يستقبل حزب الله الوسيط الأميركي في ملفّ الترسيم البحري آموس هوكستين على طريقته. ففي حين يلتقي هوكستين المسؤولين اللبنانيين لإبلاغهم الجواب الإسرائيلي على الطروحات اللبنانية حول ترسيم الحدود وملفّ الغاز والنفط، يجري حزب الله مناورات شبه عسكرية في معظم المناطق الجنوبية المحاذية للحدود، بالتزامن مع احتفالات يقيمها الحزب في معظم المناطق اللبنانية في ذكرى عاشوراء ومع إحياء الذكرى الأربعين لتأسيس الحزب.
وقد كان واضحاً من خلال متابعة هذه الاحتفالات أنّ هناك قراراً رسميّاً لقيادة الحزب بتحويل هذه الاحتفالات الدينية والتقليدية إلى استعراض لقوّة الحزب وقدراته التنظيمية والشعبية. بدا هذا واضحاً من خلال المراسم العاشورائية المركزية في المجلس المركزي في منطقة الجاموس في الضاحية الجنوبية والمواقف التي أطلقها الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، وما سبق ذلك من مواقف تصعيدية خلال اللقاء الخاص مع قرّاء وخطباء مجالس عاشوراء.
عناصر التعبئة والمقاتلون
أمّا على الصعيدين الميداني والعسكري فتؤكّد مصادر جنوبية مطّلعة أنّ الحزب أجرى خلال الأيام الماضية سلسلة استعراضات ومناورات عسكرية في مناطق جنوبية قريبة من الحدود. وتمّ عقد أكثر من لقاء موسّع لعناصر من التعبئة العسكرية والمقاتلين في إحدى الحسينيّات الجنوبية لعرض الأوضاع العامّة والاستعدادات العسكرية لمواجهة أيّ عدوان إسرائيلي، وحرص المشرفون على اللقاء على إبقاء الميكروفونات خارج الحسينية القريبة من الحدود مفتوحةً كي يصل الصوت وما يُطرح في اللقاء إلى مسامع الضباط والجنود الصهاينة.
تؤكّد مصادر جنوبية مطّلعة أنّ الحزب أجرى خلال الأيام الماضية سلسلة استعراضات ومناورات عسكرية في مناطق جنوبية قريبة من الحدود
تشير هذه المصادر إلى أنّ حزب الله أكمل في الأيام الماضية الاستعدادات العسكرية والميدانية لمواجهة أيّ تصعيد ميداني في الجنوب في حال فشلت المفاوضات بشأن الترسيم البحري عبر المبعوث الأميركي. وعلى الرغم من أنّ المسؤولين في الحزب يؤكّدون أنّهم لا يفضّلون الحرب ولا يرغبون بها، لكنّهم في الوقت نفسه يشدّدون على أنّ الاستعدادات الميدانية متواصلة تحسّباً لاحتمال حصول تصعيد ميداني، وأنّ كلّ الإجراءات الاحتياطية تُتّخذ في الوقت المناسب، وأنّ هناك خططاً عديدة يتمّ تطبيقها لكلّ الاحتمالات المتوقّعة عسكرياً وميدانياً وسياسياً.
من جهة أخرى، تابع حزب الله عملية التصعيد والتعبئة الشعبية من خلال عدّة مسارات:
– المسار الأول تضمّن متابعة الاحتفالات في الذكرى الأربعين لتأسيس الحزب التي تحوّلت إلى استعراض لعناصر القوّة من خلال المواقف المتشدّدة للمسؤولين في الحزب، وعلى رأسهم الأمين العام السيّد حسن نصر الله. إضافة إلى إقامة سلسلة أنشطة لتعزيز وإبراز أهمّ المحطات المهمّة في مسيرة الحزب عبر المعارض والاحتفالات والمقابلات والأناشيد. ولوحظ في هذا المجال قيام رئيس المجلس التنفيذي للحزب السيد هاشم صفي الدين بجولة علنية على الحدود تحت عنوان افتتاح جداريّة تتعلّق بذكرى الأربعين وشهداء الحزب.
– المسار الثاني شمل إقامة الاحتفالات لإطلاق نشيد “سلام يا مهدي” التي تحوّلت إلى عملية تعبئة شعبية ودينية في كلّ المناطق والقرى والأحياء وعلى كل المستويات.
– المسار الثالث توسيع إحياء ذكرى عاشوراء هذا العام، التي ستشهد حضوراً شعبياً وإقامة مسيرات دينية وشعبية واحتفالات مركزية وإطلاق مواقف قوية.
إقرأ أيضاً: الموساد: الحزب فجّر في الأرجنتين.. والمنفّذون في لبنان
يترافق كلّ ذلك مع تحرّك سياسي في كلّ الاتجاهات يقوم به الحزب من أجل تمتين العلاقات مع كلّ الحلفاء وتبريد أجواء التصعيد مع القوى التي برزت بعض الخلافات معها في الفترة الأخيرة. وهذا التحرّك السياسي له أكثر من بعد داخلي وخارجي، وهو مرتبط بمعركة رئاسة الجمهورية، لكنّه في الوقت نفسه له علاقة بإمكانية حصول تطوّرات ميدانية أو سياسية داخلية أو خارجية. في المحصّلة حزب الله حاضر اليوم.