غداً لن تجد خاسرين. للمرّة الأولى في تاريخ لبنان، ستنتهي الانتخابات، وسيعلن الجميع أنّهم فازوا. سيكون المشهد غريباً وصعباً على التصديق.
1- حزب الله سيحتفل بفوزه بالأكثريّة النيابية. سنشاهد مسيرات الدرّاجات الناريّة تجوب شوارع بيروت وتكرّر: “بيروت صارت شيعيّة”. وسيكون في هذا الشعار شيءٌ من الحقيقة. للمرّة الأولى في تاريخ بيروت، سيكون أكثر من نصف نوّابها تابعين لحارة حريك. بدءاً من 3 أو 4 حواصل خاصّة باللائحة الرسميّة، مروراً بحاصل أو اثنين للأحباش، وليس انتهاءً بمرشّحين ليسوا على عداء مع الحزب. وسيحتفل الثنائي الشيعي بأنّه ربح 27 – 0، بلا أيّ شيعي معارض في ساحة النجمة.
أسبوعان من التحليلات حول أهمّيّة التقدّم الذي حقّقه الجميع. ستكون البلاد في هذه الأثناء قد دخلت مدار الإجراءات الماليّة الجديدة، ورفع أسعار كلّ شيء
2- على الرغم من ابتعادها أميالاً ضوئيّة عن الأكثرية النيابية، ستحتفل القوات اللبنانية بأنّها الحزب الوحيد الذي لم تصغر كتلته هذه الانتخابات، بل توسّعت بين 4 و6 مقاعد. وستحتفل بأنّها باتت “أكبر كتلة مسيحيّة”.
3- ستحتفل المختارة بأنّها استطاعت صدّ الهجوم الأكبر والأقوى، ومحاولة الاغتيال السياسي الذي تقول إنّها تعرّضت له، بالحفاظ على كتلة من 7 إلى 9 نواب، بغضّ النظر عن خسارة مقعد أو مقعدين درزيَّيْن.
4- سيحتفل جبران باسيل بأنّه Survivor، وعاد بكتلة من 14 إلى 16 نائباً، وإنْ كان 6 منهم بأصوات شيعية، خلافاً لروايته عن “انتخاب المسيحيّين بأصوات مسيحية”.
5- سيحتفل نوّاب فؤاد السنيورة وحلفاء تيار المستقبل “المكتومو القيد السياسيّ”، بأنّهم استطاعوا المحافظة على كتلة تراوح بين 6 ونوّاب، يمكن جمعهم.
6- ستحتفل الكتائب بأنّها ضاعفت كتلتها من 2 إلى 4.
7- سيحتفل أشرف ريفي بأنّه انتقم من سعد الحريري وعاد إلى مجلس النواب من خارج إرادته السياسية. ستكون “نيابة” بطعم “الثأر”.
ستكون انتخابات بلا خاسرين. ستعمّ الاحتفالات في كلّ مكان. لن نرى دموعاً بل هتافاتٍ ورجالاً يدقّون على صدورهم ويصرخون صراخ “الغوريلات” الفخورة
8- ستحتفل قوى التغيير بأنّها خرقت هنا وهناك وهنالك. سيكون نصراً بطعم الهزيمة. لكنّه جدير بالاحتفال: رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة.
9- سيحتفل فؤاد مخزومي بأنّه ضاعف عدد أعضاء كتلته، من 1 إلى 2. وربّما أكثر.
10- سيحتفل مستقلّون بأنّهم استطاعوا البقاء على “قيد الحياة السياسية”.
11- سيحتفل الطاشناق بأنّه استطاع المحافظة على “وجوده” السياسي، على الرغم من إصراره على التحالف مع الشخص الأكثر مكروهيّة في تاريخ لبنان: جبران باسيل.
ستكون انتخابات بلا خاسرين. ستعمّ الاحتفالات في كلّ مكان. لن نرى دموعاً بل هتافاتٍ ورجالاً يدقّون على صدورهم ويصرخون صراخ “الغوريلات” الفخورة.
إقرأ أيضاً: رسالة إلى “الحكيم”: إسقاط أسعد حردان مسؤوليّة تاريخيّة
أسبوعان من التحليلات حول أهمّيّة التقدّم الذي حقّقه الجميع. ستكون البلاد في هذه الأثناء قد دخلت مدار الإجراءات الماليّة الجديدة، ورفع أسعار كلّ شيء، وربّما ارتفاع سعر صرف الدولار، والبدء بمحاولات تشكيل حكومة تعبّر عن البرلمان الجديد.
مَن يقرأ هذا النصّ وهو جائع، و”على العتم”، قد لا يستطيع مشاهدة الاحتفالات لأنّه سيظلّ “على العتم”، وسيزيد جوعه.