أقفلت بورصة الخسّ في اليوم الأوّل من شهر رمضان المبارك بسوق صبرا المحلّيّ، على سعر 30 ألف ليرة للخسّة الواحدة (خسّة “بلا قلب” مثل التاجر الذي يبيعها). أمّا سعر ربطة الفجل، ذات الـ6 حبّات، فسجّلت رقماً قياسياً بلغ 10 آلاف ليرة، ناهيك عن الزعتر البرّيّ الذي حقّق مكاسب قوية واستقرّ عند رقم 20 ألفاً…
وكما هو معروف فإنّ الخسّ أنواع. هناك الخسّ الروماني الذي نستهلكه ونقول عنه “بلدي”، وهناك خسّ الـKale ذو الأوراق الفاهية والمجعّدة الذي يُقال إنّه يساعد على إنقاص الوزن، وينسبه البعض إلى عائلة البروكولي وليس الخسّ. هناك أيضاً خسّ الـLolo Rosso، وشقيقه الـLolo Verde، وهما نوعان من عائلة الخسّ الـclass كخسّ “الأنديف”، ولا علاقة لهما بشهر رمضان ووجبات الإفطار.
إلى جانب هذه الأصناف هناك خسّ من صنف آخر، غير رائج في أسواق الخضار، وزراعته صعبة. هذا الخسّ تربته الخصبة هي “الرؤوس الحامية”. هناك ينمو ويكبر، مستفيداً من فصول محدّدة بخلاف فصل الربيع. يتفتّح ويكبر سريعاً كلّما اقترب فصل الانتخابات النيابية.
مع إقفال باب تشكيل القوائم مساء اليوم الإثنين، عاد بعض من هؤلاء إلى رشده، إذ “راحت السكرة ورجعت الفكرة” وبدأ الخسّ يذبل
هو خسّ “بعل”، ليس بحاجة إلى الريّ ولا إلى العناية والمبيدات، لكنّه بحاجة إلى تشحيل عند كلّ استحقاق، ليعود وينمو مع قرب الاستحقاق التالي من جديد… وهكذا دواليك. مرشّحون كثر، منهم المنفرد أو المحسوب على مجموعات الثورة والمجتمع المدني، ومنهم وريث أو “فرخ سلطة” كبرت الخسّة “براسو”. كلّ واحد منهم يظنّ نفسه زعيماً لوذعيّاً ألمعيّاً جهبذاً، يرى في نفسه الخلاص المنشود لخروج لبنان من هذه الأزمة، بينما الحلول لجميع الأزمات اللبنانية ستُشرق من دُبره في حال دخل الندوة البرلمانية.
مع إقفال باب تشكيل القوائم مساء اليوم الإثنين، عاد بعض من هؤلاء إلى رشده، إذ “راحت السكرة ورجعت الفكرة” وبدأ الخسّ يذبل، خصوصاً خسّ أؤلئك الذين لم يحالفهم الحظ في الانضمام إلى لائحة. الخسّة ستموت وسيعود صاحبها إلى حجمه الطبيعي، وسيبدأ رأسه تباعاً بالضمور ويعود تدريجياً إلى مصافّ الناس العاديّين. يعود مواطناً عاجزاً يعيش مثلنا كلّ يوم بيومه.
ماذا يفعل؟ خسّة أخذت بالنمو قبل 4 سنين، فهل تذهب هذه السنوات سدىً وهباءً منثوراً؟
الحلّ الوحيد هو بيعها. نعم، بيع الخسّة، أو حتى إدراجها ضمن “بورصة صبرا” للخسّ والفجل.
بِع خسّتك أيّها المرشّح المنسحب بـ30 ألفَ ليرة، واستفِد من شهر الخير، لتكون بذلك قد حقّقت ربحاً وكسبت أجراً في زيادة العرض في سوق الخسّ. استثمرت في الانتخابات النيابية فدفعت 30 مليون ليرة بدل ترشّح، استردَّها 30 مليوناً و30 ألفاً ثمن الخسّة… لله درُّك!
إقرأ أيضاً: تمويل الانتخابات في لبنان والخارج: ترقيع و”شحادة”
هنيئاً لكم هذا الربح، بيعوا الخسّ واستفيدوا ثمّ ارحلوا… اتركونا نحن المواطنين العاديين العاجزين نزرع على خ***كم فجلاً!
أمّا أصحاب الخسّ الذين هربوا بـ”زرعهم ومحاصيلهم” إلى اللوائح الانتخابية. فموعد الانتخابات ليس ببعيد. في اليوم التالي لإعلان النتائج سينتهي موسم الخسّ وسيبدأ زمن آخر هو زمن السحاسيح.
فتحسّسوا رقابكم.
(بالإذن من الزميل بوب الأمين طبعاً).
*هذا المقال من نسج خيال الكاتب