الأزهر يدعو لحوار إسلامي وفضل الله أول المُستجيبين

مدة القراءة 5 د

قبل يومين وجّه شيخ الأزهر الإمام الدكتور أحمد الطيب من البحرين نداء إلى علماء الطائفة الشيعية لعقد “حوار إسلامي- إسلامي بهدف نبذ الفتنة والنزاع الطائفي”، في ظلّ التوتّرات التي تشهدها بعض دول المنطقة على خلفيّة مذهبية.

الطيّب في كلمة ألقاها في ختام ملتقى البحرين للحوار الذي عُقد تحت عنوان: “الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني”، بحضور البابا فرنسيس، في ميدان صرح الشهيد في قصر الصخير الملكي، توجّه بنداء إلى علماء الدين الإسلامي في العالم كلّه على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم ومدارسهم، ودعاهم إلى “المسارعة إلى عقد حوار إسلامي ـ إسلامي جادّ من أجلِ إقرار الوحدة والتقارب والتعارف تُنبَذ فيه أسباب الفرقة والفتنة والنزاع الطائفي على وجه الخصوص”.

 

الأزهر مخاطباً الشيعة : لا للكراهيات ولتجاوز الصراعات التاريخية

وقال إمام الأزهر: “هذه الدعوة إذ أتوجّه بها إلى إخوتنا من المسلمين الشّيعة، فإنّني على استعداد، ومعي كبار علماء الأزهر ومجلس حكماء المسلمين، لعقد مثلِ هذا الاجتماع بقلوب مفتوحة وأيدٍ ممدودة للجلوس معاً إلى مائدة واحدة”.

دعوة شيخ الأزهر لعلماء الشيعة إلى عقد حوار إسلامي-إسلامي والعمل على مواجهة خطاب الكراهية والفتنة تكتسب اليوم أهمّية كبيرة في ظلّ التطوّرات التي تشهدها المنطقة والعالم

هدف الاجتماع الذي حدّده إمام الأزهر هو “تجاوز صفحة الماضي وتعزيز الشأن الإسلامي ووحدة المواقف الإسلاميَّة”، فاقترح “التركيز على وقف خطابات الكراهية المتبادلة، وأساليب الاستفزاز والتكفير، وضرورة تجاوز الصِراعات التاريخية والمعاصرة بكلِّ إشكالاتها ورواسبها السيّئة”.

إلى ذلك شدّد على “ضرورة أن يُحرَّم على المسلمين الإصغاء لدعوات الفرقة والشقاق، وأن يحذروا الوقوع في شرك العبث باستقرار الأوطان، واستغلال الدين في إثارةِ النعرات القومية والمذهبية، والتدخّل في شؤون الدول والنيل من سيادتها أو اغتصاب أراضيها”.

 

فضل الله يلاقي الأزهر: الإستجابة مطلوبة

بعد هذه الدعوة الصريحة للحوار أصدر العلّامة السيد علي فضل الله بياناً رحّب فيه بهذه الدعوة إلى عقد حوار إسلامي – إسلامي، لافتاً إلى أنّ مثل هذه الدعوة يجب أن يتلقّفها جميع المسلمين بإيجابية وترحيب وأن تلقى الاستجابة المطلوبة لأنّها تفتح أبواب الحوار والتواصل والوحدة بين المسلمين التي تعرّضت لانتكاسات حادّة في السنوات الأخيرة سمحت لدعاة الفتنة من تيّارات التطرّف والقوى المتآمرة على الأمّة بتحقيق أهدافهم في تمزيق الأوطان وتدمير العمران وإشاعة الكراهية والأحقاد بين المسلمين.

هذا وقال السيد علي فضل الله: “إنّنا منذ انطلقنا في عملنا الإسلامي التزمنا النهج الحواري والوحدوي في التعاطي مع قضايانا الوطنية والقومية والإسلامية باعتباره المدخل الأساسي لإزالة الأوهام والهواجس التي تحملها المذاهب الإسلامية بعضها إزاء البعض الآخر، إذ لا بديل عن الحوار المباشر والشفّاف والصريح لمعالجة المسائل التي هي موضع التباس وسوء فهم، فهو الذي يتيح إنجاز الكثير من الخطوات نحو التقارب والوحدة التي أمر الله سبحانه وتعالى بها على قاعدة الالتزام بحبل الله.

