تواصل بين دياب وحزب الله لا يفضي إلى نتيجة

مدة القراءة 4 د


حرفياً وصل التخاطب غير المباشر بين الرئيس المكلّف حسان دياب ورئيس الكتلة المسيحية التي منحت أصواتها لوزير التربية السابق، إلى حدّ المواجهة المباشرة: جبران باسيل يهدّد بأنه “لن يدخل حكومة فيها وزير اسمه دميانوس قطّار”، والرئيس المكلّف يعلّي السقف أكثر: “لن أدخل حكومة من دون دميانوس قطّار”.

قطّار، صديق الرئيس المكلف، الأكاديمي والخبير الاقتصادي ووزير المالية في حكومة نجيب ميقاتي عام 2005، كان من أولى الاسماء التي خطّها حسان دياب في المسودّة الأولى للتشكيلة الوزارية، إضافة الى اسم زياد بارود وزير الداخلية السابق.

لكن سريعاً أيقن دياب أنّ قدرة من سمّوه، وعلى رأسهم الوزير جبران باسيل، لا تتوقف فقط عند حدّ شطب الأسماء التي يزكّيها الرئيس المكلف لتكون من فريق عمله، بل أيضاً ترسم حدود الصلاحيات له. ما المسموح وما الممنوع. الحصّة والحقيبة وشكل الحكومة وعددها. والتأنيب عند إخفاقه في الالتزام بلائحة المعايير. أما ما لم يتوقّع الرئيس المكلّف أن يُواجِهه فهو تحوّل الفريق الداعم له إلى كتلة معارضة قرّرت قطع حبل التكليف في منتصف الطريق نحو السرايا.

وبانتظار الفرج الذي لن يأتي هذه المرّة على شكل أرنب يخرج من عين التينة طالما أنّ الرئيس نبيه بري هو أحد واضعي الفيتو على أسلوب دياب في إدارة عملية التأليف “بشكل منفصل تماماً عن الواقع السياسي وتوازناته”، إضافة إلى نقمة رئيس مجلس النواب اتجاه ذهنية السيطرة لدى الوزير جبران باسيل وفي طرح المحسوبين عليه تحت عنوان أنّهم تكنوقراط، فقد وقع اليوم خرق في جدار الأزمة الحكومية من خلال اجتماع عقده الرئيس المكلّف مع موفد من حزب الله، كما تؤكّد أوساط دياب، فضلًا عن اتصالات متفرّقة لم تسفر حتّى الآن عن أيّ نتيجة.

فلسفة “التيار الوطني الحر” المستجدّة، وبناءً على تجربة السنوات الثلاثة الأولى من العهد الرئاسي، نعت بشكل كامل خيار حكومات الوحدة الوطنية

وفيما يبدي بري تمسّكاً بخيار الحكومة التكنوسياسية، فقد كان ملفتاً، وعلى ضوء مواقف سابقة عكسها الوزير باسيل وأظهرت تمسّكه بحكومة التكنوقراط، إشارة مقدمة تلفزيون “otv” الإخبارية إلى أنّ “حكومة سياسية مطعّمة باختصاصيين قد تكون المخرج والمنفذ في وضع إقليمي متوتّر ومتفجّر، وقد تصلح لأن تكون حكومة مواجهة للتحديات الناشئة عن ارتفاع منسوب الغليان في المنطقة”، لافتة إلى أنّ “أكثر المؤشّرات دلالة على هذا التوجه، يكمن في موقف الرئيس نبيه بري المتمسّك بحكومة وحدة وطنية، أسماها حكومة لمّ الشمل لتكون قد الحمل والثقل”.

مع العلم أنّ فلسفة “التيار الوطني الحر” المستجدّة، وبناءً على تجربة السنوات الثلاثة الأولى من العهد الرئاسي، نعت بشكل كامل خيار حكومات الوحدة الوطنية “حيث فشلنا بمحاربة الفساد وبناء دولة وتصحيح السياسات المالية والنقدية والاقتصادية، وتأمين أبسط الحقوق، وهذا الفشل دفع ثمنه الشعب والعهد والقوى السياسية”، كما قال باسيل في مؤتمر صحافي عقده في 12 كانون الأوّل الماضي.

في ذلك المؤتمر بدا باسيل كمن يمهّد للجلوس على مقاعد المعارضة مهدّداً: “إمّا اختصاصيين من رأس الحكومة إلى كلّ أعضائها، وإمّا سياسييين واختصاصيين في رأس الحكومة وأعضائها، ومن دون اسستنسابية وبهدف إلغائي”، وممهّداَ آنذاك لعدم قبول الحريري كشريك إلا بشروط.

وفي مواجهة رئيس مكلّف قرّر ألا يقدّم طبق الاعتذار بسهولة إلى طالبيه والمراهنين عليه، تطرح تساؤلات جدية حول مصير التكليف فيما لو أعلن “التيار” مقاطعته الكاملة للحكومة وعدم التمثّل فيها، وفي حال أصرّ برّي على موقفه في البقاء خارجها (استطراداً حزب الله)، وإذ أصرّ دياب أيضاً على تشكيلة التكنوقراط، وهو أمر تؤكده أوساط الرئيس المكلف.

السؤال الأهمّ: “كم تشكيلة حكومية سيرفعها دياب إلى رئيس الجمهورية بعد، وسيرفض الأخير توقيعها، قبل أن يعتذر “الوزير السابق” عن التكليف… أو أنّه سيتمّ التوصّل إلى تسوية تُخرج حكومة مواجهة الانهيار من عنق الزجاجة؟

مواضيع ذات صلة

إلى الدّكتور طارق متري: حول الحرب والمصالحة والمستقبل

معالي الدكتور طارق متري المحترم، قرأت مقالك الأخير، بعنوان: “ليست الحرب على لبنان خسارة لفريق وربحاً لآخر”، في موقع “المدن”، بإعجاب تجاه دعوتك للوحدة والمصالحة…

“حزب الله الجديد” بلا عسكر. بلا مقاومة!

أكّد لي مصدر رفيع ينقل مباشرة عن رئيس الوزراء الإسرائيلي قوله: “أنا لا أثق بأيّ اتّفاق مكتوب مهما كانت لديه ضمانات دولية من أيّ قوى…

هل تنأى أوروبا بنفسها عن عقدة محرقة غزّة؟

بعد 412 يوماً من الإمعان في إشعال المحرقة في فلسطين ولبنان، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمراً باعتقال رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ووزير جيشه المخلوع…

لبنان “صندوق بريد” بين إسرائيل وإيران

ما تسرّب من “المبادرة الأميركية” التي يحملها آموس هوكستين مفاده أنّه لا توجد ثقة بالسلطات السياسية اللبنانية المتعاقبة لتنفيذ القرار 1701. تقول الورقة بإنشاء هيئة…