على الرغم من كثرة الملفّات الإقليمية والدولية التي تشغل اهتمامات القادة العرب وزعماء العالم (الحرب الروسية في أوكرانيا، أزمات الغاز والنفط والغذاء، التحضير لتشكيل “ناتو” شرق أوسطي وزيارة الرئيس الأميركي جو بايدن السعودية، وعودة المفاوضات حول الملف النووي الإيراني)، فإنّ الوضع في لبنان ما يزال يحتلّ قسماً من هذه الاهتمامات، بحسب دبلوماسيين عرب وغربيين.
هذا نظراً إلى أهمية الوضع اللبناني وحرص الجميع على عدم السماح بتدهور الأوضاع وحصول تطوّرات عسكرية أو أمنيّة غير تقليدية أو انفجار الأزمات المعيشية والاجتماعية والاقتصادية، إضافة إلى ملف الترسيم البحري بين لبنان والكيان الصهيوني الذي يشكّل أحد الاهتمامات الأميركية والأوروبية الأساسية في لبنان في ظلّ الحرص على التوصّل إلى حلّ سلمي لهذه الأزمة ومنع تحوُّل هذه الأزمة إلى سبب مباشر لحرب جديدة بين لبنان والعدوّ الصهيوني.
في إطار الاهتمام العربي بالوضع اللبناني، نقلت مصادر دبلوماسية عربية عن مسؤولين عرب كبار أنّ الوضع في لبنان يشكّل أحد أبرز الاهتمامات الأساسية للقادة العرب، سواء خلال أيّ اتّصال هاتفي بين زعيمين عربيّين، أو خلال انعقاد أيّ قمّة ثنائية أو ثلاثية بين القادة العرب، وأنّ هناك اتفاقاً بين القادة العرب على الاهتمام بالوضع اللبناني وتقديم كلّ أشكال المساعدة الممكنة للّبنانيين ومنع تدهور الأوضاع. مع تأكيد القادة العرب على أولويّة الإصلاح الداخلي ومنع تحوّل لبنان إلى مقرّ لأيّ محور إقليمي أو دولي أو ساحة للتحرّك ضدّ الدول العربية، وأنّ القادة العرب لن يتركوا لبنان وحيداً.
على الرغم من كثرة الملفّات الإقليمية والدولية التي تشغل اهتمامات القادة العرب وزعماء العالم فإنّ الوضع في لبنان ما يزال يحتلّ قسماً من هذه الاهتمامات، بحسب دبلوماسيين عرب وغربيين
إلى ذلك أبدت هذه المصادر الدبلوماسية العربية ارتياحها لنتائج الانتخابات النيابية والسرعة في استكمال المحطات الدستورية الأخرى (انتخاب رئيس للمجلس النيابي ونائب له، وتشكيل هيئة المجلس واللجان النيابية، وانتهاء استشارات التكليف باختيار الرئيس نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة الجديدة). وأملت هذه المصادر أن يتمّ تشكيل الحكومة الجديدة بأسرع وقت ممكن، وذلك لمتابعة بقيّة الملفّات الإصلاحية والاتفاق مع صندوق النقد الدولي واستكمال خطة التعافي وتطبيق خطة الكهرباء، وصولاً إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهلة الدستورية المقرّرة.
لا مؤتمر قبل الرئاسة
بموازاة هذه الأجواء العربية، فإنّ مصادر دبلوماسية غربية (أوروبية ودولية وأميركية) عبّرت عن ارتياحها التامّ لحصول الانتخابات النيابية والنتائج التي أفرزتها والتي تؤكّد وجود مؤشّرات مهمّة إلى التغيير في الرأي العام اللبناني، على الرغم من محدوديّته والخلافات القائمة بين قوى التغيير والمعارضة. لكنّ ذلك يشكّل، بالنسبة لها، فرصة مهمّة لاستكمال التغيير في المستقبل وعدم سيطرة أيّ فريق سياسي على المشهد اللبناني. الأمر الذي يفرض على الجميع البحث عن تسويات جديدة في المرحلة المقبلة.
أكّدت هذه المصادر أولويّة تشكيل حكومة جديدة بأسرع وقت ممكن لاستكمال الخطط الإصلاحية، وهذا ما عبّرت عنه بصراحة ووضوح وزارة الخارجية الفرنسية وبيانات المسؤولين في الأمم المتحدة ومجلس الأمن والخارجية الأميركيةز لكن في الوقت نفسه يقوم دبلوماسيون غربيون بإبلاغ جميع القيادات اللبنانية والأحزاب السياسية بضرورة الالتزام بانتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهلة الدستورية لأنّ هذا الانتخاب سيشكّل فرصة مهمّة لإحداث تغيير بارز في السياسات اللبنانية. وأشارت هذه المصادر إلى ارتياح الأوساط الغربية إلى الخطوات التي قامت بها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي تتابع تصريف الأعمال حالياً، وتتوقّع متابعة هذا النهج في المرحلة المقبلة.
إقرأ أيضاً: ما هو انعكاس تحالف الدول “السنّيّة” على لبنان؟
هذا ونفت هذه المصادر إمكانية عقد مؤتمر للحوار الوطني اللبناني، سواء في لبنان أو خارجه، قبل حصول الانتخابات الرئاسية، مع سعي الأوساط العربية والدولية إلى تعزيز التواصل والحوار مع كلّ الأطراف اللبنانية وفيما بينها للحفاظ على الاستقرار واستكمال الخطوات الإصلاحية.
في الخلاصة ما يزال لبنان محور اهتمام عربي ودولي حالياً، ولن يُترك وحيداً، والأهمّ أن يسارع اللبنانيون إلى ترتيب أوضاعهم الداخلية لملاقاة هذا الاهتمام في المرحلة المقبلة.