بايدن وترامب: مَن “الكذّاب” أكثر؟

مدة القراءة 4 د

أيّ الرئيسين كذب على العالم، وتحديداً على الشعب الأميركي، أكثر من الآخر: الرئيس السابق دونالد ترامب أم الرئيس الحالي جو بايدن؟

قامت مؤسّسات إعلامية واجتماعية أميركية بالدراسة وخرجت بالأرقام التالية:

أوّلاً: بالنسبة إلى الرئيس ترامب، تؤكّد الدراسة التي أجرتها صحيفة “واشنطن بوست” أنّه كذب خلال سنوات حكمه الأربع في البيت الأبيض 30,573 مرّة.

ثانياً: بالنسبة إلى الرئيس بايدن، بلغ عدد الكذبات التي أكّدتها دراسة أخرى أجرتها محطة تلفزيون فوكس للأخبار، 500 كذبة حتى الآن.

الجدير ذكره أنّ صحيفة “واشنطن بوست” كانت معارضة لترامب، وأنّ محطة فوكس التلفزيونية معارضة لبايدن.

حرصت الدراستان الإحصائيّتان على تقديم النصوص التي تناولها الكذب، وعلى تحديد تواريخها ومناسباتها، منعاً لأيّ ادّعاء بالافتراء.

البالون الصيني وحّد الحزبين الديمقراطي والجمهوري على أساس أنّه بالون تجسّسي. لكن عندما تبيّن أنّه لم يكن كذلك، بدت تهمة التجسّس “كذبة كبرى مشتركة”

بايدن والكذب “الأبيض”

الفرق بين مجموعتَيْ الكذب هو أنّ مجموعة الرئيس السابق ترامب أكثر دسامة وأشدّ إثارة. أمّا مجموعة الرئيس الحالي بايدن فإنّ معظمها يرجع إلى كبر سنّه (تجاوز الثمانين). ومن ذلك مثلاً أنّه في مناسبات رسمية يسمّي نائبة الرئيس كامالا هاريس بأنّها “رئيس الولايات المتحدة”. ومنها أيضاً وصفه رئيس الأكثريّة في الكونغرس الأميركي شاك شومر بأنّه “رئيس الأقليّة”. وربّما أكثر ما يثير السخرية من “كذبه الأبيض”، ادّعاؤه أنّ ولاية ديلاوير التي يمثّلها تفتقر كثيراً إلى “ديك الحبش” الذي يقدَّم على مائدة عيد الشكر في الولايات المتحدة، وأنّها غنيّة فقط بالدجاج، والواقع هو أنّ العكس هو الصحيح.

تبدو “أكاذيب” الرئيس بايدن بيضاء إذا ما قورنت بأكاذيب ترامب. وقد تعود إلى كبر سنّه وليس بالضرورة إلى محاولة تزوير وتغيير الحقائق، على عكس الأكاذيب المنسوبة إلى سلفه. مع ذلك تشير استطلاعات الرأي إلى أنّ الرئيس بايدن لم يحقّق شيئاً يُذكر طوال سنوات حكمه سوى إعادة توحيد دول الحلف الأطلسي على قاعدة الحرب ضدّ روسيا في أوكرانيا. وقد انخفضت نسبة مؤيّديه من 44% عندما تولّى السلطة إلى 23% في الوقت الحاضر.

فشل بايدن

تبيِّن دراسة إحصائية أجرتها “واشنطن بوست” أنّ 62% من الأميركيين يعتقدون الآن أنّ الرئيس بايدن لم يحقّق شيئاً يُذكر طوال سنوات حكمه حتى الآن.

أمّا القضايا الأساسية التي تواجهها الولايات المتحدة والتي يُفترض أن تتصدّر سلّم أولويّات الرئيس فهي: معالجة مضاعفات التغيّر المناخي التي تظهر في حرائق الغابات (كاليفورنيا) والأعاصير المدمّرة (فلوريدا) وزحف الكتل الثلجية جنوباً، ومكافحة الأمراض الوبائية (كورونا). ويتقدّم هذه كلّها الأمن الوطني، انطلاقاً من الحرب الأوكرانية.

عندما أعلن الرئيس بايدن بناء “اقتصاد وطني لن يترك أيّ أميركي في حالة تخلّف عن الركب”، اعتبر كثير من الأميركيين أنّ هذه “كذبة كبرى”. فالرئيس لا يزال عاجزاً عن وقف تقليد بيع الأسلحة الأوتوماتيكية في السوبرماركت على الرغم من تعدّد حوادث القتل الجماعي في الشوارع والأندية وحتى في المدارس.

البنية التحتيّة وأوكرانيا

أقرّ الكونغرس موازنة لتطوير البنية التحتية من جسور وطرق وأنفاق تبلغ 2.1 تريليون (ألف مليون) دولار. ويُتوقّع أن يكتمل تنفيذ الخطة في عام 2026، لكنّ الحرب الأوكرانية التهمت معظم هذه الأموال. ولا تزال هذه الحرب تستنزف الخزانة الأميركية. ولا يزال الاقتصاد الروسي واقفاً على رجليه على الرغم من المقاطعة الشديدة، وبوتين في الكرملين على الرغم من كلّ الحسابات السياسية التي توقّعت أن يحدث العكس.

إقرأ أيضاً: تعويضات لأوكرانيا ما بعد الحرب.. متى فلسطين؟

لذلك بدت نداءات الرئيس بايدن الداعية إلى الوحدة (بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري) وكأنّها صرخة في وادٍ أو صدى لمحاولات سابقة متعثّرة، تُضاف إلى لائحة الاتّهامات بالكذب. حتى الحزب الجمهوري يحتاج إلى إعادة بناء وحدته بين المعتدلين والمتشدّدين. ولا يزال الرئيس السابق ترامب يلعب دوراً تعطيليّاً للجهود التي يقوم بها زعيم الأكثرية الجمهورية ماكارثي.

البالون الصيني وحّد الحزبين الديمقراطي والجمهوري على أساس أنّه بالون تجسّسي. لكن عندما تبيّن أنّه لم يكن كذلك، بدت تهمة التجسّس “كذبة كبرى مشتركة”.

مواضيع ذات صلة

“استقلال” لبنان: سيادة دوليّة بدل الإيرانيّة أو الإسرائيليّة

محطّات كثيرة ترافق مفاوضات آموس هوكستين على وقف النار في لبنان، الذي مرّت أمس الذكرى الـ81 لاستقلاله في أسوأ ظروف لانتهاك سيادته. يصعب تصور نجاح…

فلسطين: متى تنشأ “المقاومة” الجديدة؟

غزة التي تحارب حماس على أرضها هي أصغر بقعة جغرافية وقعت عليها حرب. ذلك يمكن تحمّله لسنوات، لو كانت الإمدادات التسليحيّة والتموينية متاحة عبر اتصال…

السّودان: مأساة أكبر من غزّة ولبنان

سرقت أضواء جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة، وجرائم التدمير المنهجي التي ترتكبها في مدن لبنان وقراه، الأنظار عن أكبر جريمة ضدّ الإنسانية…

على باب الاستقلال الثّالث

في كلّ عام من تشرين الثاني يستعيد اللبنانيون حكايا لا أسانيد لها عن الاستقلال الذي نالوه من فرنسا. فيما اجتماعهم الوطني والأهليّ لا يزال يرتكس…