في سابقة لم يشهدها لبنان من قبل، تبنّى 3 مقرّرين في الأمم المتحدة – فرع حقوق الانسان، قضية الناشط لقمان سليم، وهم: دياغو غارسيا، سايان وايرين خان، وموريس تيدبال – بينز. وتكمن مهمة المقرّرين في “الضغط على المحقّقين المحليّين للقبض على القتلة المأجورين وأسيادهم، وإعداد ملفّ مفصّل يضمّ ما توافر لهم من معلومات وأدلّة، ثمّ يرفع إلى الأمين العام للأمم المتحدة قبل تعميمه”.
فما أبعاد هذه الخطوة؟ وما تعليق عائلة لقمان سليم؟ وكيف يرى خبراء قانونيون هذا المُعطى الأممي الجديد؟
“هم إخوتي في الإنسانية”، بهذه العبارة تعلّق رشا الأمير، شقيقة لقمان سليم، عند سؤالها عن تبنّي المقرّرين الثلاثة لقضية لقمان سليم، موضحةً أنّها لم تتواصل معهم، وأنّ “البيان المتداول صدر منذ أسبوعين باللغة الإنكليزية، ولكنّه لم يُتداول في لبنان إلاّ أمس الأوّل بعد تعريبه”.
وتشير رشا إلى أنّه “في الأمم المتحدة 11 مقرّراً ومقرّرة. لا رواتب لهم، ولديهم لقب شرفي. هم يعملون مجاناً في سبيل الضمير القومي، في العالم كلّه وليس فقط في لبنان”.
وتوضح رشا أنّه “للمرّة الأولى في تاريخ الاغتيالات في لبنان يهتمّ 3 مقررين بهذا الملفّ، وسيتعاونون مع القضاء المحلي، كي يجمعوا المعلومات اللازمة”، لافتةً إلى أنّ “عمل المقرّرين لا يحلّ مكان المحكمة، فهم محكمة ضمير لرفع الصوت عالياً في الأمم المتحدة”.
“هم إخوتي في الإنسانية”، بهذه العبارة تعلّق رشا الأمير، شقيقة لقمان سليم، عند سؤالها عن تبنّي المقرّرين الثلاثة لقضية لقمان سليم، موضحةً أنّها لم تتواصل معهم، وأنّ “البيان المتداول صدر منذ أسبوعين باللغة الإنكليزية، ولكنّه لم يُتداول في لبنان إلاّ أمس الأوّل بعد تعريبه”
وفي سياق حديثها، تؤكّد رشا أنّها لم تعد تخشى شيئاً بعد اغتيال شقيقها، واصفةً القضاء اللبناني بأنّه “مُحاصَر” و”حاله من حال لبنان، وأنا ليس لديّ صراع مع أحد. أمّا بالنسبة إلى المقرّرين فليذهبوا إلى القضاء والأجهزة الأمنية، التي حقّقت في الجريمة، وليسألوهم أين أصبح الملف؟”.
في المقابل، أوضح المحامي مجد حرب، في حديث لـ”أساس”، أنّ “الهدف من هذه الخطوة إعداد ملفّ كامل للضغط على القضاء اللبناني لاتخاذ القرار المناسب”. ووفق حرب “لن تؤدّي هذه الخطوة إلى تسريع التحقيقات في الملف فحسب، بل يوجد عنصر معنوي كبير. والإمكانات التي تملكها الأمم المتحدة وما تتّسم به من تجرّد وموضوعية، جميعها عوامل تجعلها قادرةً على إعداد ملف مفصّل يشمل كلّ المعلومات والأدلّة”.
واستبعد حرب أن يعمد المقرّرون الثلاثة إلى إصدار حكم نهائيّ: “فهم يعرضون هذا الملفّ على الأمين العام للأمم المتحدة، ثمّ يعمّمونه في وقت لاحق”.
