متى يتخلّى عبّاس عن صلاحياته للشيخ؟

مدة القراءة 5 د

مهّد الرئيس الفلسطينيّ محمود عبّاس أمام نائبه حسين الشيخ، الطريق لبلوغ رئاسة السلطة من بعده، بإصداره الأحد 26 اكتوبر/تشرين الأول إعلاناً دستورياً، ينصّ على أنّه “في حال شغور منصب رئيس السلطة الفلسطينيّة، في حالة عدم وجود المجلس التشريعي، يتولّى نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظّمة التحرير، نائب رئيس دولة فلسطين، مهامّ رئاسة السلطة الوطنيّة مؤقتاً، لمدّة لا تزيد على تسعين يوماً، تُجرى خلالها انتخابات حرّة ومباشرة لانتخاب رئيس جديد، وفقاً لقانون الانتخابات الفلسطيني، وفي حال تعذّر إجراؤها خلال تلك المدّة لقوة قاهرة تمدّد بقرار من المجلس المركزيّ الفلسطيني لفترة أخرى، ولمرّة واحدة فقط”.

 

يعدّ هذا المرسوم الرئاسي تتويجاً مبكراً للشيخ في رئاسة السلطة، يضاف لجملة قرارات ومراسيم وتعيينات أصدرها الرئيس عبّاس خلال السنوات الماضية، تصبّ كلها في صالحه، ما جعلته أكثر من يتبوّأ المناصب الحسّاسة في مؤسسات السلطة، والأكثر حظوظاً لملء منصب الرئيس.

يبدو أنّ الشيخ حسم الكثير من معارك الخلافة التي كانت تدور في صمت في كواليس وصالونات السياسة الفلسطينيّة. وهذا الحسم لا يتعلق فقط بالوضع الداخليّ وتفوقه على منافسيه من الطامحين بالمنصب، جرّاء الحظوة التي لديه عند الرئيس عبّاس، بل كذلك جرّاء قبوله عربياً وإقليمياً ودولياً، خلال الشهور الماضية.

رحلة صعود الشيخ مرّت بمراحل ومحطات متفرقة، لكن بدايتها تعود إلى عام 2009 حين جرى انتخابه عضواً في اللجنة المركزية لحركة فتح وهي أعلى هيئة قيادية بالحركة، بينما كانت ورقة “الجوكر” في يديه والتي حافظ عليها لسنوات، في رئاسة هيئة الشؤون المدنية والتي تتولّى التواصل والتنسيق مع الجانب الإسرائيلي في كافة القضايا.

ترامب قال إنّه لا يرى أنّ الرئيس عباس قادراً على حكم غزة

الدائرة المغلقة حول الرئيس

منذ عام 2017، أصبح الشيخ أحد أقرب الشخصيات إلى الرئيس عبّاس، إلى جانب رئيس جهاز المخابرات ماجد فرج، وقد شكّلا “دائرة مغلقة” حول الرئيس، في صنع القرار.

قبل عام 2019، لم يكن الشيخ يُعتبر طَموحاً بارزاً أو اسماً صاعداً في السياسة الفلسطينية، لكن منذ ذلك الحين، أصبح حضوره أساسياً في معظم مواقف قيادة السلطة، وتحوّل إلى الواجهة التي تنقل وتعلن أخبار القيادة، مع حضور دائم في تحركات الرئيس.

بدأ التمهيد الفعليّ لحسين الشيخ لمنصب رئاسة السلطة عام 2022، حين انتخب عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ومن ثم تعيينه أمين سرّ اللجنة، ورئيس دائرة شؤون المفاوضات، خلفاً لصائب عريقات، لينطلق بعدها في عمل دبلوماسي وسياسي، أسهمت في تعزيز علاقة الشيخ مع المسؤولين الأميركيين، وعلى أثرها عقد اجتماعات مع كبار المسؤولين الأميركيين، كانت الأولى من نوعها منذ خمس سنوات.

الرئيس عبّاس

في خضم خطة الإصلاحات التي طلبتها الدول الأوروبية وبعض الدول العربية من السلطة الفلسطينية جرى تعيين حسين الشيخ في 2025 “نائباً لرئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ونائباً لرئيس دولة فلسطين”، وهو المنصب الذي سيخوّله بموجب المرسوم الرئاسي الجديد للوصول إلى رئاسة السلطة الفلسطينية.

قال الباحث في قضايا الحكم والسياسة، ومدير مركز ثبات للبحوث جهاد حرب لـ”أساس” إنّ حسين الشيخ بات الأكثر حظاً في الوصول إلى رئاسة السلطة.

