حكاية الـ65: من صوّت لبرّي… ومن صوّت لبو صعب؟

مدة القراءة 5 د

أعطت جلسة انتخاب نبيه برّي رئيساً لمجلس النواب لولاية سابعة مؤشّرات حاسمة إلى ضبابيّة المشهد النيابي على مدى أربع سنوات وانسحابه بالتأكيد على مشاورات تكليف رئيس حكومة وتأليف حكومة وصولاً إلى انتخابات رئاسة الجمهورية.

هي أكثريّات وأقلّيّات وتكتّلات متداخلة فرزت نفسها بما سمح بتوقّع جولات متتالية من الكباش على “الصوت الواحد”، وأوّل الاستحقاقات استشارات تكليف رئيس حكومة.

كلّ المشهديّة التي رافقت انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه لم يغيّر في مسار ضمان فوز نبيه بري بولاية سابعة

رئيس الجمهورية لم يدعُ بعد إلى الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس حكومة، والمعسكر الخارج من انتصار في ساحة النجمة لم يتّفق بعد على اسم مرشّحه، مع العلم أنّ تكليف الرئيس نجيب ميقاتي مجدّداً هو عنصر كباش بين جبران باسيل والرئيس نبيه برّي، و”التغييريّون” يقولون في مجالسهم الخاصة إنّ معركة “التكليف” ستكون معركتهم الكبرى وسيخوضونها من خلال مرشّحهم الخاصّ.

تكفّل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي برمي بعض الأسماء “المُختارة” من جانبه، والتي بدت أقرب إلى “الحرق” في سوق التداول الإعلامي منها إلى التزكية لدخول السراي.

ما هي حكايةالـ65؟

حتى يوم أمس كانت النقاشات تتركّز على الكتل والنواب الذين وفّروا حاصل الـ 65 صوتاً للرئيس نبيه بري من الدورة الأولى التي يمكن الحديث انطلاقاً منها عن أكثريّة هي فعليّاً متحرّكة ومتلوّنة أثبتت، حتى لو بالنصف زائداً واحداً، أن لا أكثرية غيرها قد “تطبش” لمصلحة أيّ من القوى الأخرى المعارضة أو التغييرية. 

خيار غير ممكن إلا إذا تكاتفت هذه القوى، تحديداً مع أحزاب المعارضة التقليدية، على شاكلة المعركة الفاشلة لضمان فوز المرشّح غسان سكاف بوجه الياس بو صعب في الدورة الثانية.

انطلق برّي “مرتاحاً” من كوتا من 62 صوتاً توزّعت على نواب حركة أمل وحزب الله (29) والحزب الإشتراكي (8)، والحلفاء (6) جهاد الصمد، حسن مراد، عدنان طرابلسي، طه ناجي، ينال الصلح، وملحم الحجيري، والطاشناق (3)، والنواب المستقلّون (4): فراس سلوم، جان طالوزيان، ميشال المر، غسان سكاف ونواب عكار مع النواب القريبين من تيار المستقبل (9): محمد سليمان، وليد البعريني، سجيع عطية، أحمد رستم، أحمد الخير، عبد العزيز الصمد، عبد الكريم كبارة، نبيل بدر، بلال الحشيمي، وتيار المردة (طوني فرنجية) والجماعة الإسلامية (عماد الحوت). أمّا الأصوات الـ3 الإضافية فأدلى بها النائب الياس بو صعب وحليفا رئيس التيار الوطني الحر فريد البستاني ومحمد يحيى، وبقي صوتٌ ضائع لم تُعرف هويّته بعد. 

في مقلب الياس بو صعب لم يصوّت له الاشتراكيون والنواب القريبون من “المستقبل”، وعوّض بأصوات تكتّل لبنان القوي وأصوات حُجبت عن برّي كنائب بشرّي وليام طوق مثلاً.

