على أثر جولة وليّ العهد السعودي في الدول الخليجية صدرت خمسة بيانات مشتركة سعودية – خليجية، دعمت كلّها الموقف السعودي تجاه لبنان، وقبلها كان البيان السعودي الفرنسي المعروف. وفوق هذا وذاك بيان القمّة الخليجية أخيراً في الرياض.
جميع تلك البيانات، ستة خليجية، وواحد سعودي فرنسي، أكّدت الموقف السعودي، الذي بات خليجياً من خلال بيان قمّة الرياض الصادر بـ72 بنداً شملت كلّ ما يتعلّق بالمنطقة، مروراً بسوريا ولبنان.
وعليه، وبعد البيان الخليجي المفصّل، الذي لم يستثنِ شيئاً من أحداث المنطقة، ومنها إيران بالطبع، تكون الرؤية السياسية لمجلس التعاون الخليجي واضحة، ولا يمكن لأحد أن يقول إنّ هناك تباينات خليجية، أو خلافه.
وبالتالي، وتحديداً لبنانيّاً، فإنّ الكرة الآن في الملعب اللبناني، فهل يستطيع اللبنانيون الآن التوقّف عن الحفر ليستطيعوا الخروج من الحفرة اللبنانية، كما أسمّيها دائماً؟ القصة ليست بالدعم المالي، ولا فرش السجّاد الأحمر في الرياض.
السؤال الآن هو: متى يستطيع لبنان تقديم وجوه سياسية جديدة؟ متى يستطيع لبنان تجاوز التفكير المقسّم الطائفي؟ ومتى يستطيع اللبنانيون التفكير بعيداً عن أسماء عوائل وأفراد؟
منذ اغتيال الشهيد رفيق الحريري وأنا من أنصار التنوّع بالقيادات، والأسماء، وليس حصرها ببيوت محدّدة. قلت ذلك لكلّ مَن أعرفهم من القيادات اللبنانية، فغضب البعض، واحتجّ البعض الآخر، وهناك مَن اتّخذ موقفاً شخصيّاً منّي إلى الآن.
آن الأوان أن تُقدّم وجوه لبنانية جديدة، ولو على مستوى الصف الثاني. يجب أن لا تكون الخيارات بين اثنين، أو ثلاثة، بل يجب أن تكون هناك استراتيجية لتوسيع قاعدة القيادات
في تنوّع القيادة تنافس محمود، وقطع دابر لورقة الاغتيالات التي تلعبها جماعات إيران، وتخيّل معي، عزيزي القارئ، كيف كان سيكون حال العراق والمنطقة لو نجحت، لا قدّر الله، محاولة اغتيال السيد مصطفى الكاظمي الأخيرة.
كم من الوقت كان سيأخذ العراق والمنطقة للتعافي من تداعيات ذلك الاغتيال، لو تحقّق، لا قدّر الله. ويكفي تأمّل حال لبنان الذي لم يتعافَ من بعد اغتيال الشهيد رفيق الحريري إلى الآن، ولذا لا بدّ من كسر حصرية القيادات والأسماء.
تنظر السعودية، منذ زمن طويل، للبنان كدولة، وتحترم جيشه، وتسعى إلى تكريس مفهوم الدولة فيه، وهذا ما أكّدته البيانات الأخيرة، سواء بيانات جولة وليّ العهد، أو البيان السعودي – الفرنسي، أو البيان الخليجي.
وبالتالي فإنّ الرؤية واضحة في لبنان، ويجب أن تنتهي مرحلة حصريّة الأسماء، أو البيوتات، لأنّها تعني استعادة هيبة الدولة. وتعني أيضاً أنّ المصلحة في لبنان لا تقوم على أساس الطوائف، أو أساس طائفي.
أعي أنّ هذا موضوع معقّد، وقد يكون مفاجئاً للعامّة، لكن آن الأوان أن تُقدّم وجوه لبنانية جديدة، ولو على مستوى الصف الثاني. يجب أن لا تكون الخيارات بين اثنين، أو ثلاثة، بل يجب أن تكون هناك استراتيجية لتوسيع قاعدة القيادات.
وهذا أمر لا يتحقّق في يوم وليلة، لكن يجب أن يبدأ، ولمصلحة لبنان. وإذا ما تمّ هذا الأمر فسيكون بمنزلة الإحراج لحزب الله وأعوانه، ويُظهر وجهاً جادّاً للبنان. فبينما إيران وأعوانها مرهونون بشخوص، يُقدِّم باقي الأطراف اللبنانية قيادات دولة.
إقرأ أيضاً: لبنان.. ماذا بعد؟
لا يمكن أن يكون الجميع مثل حسن نصر الله المختبئ تحت الأرض، أو نبيه برّي المحتمي بمطرقة البرلمان بسبب تسويات “انتهاز الفرص”. خلاصة القول أنّه آن الأوان للتفكير بطريقة جديدة في لبنان الذي لا يزال مهدّداً بالانهيار إلى الآن.