أضاف حرب “قد تكون هذه الخطوة الأخيرة، اذ لم يعد هناك متسع أمام الرئيس عباس للمناورة امام الضغوطات الخارجية”، لافتاً إلى “أنّ هناك عوامل متعددة أوصلت الشيخ إلى هذه المكانة، ومنها قرب الشيخ من الرئيس عباس على مدار السنوات الماضية، وعضويته في اللجنة المركزية في حركة فتح ومنصبه في هيئة الشؤون المدنية، وتقدّم الرئيس عبّاس في العمر، والضغوط الخارجية”، وهي جميعها ساعدت في وصول الشيخ إلى هذا المنصب”.

منذ عام 2017، أصبح الشيخ أحد أقرب الشخصيات إلى الرئيس عبّاس

الشيخ حسمها

لطالما استحوذت خلافة أبو مازن على اهتمامات وسائل الاعلام، وباتت ملفاً دائم الحضور يعرف بـ”ملف الخلافة” يجري في إطاره تناقل عدة أسماء متنافسين. لكن الشيخ حسمها أو بات في الأمتار الأخيرة. اذ يقول حرب “أعتقد أنّ الشيخ بات الأقرب للحسم. لكنه لم يحسم نهائياً. الإجراءات المطلوبة لاختيار رئيس المنظمة هو بقرار من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وبالتالي الشيخ بات الأقرب لتبوأ هذا المنصب على الرغم من وجود تيارات أو مراكز قوة لا ترغب في ذلك”.

لفت حرب إلى “أنّ التحليلات التي تصب لصالح الشيخ في الوقت الراهن، تتعلق بمؤشرات آنية، لكن ذلك قد يتغيّر مع بروز متغيرات أخرى على الساحة الفلسطينية، مثل الافراج عن عضو مركزية فتح مروان البرغوثي، الأمر الذي قد يحدث تغييراً في مراكز القوى داخل حركة فتح، وبالتالي تتغير السيناريوهات والتوقعات بالجملة”.

كان لافتاً أنّ المرسوم الرئاسي صدر بعد أيام فقط من تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي قال إنّه سينظر بإمكانية الافراج عن البرغوثي، القيادي البارز في حركة فتح، والذي تشير جميع استطلاعات الرأي إلى أنّه الأوفر حظاً والأكثر شعبياً لقيادة السلطة الفلسطينية، خصوصاً أنّ ترامب قال إنّه لا يرى أنّ الرئيس عباس قادراً على حكم غزة.

إقرأ أيضاً: القاهرة تجمع الفلسطينيّين: الوحدة أو الضّياع

يعتقد البعض أنّ مرسوم الرئيس في هذا التوقيت هو لقطع الطريق على أي تدخلات قد تحدث، وترتيب ملف رئاسة السلطة كما يرغب. وقد يكون تمهيداً من قبله لاعتزال الحياة السياسية أو بدء تسليم المهمات لنائبه. اذ قال حرب “الرئيس بعد هذا العمر الطويل في العمل السياسي، قد يفوض بعض صلاحياته لنائبه، وقد يقرّر الانسحاب من الحياة العامة من أجل إتاحة الفرصة لرئيس جديد لتولي المهام الصعبة، وهذا سيناريو يمكن أن يحدث”.

مواضيع ذات صلة

“القوّات” تشنّ حرباً على العهد: كونوا كأفيخاي!

قانونيّاً، ودستوريّاً، لم يعُد للحكومة أيّ دور في شأن تحديد مسار قانون الانتخاب. لكنّ حزب القوّات اللبنانيّة، كالعادة، يواظب على سياستها بما يكفي لإبقاء التوتّر…

لبنان يطمر رأسه في الرمال

في الوقت نفسه، حصلت زيارتان دوليتان: الأولى للرئيس السوري أحمد الشّرع الذي اتّخذ مساراً لبلاده أوصله إلى لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والثانية للرئيس اللبناني…

هل يَطرح “الثّنائيّ الشّيعيّ” الثّقة بحكومة نوّاف سلام؟

مُجدّداً، رُميت الكرة في ملعب الرئيس نبيه برّي في ما يخصّ التعديلات على قانون الانتخاب. تسوية أو مواجهة قاسية تهدّد بتطيير الانتخابات؟ وفق معلومات تسرّبت…

اجتماع “الميكانيزم” الـ13: خرائط مخازن السلاح المخفيّة

تعقد لجنة “الميكانيزم” اجتماعها الثالث عشر اليوم الأربعاء في الناقورة، من دون حضور المستشارة مورغان أورتاغوس، وسط تصعيد إسرائيليّ ملحوظ وخطير في وتيرة الاعتداءات والاغتيالات وتفجير…