العلّامة السيد علي فضل الله بياناً رحّب فيه بدعوة الأزهر، لكن قم والنجف لم يصدر منهما أي تعليق حتى الآن

قم والنجف خارج السمع حتى الآن

من جهة أخرى، لم يُصدر النجف الأشرف وقم المقدّسة تعليقات مباشرة على دعوة شيخ الأزهر، وإن كانت المرجعيات الدينية في العراق وإيران قد رحّبت في السنوات الماضية بدعوات الشيخ الطيّب إلى الحوار.

كان من المقرّر أن يزور الشيخ أحمد الطيّب العراق في السنة الماضية ولقاء المرجع الأعلى للطائفة الشيعية السيد علي السيستاني، لكنّ الأوضاع السياسية والأمنيّة في العراق أدّت إلى تأجيل الزيارة وعدم تحديد موعد جديد لها، وكانت عدّة وفود دينية إيرانية وعراقية ولبنانية قد زارت مصر خلال السنوات الماضية وعقدت لقاءات مع شيخ الأزهر وعلماء مصر ودعت إلى تعزيز الحوار الإسلامي – الإسلامي ومواجهة التطرّف والتكفير والفتنة، لكن لم تتحوّل تلك الدعوات إلى خطوات عمليّة، وكان المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان قد شارك قبل أربع سنوات في مؤتمر الأزهر الذي تناول المواطنيّة، وأعلن خلاله دعم كلّ جهود الأزهر لمحاربة التطرّف، وذلك باسم مرجعيّتَيْ النجف وقم وعلماء لبنان.

دعوة شيخ الأزهر لعلماء الشيعة إلى عقد حوار إسلامي-إسلامي والعمل على مواجهة خطاب الكراهية والفتنة تكتسب اليوم أهمّية كبيرة في ظلّ التطوّرات التي تشهدها المنطقة والعالم والتي تتطلّب توحيد الموقف الإسلامي. فهل يستجيب العلماء الشيعة لهذه الدعوة ويوضَع جدول أعمال لهذا المؤتمر؟ وهل ترحيب السيّد علي فضل الله بهذه الدعوة مقدّمة لاحتضان بيروت حواراً إسلامياً-إسلامياً؟.

إقرأ أيضاً: هكذا تحدّث شيخ الأزهر.. الإسلام في القرن الـ21

تجدر الإشارة إلى أنّ السيد علي فضل الله تربطه علاقات وطيدة مع كلّ المرجعيّات الإسلامية في لبنان والمنطقة، وهو يرأس ملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار.

بانتظار ردود الفعل من علماء الشيعة فإنّ من المهمّ تلقّف هذه الدعوة الحوارية، خصوصاً أنّ الأزهر الشريف كان رائداً في التجارب الحوارية منذ مئة عام ولم تستطع المؤسّسات الإسلامية الحوارية أن تحلّ مكانه حتى اليوم. 

مواضيع ذات صلة

هوكستين موفد ترامب… فهل يضغط لإنجاز الاتّفاق؟

كثيرٌ من الضبابية يحيط بمصير المفاوضات التي قادها آموس هوكستين بين لبنان وإسرائيل، أو بالأحرى بين “الحزب” وإسرئيل، عبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي. التفاؤل…

الاتّفاق Done: إعلانه خلال أيّام.. أو أسابيع؟

بين واشنطن وتل أبيب وبيروت أصبحت شروط الاتّفاق معروفة، ولا ينقصها سوى لمسات أخيرة قد تستلزم يوماً واحداً، وقد تطول لأسابيع، أربعة ربّما. لكن ما…

“اليوم التّالي” مطعّم بنكهة سعوديّة؟

لم يعد خافياً ارتفاع منسوب اهتمام المملكة العربية السعودية بالملفّ اللبناني. باتت المؤشّرات كثيرة، وتشي بأنّ مرحلة جديدة ستطبع العلاقات الثنائية بين البلدين. الأرجح أنّ…

مخالفات على خطّ اليرزة-السّراي

ضمن سياق الظروف الاستثنائية التي تملي على المسؤولين تجاوز بعض الشكليّات القانونية تأخذ رئاسة الحكومة على وزير الدفاع موريس سليم ارتكابه مخالفة جرى التطنيش حكوميّاً…