ينشر “أساس” 5 حلقات تلخّص ملفّاً ضخماً جدّاً أعدّته مجلة “إيكونوميست” البريطانية الواسعة الانتشار والمعروفة بموضوعيتها عن العام المقبل، وقامت الزميلة إيمان شمص بترجمته إلى العربية ليكون بمثابة رؤيّة دولية لـ”عام التحوّلات” الذي عنونت به “أساس” ملفها السنويّ ويُنشر اعتباراً من يوم غد السبت.
في الحلقة الثانية تتوقّع إيكونوميست “نهاية عهد إردوغان” في تركيا لأسباب اقتصادية بالدرجة الأولى.
تحتفل الدولة الحديثة، التي أنشأها كمال أتاتورك من بقايا الإمبراطورية العثمانية، بذكرى تأسيسها المئوية في تشرين الأول 2023. لكن يُتوقّع ألّا تكون الأجواء احتفالية. فهناك فرصة حقيقية لأن تشهد الاحتفالات الرسمية نهاية عهد الرئيس رجب طيب إردوغان، على ما تتوقّع مجلة إيكونوميست في مقال مراسلها من تركيا، بيوتر زالوسكي، ضمن ملفّها للعام الجديد.
يخشى العديد من الأتراك أن يلجأ إردوغان إلى إجراءات متطرّفة لتجنّب الهزيمة. فهو سيحاول زيادة الإنفاق للخروج من هذه الفوضى
وداع إردوغان
يذكّر المقال بأنّ الرئيس التركي المستبدّ تعهّد في عام 2010 بزيادة الناتج المحلي الإجمالي إلى تريليونَيْ دولار وجعل الاقتصاد التركي واحداً من أكبر عشرة اقتصادات في العالم بحلول عام 2023. بدلاً من ذلك ونتيجة سياساته تدخل تركيا الجمهورية عامها المئة بنسبة تضخّم 80 في المئة وعملة ضعيفة، متراجعة إلى المركز الـ19 من حيث القيمة الدولارية. وقد انخفض الناتج المحلي الإجمالي: من 957 مليار دولار في عام 2013 إلى 815 مليار في عام 2021.
يرى مراسل إيكونوميست أنّ الاقتصاد قد يتسبّب، إلى جانب المخاوف بشأن الفساد والنزاهة المؤسّسية، في خسارة إردوغان الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرّر إجراؤها في حزيران المقبل. لم تطرح المعارضة بعد مرشّحها الرئاسي. لكنّ استطلاعات الرأي تُظهر أنّ إردوغان سيخسر أمام أيّ منافس في الجولة الثانية. وحزب العدالة والتنمية الحاكم وشريكه في الائتلاف، حزب الحركة القومية، على وشك أن يهزمهما تحالف معارض.
النعي السياسي لإردوغان كُتب بالفعل، تقول إيكونوميست. فحتّى حلفاؤه يعترفون بأنّ الانتخابات ستكون الأصعب بالنسبة إليه. ويخشى العديد من الأتراك أن يلجأ إردوغان إلى إجراءات متطرّفة لتجنّب الهزيمة. فهو سيحاول زيادة الإنفاق للخروج من هذه الفوضى. وبدأت حكومته بالفعل بتنفيذ برنامج العفو عن الديون ورفعت بشكل كبير الحدّ الأدنى للأجور. وهو يراهن على أن تجتذب تركيا المتعطّشة للعملة الصعبة استثمارات جديدة من روسيا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. لكن يمكن أن يؤدّي المزيد من الإنفاق التحفيزي إلى زيادة معدّل التضخّم الرسمي إلى ثلاثة أرقام.
قد يحاول إردوغان أيضاً قلب الأوضاع من خلال مواجهة المتمرّدين الأكراد في سوريا، أو عدوّه اليوناني القديم من أجل المجال الجوّي والحقوق البحرية. مع اقتراب موعد الانتخابات اليونانية أيضاً، يتزايد خطر التصعيد. لكن حتى هذا الأمر قد لا ينقذ إردوغان. وهناك فرصة حقيقية لدى حلول احتفالات تشرين الأول أن ينتهي عهد إردوغان. لكن يجب عدم التقليل من شأن جهوده لمنع حدوث ذلك، تنبِّه إيكونوميست.
استطلاعات الرأي تُظهر أنّ إردوغان سيخسر أمام أيّ منافس في الجولة الثانية
شريان حياة ماليّ
قبل العام الجديد بأسبوع، أعلن إردوغان للمرّة الثالثة هذا العام رفع الحدّ الأدنى للأجور الذي وصل إلى 8,500 ليرة تركيّة (حوالى 455 دولاراً) اعتباراً من الأول من كانون الثاني المقبل، مع إعلان البنك المركزي التركي تثبيت سعر الفائدة عند 9 في المئة، متوقّعاً أن يبدأ التضخّم بالتراجع. ويحاول إردوغان إصلاح العلاقات مع دول الخليج للحصول على شريان حياة مالي: زار في شباط للمرّة الأولى الإمارات منذ تسعة أعوام، وأتبع ذلك في نيسان بزيارة السعودية، واستقبله الأمير محمد بن سلمان بعد سنوات من العداء على خلفيّة مقتل الصحافي جمال خاشقجي. وتعهّدت كلّ من السعودية والإمارات بضخّ مليارات الدولارات لدعم الاحتياطي الأجنبي التركي.
كان إردوغان أوّل الوافدين إلى قطر لحضور افتتاح مونديال 2022، وصافح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وظهر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مبتسماً بينهما. وتتمتّع قطر بعلاقات قوية مع تركيا، وقدّمت أنقرة الدعم للدوحة عندما قاطعتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر عام 2017 بسبب خلاف تمّ حلّه العام الماضي. وتعاملت تركيا مع الأزمة بمنطق الغنيمة، ونجحت في تحقيق مكاسب اقتصادية وعسكرية من حلّ الخلاف. ويأمل إردوغان مواصلة الهيمنة على الحياة السياسية في تركيا التي يحكمها حزبه منذ عام 2002. وهناك اتفاق بين تركيا وقطر بشأن قيام الدوحة بتقديم تمويل يصل إلى عشرة مليارات دولار بهدف دعم احتياطيات أنقرة من النقد الأجنبي. واستثمرت الدوحة بالفعل نحو مليار دولار في تركيا، ويُتوقّع أن تشتري سندات من الدولة التركية بقيمة مليارَيْ دولار الشهر المقبل، وسيتدفّق باقي الأموال خلال عام 2023.
إقرأ أيضاً: الحلقة الأولى
إقرأ أيضاً: الحلقة الثالثة
إقرأ أيضاً: الحلقة الرابعة
إقرأ أيضاً: الحلقة الخامسة
لقراءة النصّ الأصلي: إضغط هنا