تصرّ أمّ زهير على مقاطعة الانتخابات النيابية، وترفض التصويت لأيّ لائحة، وذلك منذ لحظة تعليق “الغالي ابن الغالي” الرئيس سعد الحريري عمله وعمل تيّاره السياسيَّين، و”الهجرة” الطوعيّة إلى الإمارات.
لا أعارضها في قرارها، وأتركها تعبّر عن تطلّعاتها السياسية “بَحرّيّة (وبرّيّة)”، وأحاول أن أُجاريها بقرارها من أجل تمرير “قطوع” شهر رمضان المبارك بخير وسلام. لكنّني سأهمّ بمفاتحتها بهذا الموضوع بعد عيد الفطر السعيد، مستخدماً “قدراتي” الحواريّة من أجل ثنيها عن هذا القرار علّي أُقنعها بالتصويت لأحد المرشّحين المغمورين وأستفيد من صوتها ببضعة دولارات.
مساء أمس، دخلت أمّ زهير المطبخ للمرّة الثانية بعد الإفطار، عمّرت أرجيلتها العجميّة وأشعلت الغاز تحت شعّالة الفحم (سنديان أصلي وربّ الكعبة). لقّمت ركوة القهوة، ثمّ أقبلت إلى الصالون حاملة الصينية بيد وباليد الأخرى الأرجيلة وكانون الجمر.
لعلّ أمّ زهير وأترابها يتحضّرن لسماع كلمة الشيخ سعد عن الانتخابات المنتظرة بعد فترة، والتي قد تحمل إيعازاً بضرورة عدم المقاطعة، والمشاركة
تركتها بضع دقائق تنفخ مرارتها بالأرجيلة، حتى “تمشّي النفس” وتعدّل مزاجها قليلاً بجرعات متواترة من النيكوتين والكافيين، إلّا أنّ المفاجأة كانت أنّ أمّ زهير استرسلت بالتنفيخ وكان وقع النيكوتين والكافيين قويّاً على نافوخها، فكانت هي مَن بادر إلى إعادة فتح ملفّ الانتخابات.
يبدو أنّ أمّ زهير بدأت تلين بشكل إرادي، وأنّ التعنّت والعناد والتصلّب في عدم الاقتراع والمقاطعة “لعيون الشيخ سعد” بدأ يزول مفعولها. لم أعرف إن كان ثمّة إيعاز ما وصلها من هنا أو من هناك، على الرغم من الشعار الذي رفعته قبل أسابيع وراحت تردّده على مسامعي “ع الطالعة والنازلة” قائلةً لي: “فينا بس ما بدنا”، وذلك ردّاً على شعار القوات اللبنانية التي ما عاد المستقبليون يطيقون السماع باسمها.
لا علم لي إن كانت أمّ زهير تلقّت اتّصالاً من جهة زرقاء، حضّتها سرّاً أو حفّزتها علناً على التحوّل إلى الخطة “باء” والاستعداد لمرحلة “إدارة البوصلة”.
في لحظات أضحت المقاطعة قراراً قابلاً للنقاش و”الأخد والردّ”. وعلى ما يبدو، فإنّ أمّ زهير دخلت مرحلة التمهيد من أجل التخلّي عن قرار المقاطعة… إن شاء الله خير..
لعلّ أمّ زهير وأترابها يتحضّرن لسماع كلمة الشيخ سعد عن الانتخابات المنتظرة بعد فترة، والتي قد تحمل إيعازاً بضرورة عدم المقاطعة، والمشاركة في العملية الانتخابية “كلٌّ بحسب تطلّعاته”. من يعرف؟ لعلّ هذه الخطوة هي خطة من أجل التقدّم إلى الأمام، وعدم تحميله ضمناً النتائج الكارثيّة التي ستحلّ على الطائفة نتيجة المقاطعة. فالنتائج التي ستترتّب عن قرار كهذا تشير إلى أنّ المستفيد الأول منها سيكون “الحزب” ما غيرو الذي سيحصد مع حلفائه ثلث الحواصل الانتخابية في دائرة “بيروت الثانية”، وهذا من دون الخوض في بقيّة الدوائر!
لعلّ أمّ زهير وأترابها لا يُقمن لتوجّهات الشيخ سعد أيّ اعتبار، بل يشعرن بالطفر ويُردن استثمار أصواتهنّ الانتخابية مقابل حفنة من الدولارات الفريش في هذه المناسبة الموسمية النادرة التي تمرّ علينا مرّة كلّ 4 سنوات (وربّما أكثر). ما دفعني للشكّ في أن يكون هذا السبب وراء هذا التغيّر هي زيارات أمّ زهير المتكرّرة لمحل الصاغة في آخر الشارع في حيّنا، والأسئلة الزائدة التي تطرحها بلا مناسبة عن أسعار الذهب، الذي تتابع أخباره باهتمام منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية قبل أكثر من شهر.
إقرأ أيضاً: أيّها المرشّح… بِع خسّتك في رمضان بـ30 ألفاً
لا أعرف ما يجول في خاطر أمّ زهير، وما ترمي إليه وتخطّط له (أصلاً صعب جدّاً أن تفهم ما يجول في بال أمّ زهير وبال أترابها)، لكن إن كان الأمر كذلك فعلاً، فمسكينة أمّ زهير ومسكينات أترابها، إذ لا تعلم أمّ زهير ولا أترابها أنّ آخر استطلاع أجرته “الدولية للمعلومات” كشف أنّ بورصة شراء الأصوات الانتخابية في دائرة “بيروت الثانية” بالليرة اللبنانية وليست بالدولار الفريش كما في الدوائر الأخرى، والصوت ع نزول، وتلك أزمة أخرى تُضاف إلى أزمات “الطائفة المُحبَطة” بعد رحيل “الغالي ابن الغالي”…
*هذا المقال من نسج خيال الكاتب