اجتماع طهران.. وقرار إسرائيل

مدة القراءة 3 د

انعقدت الثلاثاء الماضي في طهران قمّة ثلاثيّة جمعت كلّاً من إيران وتركيا وروسيا، ولم ينتج عنها شيء يُذكَر، ويبدو أنّها كانت قمّة التقاط الصور للقول إنّ إيران وروسيا ليستا معزولتين دوليّاً.

تركّز الحديث، قبل القمّة وأثناءها، عن سوريا والمسار العسكري التركي المحتمَل فيها، ولم ينتج عن تلك القمّة ما يوحي بتحقيق تقدُّم، أو تفاهمات بين الدول غير العربية الثلاث.

أقول غير العربيّة لأنّه من السخرية أنّ ثلاثتهم، تركيا وإيران وروسيا، كانوا يتحدّثون عن السيادة السورية، فيما لم يكن الطرف السوري العربي ممثَّلاً في الاجتماع، وفي حين أنّ اثنتين من الدول الثلاث تلك هما دولتان محتلّتان لسوريا.

قوّة روسيا وإيران وتركيا، حيثما وُجدوا، هي قوّة تدمير وتشويش وخلق فوضى من دون تحقيق استقرار حقيقي

يحتلّ الإيرانيون والروس سوريا، ويُبقون مجرمَ دمشق في كرسي الحكم بالقوّة، بينما يهدّد التركي بالقيام بعمليّة عسكرية في الأراضي السورية. وفي الغالب أنّ الرئيس التركي حضر تلك القمّة لمعرفة المقبول وغير المقبول في تدخّله العسكري المحتمَل.

عندما نقول سخرية فليس في الأمر مبالغة، إذ إنّ إسرائيل، مثلاً، لا تكترث بتلك الدول الثلاث، وتواصل عمليّاتها المستمرّة في سوريا، وآخِرتها قبل يومين، حين استهدفت مواقع في دمشق.

لا تقف السخرية عند هذا الحدّ، فإيران التي تحتلّ سوريا دفاعاً عن بشار الأسد، وتصوِّر نفسها أنّها معقل المقاومة والممانعة، قامت إسرائيل قبل أيام باستجواب مسؤول كبير بالحرس الثوري، يُدعى يد الله خدماتي، داخل إيران نفسها.

ليست هذه العمليّة الأولى، بل هي الثانية التي يقوم بها الموساد من أجل استجواب قيادي بالحرس الثوري داخل إيران نفسها، وهي مسجّلة بالصورة والصوت، وقد أُطلق سراحه بعد التحقيق معه، وعاد إلى منزله بعد اعترافه بنقل أسلحة إلى سوريا والعراق ولبنان واليمن، بحسب صحيفة “جيروزاليم بوست”.

 عليه يتبيّن أنّ اجتماع طهران هذا هو قمّة مَن لا يملك ولا يقدر أن يحقّق شيئاً إلا الخراب وتدمير سوريا، والواضح أنّه كان اجتماع التقاط صور، وإرسال رسالة مفادها أنّ العواصم الثلاث تلك ما تزال تتحكّم بقواعد اللعبة.

الحقيقة أن لا أحد يكترث الآن بالأزمة السورية، على الصعيد الدولي، ولا حلول عربية حقيقية، ولا حلول عمليّة لدى كلّ من روسيا المتورّطة في أوكرانيا، ولذلك ليست سوريا على سلّم أولويّاتها الآن.

بالنسبة إلى الأتراك فإنّ لقواعد اللعبة في سوريا حدوداً مهما تهوّرت أنقرة بالعملية العسكرية المتوقّعة. وبالنسبة إلى الإيرانيين فإنّ أيّ مكسب متوقّع في سوريا ما هو إلا حمل وعبء سياسيّان متزايدان على طهران.

أبسط مثال على ذلك العبء هو أنّ الوجود الإيراني في سوريا يعرِّض طهران وميليشياتها، وتحديداً حزب الله، للاستهداف الإسرائيلي المستمرّ هناك، ويشتِّت تركيزها بين دمشق وبيروت في الوقت نفسه.

إقرأ أيضاً: قمّتا جُدّة وطهران: لبنان التائه عن التحوّلات

ما يجب أن نتذكّره هنا هو أنّ قوّة روسيا وإيران وتركيا، حيثما وُجدوا، هي قوّة تدمير وتشويش وخلق فوضى من دون تحقيق استقرار حقيقي.

لذا كانت قمّة طهران قمّة فاشلة لم ينتج عنها شيء عدا التقاط الصور، ورسالة دعائية مفادها أنّ الدول الثلاث موجودة. والحقيقة أنّ ما يفرِّق بينهم أكثر ممّا يجمع بكثير.

مواضيع ذات صلة

تركيا في الامتحان السّوريّ… كقوّة اعتدال؟

كان عام 2024 عام تغيّر خريطة الشرق الأوسط على أرض الواقع بعيداً عن الأوهام والرغبات التي روّج لها ما يسمّى “محور الممانعة” الذي قادته “الجمهوريّة…

ردّاً على خامنئي: سوريا تطالب إيران بـ300 مليار دولار

 أفضل ما كان بمقدور إيران وقياداتها أن تقوم به في هذه المرحلة هو ترجيح الصمت والاكتفاء بمراقبة ما يجري في سوريا والمنطقة، ومراجعة سياساتها، والبحث…

إسرائيل بين نارين: إضعاف إيران أم السُنّة؟

الاعتقاد الذي كان سائداً في إسرائيل أنّ “الإيرانيين لا يزالون قوّة مهيمنة في المنطقة”، يبدو أنّه صار من زمن مضى بعد خروجهم من سوريا. قراءة…

تركيا والعرب في سوريا: “مرج دابق” أم “سكّة الحجاز”؟

الأرجح أنّ وزير الخارجية التركي هاكان فيدان كان يتوقّع أن يستقبله أحمد الشرع في دمشق بعناقٍ يتجاوز البروتوكول، فهو يعرفه جيّداً من قبل أن يكشف…