2022 وأبطلته المحكمة الدستورية في آذار 2023.

ربّما تكون المفاجأة الوحيدة هي نسبة الإقبال، إذ إنّ التوقّعات كانت تشير إلى أنّها بحدود 40 في المئة، في حين أنّها سجّلت أكثر من 50 في المئة.

يبدو أنّ نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في الكويت الثلاثاء الماضي لن تكون كفيلة بتغيير المشهد السياسي، من التناحر والتعقيد إلى الوفاق والاستقرار

في المحصّلة، حافظ 38 نائباً (من أصل 50) على مقاعدهم، فيما دخلت 10 وجوه جديدة، وعاد اثنان هما فايز الجمهور، الذي كان نائباً في مجلس 2020 وترشّح في 2022 ولم يفُز، ومرزوق الغانم الذي كان رئيساً للمجلس في 2020 ولم يترشّح في 2022.

يعني ذلك أنّ الأغلبية التي كانت في مجلس 2022 عادت في مجلس 2023، لكن بصورة مختلفة، علماً أنّ مكوّنات هذه الأغلبية لا تشكّل كتلة واحدة متّسقة ومتوافقة على مشروع أو مشاريع جماعية، بل تلتقي على بعض العناوين والملفّات والمطالب الفردية.

أمام هذا الواقع، ستكون الحكومة الجديدة التي سيتمّ تشكيلها في الأيام القليلة المقبلة أمام مجلس ربّما يكون أكثر شراسة من المجلس السابق، مع فارق أنّ النواب الفائزين سيفكّرون مليّاً قبل “الانقضاض” على الحكومة، لأنّه لا أحد منهم يريد خوض انتخابات جديدة إذا آلت الأمور إلى حلٍّ جديدٍ للمجلس.

ما هي الفوارق بين المجلسين؟

مع ظهور النتائج الرسمية، يمكن ملاحظة المفارقات التالية:

– أثبت الناخب الكويتي وجود تغيُّر كبير في مزاجه. فقد عكست النتائج وجود رغبة كبيرة في الاستقرار والابتعاد عن التأزيم، إذ تراجعت أرقام نواب شرسين كانوا على سبيل المثال مؤيّدين لإسقاط القروض، فيما زادت أرقام نواب آخرين كانوا معارضين لإسقاط القروض. وهذا يعني أنّ الشعب لا يؤيّد طرح ملفّات شعبوية غير قابلة للتنفيذ، وإنّما يريد الإنجاز والاستقرار.

– بلغت نسبة التغيير الإجمالية 24 في المئة، مع خروج 12 نائباً، بعضهم من الأسماء الثقيلة، مثل ثامر السويط وعبيد الوسمي وصالح عاشور والصيفي الصيفي.

– يبدو أنّه لا فرصة لمرزوق الغانم للفوز برئاسة المجلس، ومن المرجّح ألّا يخوض انتخاباتها أصلاً، لأنّه يبدو أنّها محسومة للمُخضرم أحمد السعدون.

– تشير المعطيات إلى أنّ الغانم الذي سجّل رقماً كبيراً وتصدّر القائمة في دائرته، سيكون لاعباً أساسياً في المشهد خلال الفترة المقبلة، إذ بدا أنّه يتحرّك ضمن خريطة واضحة، سواء كان في مقعد الرئاسة أو في مقاعد النواب، وهو يرى أنّ الاستقرار رهن بتشكيل حكومة كفاءات وأن يكون أداؤها ضمن برنامج عمل واضح يتضمّن الملفّات الأساسية التي تهمّ المواطن من جهة وتدفع بالتنمية من جهة ثانية. بناء على ذلك، سيرصد الغانم المشهد السياسي وحركة الحكومة الجديدة في ظلّ قدرته على تشكيل كتلة معارضة تُزعج الحكومة وقد تُسقط بعضاً من وزرائها.

أثبَتَ الشعب الكويتي أنّ هناك تغيُّراً كبيراً في مزاجه على الرغم من أنّ النتائج لم تحمل مفاجآت كثيرة أو كبرى. فالأسماء لم تتغيّر كثيراً عن المجلس السابق الذي انتُخب في أيلول 2022 وأبطلته المحكمة الدستورية في آذار 2023

الشيعة والإسلاميون.. والقبائل

– في المقلب الآخر، ستعكس تشكيلة الحكومة الجديدة كيفيّة قراءتها للمشهد السياسي وما أفرزته نتائج الانتخابات، فيما هي تحتاج إلى عاملين أساسيَّين للاستقرار: الأوّل يتمثّل في وضع خطط للعمل وإنجاز المشاريع، والثاني توزير عدد كبير من النواب لضمان وجود غالبية مؤيّدة لها في حال وجود مطبّات (دستورياً الحكومة مُلزمة بتعيين نائب مُنتخب واحد على الأقلّ يسمّى “مُحللاً”، فيما تشير الترجيحات إلى إمكانية توزير 3 أو 4 نواب).

– من مفارقات النتائج أنّ غالبية النواب الشيعة الذين فازوا هم من المستقلّين، ولا ينتمون إلى جمعيات أو توجّهات معيّنة، علماً أنّ عددهم الإجمالي انخفض من 9 إلى 7.

– في المقابل، عزّز الإسلاميون مواقعهم مع نيلهم على الأقلّ 15 مقعداً توزّعت ما بين “إخوان” وسلفيّين ومستقلّين.

– عزّز أيضاً النواب القبليّون مواقعهم مع حصولهم على 23 مقعداً (4 للعوازم، 4 للمطران، 4 للعجمان، 3 للرشايدة، 3 لعنزة، 2 للعتبان، 2 للهواجر، 1 لشمّر).

– حافظ “الإخوان” على مقاعدهم، مع فوز 3 نواب رسميين ونحو 4 إلى 5 “غير مُعلنين”.

– انخفض تمثيل النساء من اثنتين إلى واحدة، وهو أمر كان متوقّعاً لأنّ المرأة في الكويت لم تنجح حتى الآن في الحصول على ثقة العنصر النسائي، إذ تميل غالبيّة النساء إلى إعطاء أصواتهنّ لمرشّحين لا لمرشّحات.

إقرأ أيضاً: “الذئاب المنفردة” تحسم انتخابات الكويت

يوم الثلاثاء في 20 حزيران الجاري، ستُعقد الجلسة الافتتاحية لمجلس الأمّة الجديد، وقبلها سيتمّ تشكيل الحكومة، التي سيتّضح من خلال تشكيلتها مدى استطاعتها إرضاء الغالبية من النواب، فيما سيظهر لاحقاً من انتخابات اللجان ومسار الأمور أحد اتجاهين: توجّه السلطة التشريعية نحو الهدوء خوفاً من تأزيم جديد، أو تكون العودة إلى المربّع الأول أمراً لا مفرّ منه.

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…