الرئيس آخر من يعلم!

مدة القراءة 3 د

أكد محمد جواد ظريف، وزير خارجية إيران السابق، رواية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بأنَّ الإيرانيين أبلغوا واشنطن بعملية “عين الأسد”. التي استهدفت مقر القوات الأميركية بمحافظة الأنبار غرب بغداد قبل تنفيذها انتقاماً لمقتل قاسم سليماني عام 2020.

وقال ظريف في كتابه الجديد “عمق الصبر” أنَّ آخر قرار اطلع عليه بعد اغتيال سليماني، هو أنه “لا عجلة في الانتقام والطريقة الأكثر تأثيراً هي ما تجري متابعته دوماً من الحزب. أي فرض الشروط الاستنزافية للتأهب على قوات الطرف الآخر”.

وأضاف ظريف، الذي سبق أن اشتكى بتسجيل صوتي مسرب عام 2021 من سطوة الحرس الثوري، أن “الأميركيين علموا بالهجوم من رئيس الوزراء العراقي الأسبق عادل عبد المهدي، قبل الرئيس حسن روحاني ووزارة الخارجية”. حسناً، ما أهمية رواية ظريف هذه؟

عملية "عين الأسد"

الحقيقة هناك عدة نقاط مهمة، وتؤكد المؤكد في كيفية اتخاذ القرار في إيران، وعلاقة السياسيين هناك بالحرس الثوري:

أولاً: ظريف أكد رواية ترمب بأن الإيرانيين أبلغوا الأميركيين بعملية “عين الأسد” قبل حدوثها. وناقض بذلك النفي الذي قدمه الأمين العام السابق لمجلس الأمن القومي علي شمخاني حين قال إن اتصال بلاده بأميركا قبل الهجوم الصاروخي “محض أكاذيب”.

–  ثانياً: تثبت رواية ظريف هذه أن الرئيس الإيراني هو آخر من يعلم عن القرارات المهمة في إيران.

وليس هناك أهم من قرار الاشتباك مع الولايات المتحدة، ولو بعملية شكلية من أجل حفظ ماء الوجه، وكما حدث في عملية “عين الأسد”.

ثالثاً: يثبت الكتاب أن غضب ظريف على تهميش وزارته، من قبل الحرس الثوري، لا يزال مستمراً. بل ويزداد خصوصاً أنه سبق لوزير الخارجية الإيراني أن تحدث في تسجيل صوتي منتقداً قاسم سليماني نفسه.

أكد محمد جواد ظريف، وزير خارجية إيران السابق، رواية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بأنَّ الإيرانيين أبلغوا واشنطن بعملية “عين الأسد”

وقتها اشتكى ظريف من أن الحرس الثوري يمارس نفوذاً على الشؤون الخارجية والملف النووي للبلاد أكثر منه، وملمحاً إلى أن سليماني حاول إفساد اتفاق إيران النووي لعام 2015 بالتواطؤ مع روسيا.

ومضيفاً: “في كل مرة تقريباً ذهبت فيها للتفاوض (مع الدول الكبرى) كان (سليماني) يطلب مني أن أقدم هذا التنازل أو ذاك أو أثير نقطة ما”. مضيفاً: “كان النجاح على الساحة العسكرية أهم من نجاح الدبلوماسية. كنت أتفاوض من أجل النجاح على الساحة العسكرية”.

رابعاً: قول ظريف في كتابه، إن تجربة مجلس الأمن القومي الإيراني بعد مقتل قاسم سليماني كانت “التجربة الأكثر مرارة خلال وزارته”. حيث قيل فيها إنه “لا عجلة في الانتقام” لمقتل سليماني.

وإن “الطريقة الأكثر تأثيراً هي ما تجري متابعته دوماً من الحزب؛ أي فرض الشروط الاستنزافية للتأهب على قوات الطرف الآخر”. تعني أن إيران تفكر بوصفها ميليشيا، وحتى في قرار استراتيجي، مثل الاشتباك مع الأميركيين، وتهمش مؤسساتها لمصلحة الحرس الثوري.

إقرأ أيضاً: إيران في لبنان: ماذا تفعل وماذا تريد؟

خلاصة القول أن أهمية رواية ظريف تؤكد أننا لسنا أمام إيران واحدة، بل أكثر، حيث إن هناك إيران الواجهة، وإيران التخطيط، وإيران التنفيذ. وذلك ما يشكو منه ظريف، فما بالك بالآخرين من خارج إيران؟

 

لمتابعة الكاتب على X: 

@tariqalhomayed

 

*نقلاً عن الشرق الأوسط

مواضيع ذات صلة

الجيش الإسرائيليّ مأزوم: نقص 10 آلاف جنديّ

تتدحرج الأزمات داخل الجيش الإسرائيلي، الذي يواجه معضلة غير مسبوقة تتمثّل بنقص نحو 10 آلاف جندي بسبب استمرار الحرب على غزّة، وعدم فاعليّة مساعي تجنيد…

لعبة الأمم: من حرب الرّسوم إلى حرب النّجوم

حرب الرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الصين، وعلى الاتّحاد الأوروبي وكندا والمكسيك، وهي الدول الأكثر تعاملاً اقتصاديّاً مع الولايات المتّحدة، ليست…

“إخوان” الأردن والدّولة الوطنيّة وفلسطين

بين عقائديّات “الإخوان” مِن أصول فلسطينية، وبراغماتيّات ذوي الأصول الأردنية، واتّفاقات وادي عربة عام 1994، اضطربت علاقات “الإخوان” بالدولة الأردنيّة بعد استقرارٍ وتداخلٍ لحوالى نصف…

نائب للرّئيس الفلسطينيّ… بديل للإصلاح؟

أوفى الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس بوعد كان أطلقه أمام القمّة العربية الطارئة في القاهرة، في 4 آذار الماضي، يقضي بتعيين نائب لرئيس اللجنة التنفيذية لمنظّمة…