ميقاتي للحاجّ رياض: “طب إطباع دولار”!

مدة القراءة 3 د

النوم يجافي الرئيس نجيب ميقاتي. ينتابه القلق. يفكّر. يعصر مخّه، يضرب أخماساً بأسداس. يذهب بعيداً في الأفكار، ثمّ يشغّل “كاسيت” أغنية لكوكب الشرق “أمّ كلثوم”: “بعيد عنك… حياتي عذاب”. يدندن مع “الستّ” بضع كلمات، ثمّ يقول: “يا ويلنا من بعدك!”.

يرفع سمّاعة الهاتف متّصلاً بأبي توفيق (رياض سلامة هو فعليّاً أبو ندي لكنّ الصرافين يدعونه هكذا نسبة إلى اسم والده ولمكانته الخاصة في قلوبهم). يتّصل به من هاتف السراي الأرضيّ لأنّ تكلفة اتصالات الخلويّ باتت باهظة وعلى سعر “صيرفة”. ينتظر على السمّاعة بشغف إلى أن يردّ أبو توفيق، فيقول له: “وينك يا رياض؟ عايزك، طل صوبي”.

فيحجّ الحاج رياض إلى السراي.

والحاجّ في لسان العرب هو صاحب القصد. إن قصدتَ مكاناً أو هدفاً فأنت تحجّ إليه حجّاً…. وما أكثر الضجيج وأقلّ الحجيج.

النوم يجافي الرئيس نجيب ميقاتي. ينتابه القلق. يفكّر. يعصر مخّه، يضرب أخماساً بأسداس. يذهب بعيداً في الأفكار، ثمّ يشغّل “كاسيت” أغنية لكوكب الشرق “أمّ كلثوم”: “بعيد عنك… حياتي عذاب”

لحاصله، يهرع الحاجّ رياض إلى السراي الكبير. كيف لا وهم أبقوا الاجتماعات فيما بينهم مفتوحة؟

يجتمع ميقاتي مع الحاجّ رياض ومساعده السابق وزير المالية الحالي، الصامت الأكبر، يوسف خليل، في مكتب ميقاتي، فيتباحثون في أحدث ابتكارات لجم سعر صرف الدولار، وذلك بعد نفاد الدولارات وانعدام فُرص ضخّ الدولارات في السوق مجدّداً عبر “صيرفة”.

أخيراً استعاض سلامة عن “صيرفة” بالتصريحات المسكّنة من صنف Xanax وLexotanil. تصريحات تستطيع أن تُلهي الناس لبرهة وتزرع في نفوس المضاربين شيئاً من الخوف والجوع ونقص في الأموال.

يقول ميقاتي لأبي توفيق: “طيّب سيسرها يا رياض… لنّو شوي لعله بينزل هالمنحوس؟”.

يردّ سلامة: “صدّقني دولة الرئيس مش عم تزبط. عم أضربها يمين عم أضربها شمال ومش زابطة. المجلس المركزي رافض رفضاً قاطعاً العودة إلى صيرفة، وأنا متل ما شايف لا حول لي ولا قوّة”.

الحاجّ رياض حربوق. حينما يكون راضياً وموافقاً على أيّ خطوة، يتخطّى المجلس المركزي، ويقول لأعضائه “إلحقوني”، وإن كان رافضاً لأيّ أمر أو إجراء يضعهم بـ”بوز المدفع”.

يتحايل ميقاتي على سلامة مجدّداً: “طيّب يا رياض فينا ندولر رواتب القطاع العام على سعر صيرفة؟”.

يردّ رياض بهدوئه المعهود: “له يا زلمي… شو عم تحكي؟”.

يردف ميقاتي: “طيّب أقلّ من سعر صيرفة بشي 5 آلاف”.

سلامة مقاطعاً: “أبداً يا رجل… ما بيمشي الحال. ما بتوفّي معي. أنا قبل كنت عم عودك ع المحلّ”.

يقارب ميقاتي، كما كلّ السلطة، الأزمة من “بخش نظر” القطاع العامّ. وطالما القطاع العام بخير فالبلد في نظرهم بألف خير.

إقرأ أيضاً: الليرة للنقّ.. والدولار للتفشيخ

يتنهّد أبو ماهر قليلاً ثمّ ينظر إلى سقف مكتبه المتشقّق كجميع سقوف وجدران السراي الكبير (كان كبيراً)، نتيجة انفجار المرفأ، فتلمع في رأسه فكرة جهنّميّة.

يصرخ ميقاتي في وجه سلامة على طريقة أرخميدس: “وجدتها… وجدتها. أفضل حلّ يا رياض إنّك تبلّش تطبع دولار”.

… وهو فعلاً الحلّ الوحيد الباقي أمام حكومة ميقاتي والسلطة كلّها، فهم لا يُصلحون ولا يتصالحون ولا يحيدون من درب المصلحين!

* هذا المقال من نسج خيال الكاتب

لمتابعة الكاتب على تويتر: abo_zouheir@

مواضيع ذات صلة

مع وليد جنبلاط في يوم الحرّيّة

عند كلّ مفترق من ذاكرتنا الوطنية العميقة يقف وليد جنبلاط. نذكره كما العاصفة التي هبّت في قريطم، وهو الشجاع المقدام الذي حمل بين يديه دم…

طفل سورية الخارج من الكهف

“هذي البلاد شقّة مفروشة يملكها شخص يسمّى عنترة  يسكر طوال الليل عند بابها ويجمع الإيجار من سكّانها ويطلب الزواج من نسوانها ويطلق النار على الأشجار…

سوريا: أحمد الشّرع.. أو الفوضى؟

قبل 36 عاماً قال الموفد الأميركي ريتشارد مورفي للقادة المسيحيين: “مخايل الضاهر أو الفوضى”؟ أي إمّا القبول بمخايل الضاهر رئيساً للجمهورية وإمّا الغرق في الفوضى،…

السّوداني يراسل إيران عبر السعودية

 لم يتأخّر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ومعه قادة القوى السياسية في قراءة الرسائل المترتّبة على المتغيّرات التي حصلت على الساحة السورية وهروب رئيس…