باختصار: كلّ المشهديّة التي رافقت انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه من استعراضات ثورويّة ومناخات ضاغطة في شأن بوانتاج الأصوات والنصاب الكامل لبرلمان ما بعد 17 تشرين ومفاوضات الكواليس التي غلّفتها السرّيّة والتشويق والأوراق “الملغومة”، كلّ ذلك لم يغيّر في مسار ضمان فوز نبيه بري بولاية سابعة، ومن الدورة الأولى، وسط معارضة هي الكبرى والأكثر إحراجاً بوجه “الأستاذ” منذ العام 1992.

الدرس الأكبر “علّم على جلد” أحزاب المعارضة، وعلى رأسها القوات والكتائب، وبعض راكبي موجة الثورة، مع ادّعاء انتقال الأكثرية إليهم كما أوحوا بذلك بعد انتخابات 15 أيار

أكثرية “الصوت الواحد

أبعد من ذلك ثبت “بالوجه النيابي”، ومن المعركة الأولى، وجود أكثرية “ما”، بيد حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر وحلفائهم، وفوقهم بعض المستقلّين، سيطرت بشكل كامل على مواقع رئاسة المجلس ونائب الرئيس وهيئة مكتب المجلس من دون أيّ خرق لمرشّح من قوى المعارضة أو التغيير.

ميزان الذهب الذي وفّر نجاح “فريق عمل” الإدارة المجلسيّة المقبلة بأكثريّة الصوت الواحد قد يكون عرضة للاهتزاز من الآن وصاعداً.

والصوت الواحد هذا شديد التعقيد. فكلّ نائب من النواب المستقلّين أو ممن هم من ماضي المستقبل، يمكن أن يطيح بهذه الأكثرية “المطلقة”.

لا أكثرية مضمونة لأحد. وأوّل ناسفيها النائب جبران باسيل بعدما أكّد أنّ “الحديث عن أكثريّات وأقلّيّات ليس صحيحاً، وهو واقع متغيّر”.

هذا وكانت المعركة على موقع نائب الرئيس قاسية وجدّيّة، وكان يمكن أن تسمح بانتصار “نظيف” لقوى الثورة والتغيير، أي الـ 13 نائباً، مع القوى السيادية وقوى المعارضة والأحزاب المسيحية المعارضة وبعض المستقلّين، من خلال ضمان وصول غسان سكاف الذي كان سيؤسّس لمشهد أكثريّ مضادّ.

 لكن تبيّن بالملموس أنّ “الضيوف الجدد” على البرلمان بحاجة إلى “فتّ خبز” ودروس مكثّفة في مادّة “تخويف السلطة”، كما أنّ الجنوح نحو رفض التحالف العلني مع أحزاب تقليدية معارِضة ضيّع فرصة إيصال مرشّح من خارج “الملعب التوافقي” ليجلس إلى يمين نبيه برّي.

إقرأ أيضاً: نواب الثورة “شاغبوا”… ونواب النظام “حَكَموا”

كان الفارق في الجولة الثانية بين بو صعب وسكاف خمسة أصوات فقط، و”اللعب الخفيف” على مستوى المعارضين أدّى إلى خسارة معركة لها رمزيّتها الكبيرة في السياسة على الرغم من قلّة إنتاجية وتأثير هذا الموقع.

لكنّ الدرس الأكبر “علّم على جلد” أحزاب المعارضة، وعلى رأسها القوات والكتائب، وبعض راكبي موجة الثورة، مع ادّعاء انتقال الأكثرية إليهم كما أوحوا بذلك بعد انتخابات 15 أيار.

مواضيع ذات صلة

هل يستبدِل برّي حليفه فرنجيّة بأزعور؟

يدور الاستحقاق الرئاسي في حلقة مُفرغة، أحد أبرز عناصر كَسرِها التوصّل داخلياً إلى تسوية تَمنع الثنائي الشيعي من أن يكون في جلسة التاسع من كانون…

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…