“ع المسطرة والبيكار.. بيروت ما بتنطال”

..”ع المسطرة والبيكار، بيروت ما بتنطال”.

قصّة بيروت مع المحتلّ قديمة، مرّت عليها جيوش وجحافل غريبة، كلّها غرقت فيها بالنهاية، ولملمت أذيال الخيبة في أزقّتها. في الماضي حاول المحتلّ الإسرائيلي، ثمّ كان دور الاحتلال السوري، واليوم تعيش بيروت عصر الاحتلال الإيراني.

عبثاً يحاولون اختطاف بيروت. يسعون إلى كسر كرامتها وإذلال هاماتها. هذا ما حصل في معرض الكتاب العربي في البيال حين اعتقد البعض أنّ “تطفيش” الدور العربية من المعرض لمصلحة دور الأذرع الإيرانية وصور قتيلها قاسم سليماني سيمرّ مرور الكرام.

سؤال برسم كلّ مَن يتغاضى عن المحتلّ باللجوء إلى النوم والتمتّع بالأحلام. أين النادي الثقافي العربي؟ أين رئيسته السيّدة سلوى السنيورة بعاصيري من هذا الاحتلال؟

عندما افتتح الرئيس نجيب ميقاتي ومعه فؤاد السنيورة فعّاليّات المعرض يوم الجمعة 4 آذار 2022، تجنّب التوقّف عند صور سليماني المنتشرة في كلّ الأرجاء. في الكثير من الأجنحة المشارِكة لم يتصفّح الكتبَ الموزَّعة أغلفتها ما بين سليماني والخامنئي وحسن نصر الله. كعادته في تدوير الزوايا، قصّ الرئيس ميقاتي شريط الافتتاح، فلا بأس أنّ المضمون قد تمّ احتلاله ما دام المعرض يحمل صفة “معرض بيروت للكتاب العربي”. بالأمس كانت لشباب بيروت، الذين لا يجيدون تدوير الزوايا، كلمتهم. شبّان وفتيات محجّبات وغير محجّبات توحّدوا خلف ثقافة الحياة وحبّ مدينتهم وشغف الموسيقى والغناء. نزلوا معاً بدعوة من نادي “بيكار”، وحملوا آلاتهم الموسيقية وهم على ثقة أنّها أقوى من الصواريخ والمسيَّرات. من حقّ رامي صالح أن يعزف على غيتاره، ومحمد عيتاني أن يضرب على طبلته، وأحمد الأسود أن يُسعدنا بالناي، ومحمد إسطنبولي أن يدندن على عوده. ومن حقّ بنات بيروت هالة رمضان وشقيقتها قمر وفاتن جبوري وريم الباشا وسحر شيخ الأرض ونعيم فوعاني ومصطفى للطي ومحمد أبو صالح وتاج الدين عودة وحسام ترشيشي أن يتمتّعوا بالغناء. جلسوا مع الناس يُطلقون لحناجرهم العناء. غنّوا لبيروت مستعيدين أغاني فيروز وماجدة وروائع مارسيل ونصري شمس الدين وقصائد محمود درويش. أغضب ذلك الأذرع الإيرانية، وخاصّة عندما غنّوا “قومي يا بيروت قومي، إنّ الثورة تولد من رحم الأحزان”. فقدت الأذرع أعصابها، فليست الأغاني هواها، بل النكد والندب وتعطيل مواسم الأفراح. قطعوا عن الحفل الكهرباء. أصرّ الشباب على استكمال الغناء. أصواتهم أقوى من المذياع، فصوت الحقّ أعلى من كلّ الأصوات.

[VIDEO]

انتهى الحفل. خرجوا رافعين هاماتهم، معلنين أنّ بيروت حرّة، صارخين “لقد انتصرنا على المحتلّ الإيراني”.

“بيكار بيروت” أصدرت بياناً بعد الحفل قالت فيه: “شكراً لكلّ شخص ساهم في نجاح حفلة بيكار بيروت أمس، للمنسّقة هبة خياط اللي ما تركتنا واهتمّت فينا، ولكلّ شخص دعمنا بحضوره واستماعه إلنا واستمتاعه بموسيقانا وبما قدّمناه بالرغم من منعنا من تأدية الوصلة الأخيرة، وانزعاج بعض دور النشر من ثقافة الموسيقى والحياة في معرض بيروت العربي الدولي للكتاب”.

إقرأ أيضاً: ميقاتي.. شرٌّ لا بدّ منه

في الختام سؤال برسم كلّ مَن يتغاضى عن المحتلّ باللجوء إلى النوم والتمتّع بالأحلام. أين النادي الثقافي العربي؟ أين رئيسته السيّدة سلوى السنيورة بعاصيري من هذا الاحتلال؟

مواضيع ذات صلة

بعد العسكريّ والسّياسيّ… “الحزب” الدبلوماسيّ؟

بدا الشيخ نعيم قاسم، في مقابلته الأخيرة، دبلوماسيّاً يعمل في وزارة الخارجية، لا أميناً عامّاً لحزب له ما له من ثقل في لبنان، والإقليم سابقاً،…

16 آذار 2025: رسالة المختارة إلى السّويداء

تختلف الذكرى الـ48 لاغتيال كمال جنبلاط في  16 آذار هذا العام عن سابقاتها. في السنوات السابقة تحوّلت الذكرى مع الوقت إلى واحد من لائحة التواريخ…

أوروبا… إذا خسرت حرب أوكرانيا

حصل اتّفاق لوقف النار في أوكرانيا أم لم يحصل. ليست تلك المسألة. المسألة تتلخّص بقدرة أوروبا على استعادة موقعها على الخريطة الدولية بعدما قرّر الرئيس…

لم ينتصر الأمويّون ولم ينهزم العبّاسيّون

شريطان مصوّران تمّ تداولهما في الأيّام الأخيرة يفتحان المجال السياسي والشعبي على عدد كبير من الأسئلة ليس أوّلها ولا آخرها: لماذا يكرهون السُّنّة؟   –…