الفرح ليس حكراً على العونيّين!

مدة القراءة 3 د

تنبري مجموعة من “المُفسبكين” (من فايسبوك) والمُغرّدين المتحاملين منذ أيام للتنمّر و”التلطيش” في كتاباتها ضدّ العونيين، وذلك على ما يبدو بعد قراءة خبر ورد في الصحف وفي محطّات التلفزة يفيد باستعداد جماهير “التيار الوطني الحر” الغفيرة للاحتفال بخروج فخامة الرئيس الجنرال ميشال عون، سالماً غانماً، من قصر بعبدا يوم الأحد 30 تشرين الأول 2022 (ولايته تنتهي في 31 لكنّها تصادف يوم الإثنين، “جحش الأسبوع”).

للصراحة، رأيت هذا التنمّر المبالغ فيه غير مبرّر وغير لائق على الإطلاق، وإنّما فيه شيء من قلّة الحياء ونقص الأخلاق والناموس، بل فيه ضرب من ضروب الإنكار والتحامل ومسمّيات “العين الضيقة”.

جماهير “التيار الوطني الحر” لها الحقّ بأن تفرح وتحتفل. لها الحقّ بأن تعبّر كما تشاء وتريد عن مشاعر السرور في نهاية هذا العهد.

نعم، من حقّ العونيين الاحتفال بالعتمة الشاملة والظلام الدامس الغربيب، الذي نعيشه منذ بداية العهد، والآخذ في التوسّع حتى أمسى اليوم عتمة 24/24… “ولعيون صهرو للجنرال”.

من حقّ العونيين أن يحتفلوا بانهيار الليرة، وبارتفاع سعر صرف الدولار مع بلوغه الـfive digit، متأرجحاً عند عتبات الـ40 ألفاً… وربّما أكثر.

الاحتفال ليس حكراً على العونيين فقط. فكلّ اللبنانيين مدعوّون إلى الاحتفال

العونيون لهم الحقّ أن يفرحوا ويبتهجوا ويهيّصوا. لهم الحرّية في إطلاق الزغاريد تهليلاً لانهيار القطاع المصرفي، وتبخُّر الودائع، وانحلال المؤسّسات العامّة، وإفلاس تلك الخاصّة.

يا بختهم، مكتوبة لهم الفرحة جرّاء تسليم قصر بعبدا إلى “شبح الفراغ”. فجنرالهم سيقفل باب القصر ويضع المفتاح في جيبه قبل أن يولّي وجهه شطر الرابية ويُدبر.

ليس هذا فحسب، بل أزيد أنّ الاحتفال ليس حكراً على العونيين فقط. فكلّ اللبنانيين مدعوّون إلى الاحتفال، وكلٌّ على طريقته… فأيّ فرحة ستكون أكبر من فرحتنا برحيل ميشال عون من قصر بعبدا؟

إسمعوا منّي. لا تكفي الاحتفالات ضمن أهل البيت و”ع الضيّق”. نحن مدعوّون إلى توزيع الحلويات على المارّة في كلّ الطرقات اللبنانية حتى إتمام الأربعين. مطالَبون بتفريق اللحم بعجين “عن روح” العهد الآفِل. ليس أيّ لحم بعجين، وإنّما لحم غنم بعجين مع دبس رمّان “لفّاني”، مُقدَّم مع قوارير لبن عيران “لذّة للشاربين” (انتبهوا كلّو محمّض بسبب انقطاع الكهرباء).

واجب علينا أن نطبخ “المُغلي”، وننثر المكسّرات من فوقه لنوزّعه مع الملبّس (شي ع لوز وشي ع شوكولا) على زوّارنا في البيوت، وذلك على وقع تبادل التبريكات والمعايدات من صنف: “تهري وتجدّد”، “نهاية عهد مبارك”، “تنذكر وما تنعاد”، “خاتمة الأحزان”… وخلافه.

إقرأ أيضاً: “الحزب” أمّي… وميشال عون أبي!

وأخيراً، أوصيكم بألّا تنسوا دخول البيوت محمّلين بعلب المعمول (تمر/جوز/فستق حلبيّ)، فلكم الأجر والثواب. وأوصيكم أيضاً بأن تُكثروا من “الصنوبرية” أيضاً، فهي لذيذة و”بتبيّض الوج” على الرغم من سعرها المرتفع.

فلنفرح… فلنطلق العنان لأبواق سيّاراتنا العطشى للبنزين في الشوارع. فلنرفع أصوات الموسيقى ونضيء البيوت بكهرباء الاشتراكات. نحنا كم ميشال عون عنّا بلبنان؟ ما كلّو واحد!

دعوهم يحتفوا، بل افرحوا وهلّلوا معهم: سيخرج ميشال عون من بعبدا أخيراً.

 

*هذا المقال من نسج خيال الكاتب

مواضيع ذات صلة

تركيا في الامتحان السّوريّ… كقوّة اعتدال؟

كان عام 2024 عام تغيّر خريطة الشرق الأوسط على أرض الواقع بعيداً عن الأوهام والرغبات التي روّج لها ما يسمّى “محور الممانعة” الذي قادته “الجمهوريّة…

ردّاً على خامنئي: سوريا تطالب إيران بـ300 مليار دولار

 أفضل ما كان بمقدور إيران وقياداتها أن تقوم به في هذه المرحلة هو ترجيح الصمت والاكتفاء بمراقبة ما يجري في سوريا والمنطقة، ومراجعة سياساتها، والبحث…

إسرائيل بين نارين: إضعاف إيران أم السُنّة؟

الاعتقاد الذي كان سائداً في إسرائيل أنّ “الإيرانيين لا يزالون قوّة مهيمنة في المنطقة”، يبدو أنّه صار من زمن مضى بعد خروجهم من سوريا. قراءة…

تركيا والعرب في سوريا: “مرج دابق” أم “سكّة الحجاز”؟

الأرجح أنّ وزير الخارجية التركي هاكان فيدان كان يتوقّع أن يستقبله أحمد الشرع في دمشق بعناقٍ يتجاوز البروتوكول، فهو يعرفه جيّداً من قبل أن يكشف…