لكن ما أهمّية هذه الخطوة؟
يجيب حرب: “على الصعيد الداخلي، هذا التطوّر هو عنصر ضغط على القضاء اللبناني، وأيضاً عنصر مساعدة في كشف ملابسات الجريمة إن كان من نيّة لكشف هذه الملابسات”.
وفي ما يتعلّق بالإجراءات التي قد تعتمد في حال تقاعس القضاء اللبناني، أوضح حرب أنّه “إذا لم تلتزم الدولة اللبنانية في مرحلة لاحقة بهذه الملفات، فقد تتّخذ الأمم المتّحدة الإجراءات المناسبة، فالأمين العام للأمم المتحدة لديه صلاحيات واسعة، من بينها الفصل السابع الذي يمكن فرضه على الدولة اللبنانية”.
هنا يستدرك حرب: “لا أعلم إن كانت وجهة هذا الملف ستكون في اتجاه الفصل السابع، لكنّ الأكيد أنّ هناك إجراءات لاحقة أكثر صرامة استناداً إلى نيّة المقرّرين والمجتمع الدولي. لكن حالياً هذا الأمر يأتي في سياق الضغط، فالتقرير الصادر عن الأمم المتحدة ذو صدقية، ولا يمكن القضاء اللبناني ألّا يلتزم أو ألّا يأخذ التقرير بعين الاعتبار”.
ورأى حرب أنّ “الأمر الإيجابي هو صدور تقرير عن الجريمة سيوضع بتصرف الرأي العام، ويتحوّل إلى وسيلة توجيه موضوعيّ للتحقيق اللبناني، وإلى دعوة للقضاء اللبناني كي يتدخّل. بعدئذ قد يعلنون أنّ القضاء اللبناني يبدو عاجزاً عن متابعة هذا الملفّ، فيُدعى إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية”.
استبعد حرب أن يعمد المقرّرون الثلاثة إلى إصدار حكم نهائيّ: “فهم يعرضون هذا الملفّ على الأمين العام للأمم المتحدة، ثمّ يعمّمونه في وقت لاحق”
أنطوان سعد: لا ثقة بعدالة لبنان
ولم ينفِ أستاذ مواد القانون الدولي (العدالة الدولية) ومواد القانون الدستوري والسياسي المحامي الدكتور أنطوان سعد أن تكون هذه الخطوة في سياق فقدان الثقة بالعدالة اللبنانية، ولم يستبعد فرضية أن تكون للحدّ من اغتيالات مقبلة وللقول للقاتل: “نحن حاضرون”، معلّقاً: “طبعاً تملك بعض الدول تقارير، وقد تكون هذه التقارير وردت إلى منظمات دولية، وقد تدعو وفق جدّيتها وصحّتها إلى تحرّك دولي”.
وبينما لم يستبعد أن تؤدي هذه الخطوة – أي تبنّي المقرّرين لهذا الملفّ – في المرحلة اللاحقة إلى إنشاء لجنة تحقيق دولية، أشار إلى أنّ “هذا الاتجاه يكون في حال توافر عناصر الجريمة الدولية في اغتيال لقمان سليم، وهي ليست في هذا السياق حتّى الآن، لأنّ الجريمة الدولية هي جريمة إبادة، جريمة ضد الإنسانية، جريمة حرب، وجرائم العدوان والإرهاب”.
وفق سعد فإنّ “تصنيف هذه الجريمة جريمةً دوليةً قد يكون من باب الجريمة الإرهابية، لكنّ الأمر رهن التحقيقات”.
إقرأ أيضاً: لقمان سليم: هل هو اغتيال الثقافة البديلة؟
واعتبر سعد أنّه “يجب أولاً إعداد تحقيق أوّلي يحدّد إن كانت الجريمة لأسباب شخصية أم لترهيب سياسي. والأرجح أنّ لقمان كان يعمل على ملف يحرج جداً حزب الله، ولا يمكن لأحد أن ينفّذ هذه الجريمة في تلك المنطقة بهذا النجاح من دون دور للحزب أو معرفته، أو على الأقلّ من دون إحاطته بجغرافيا المنطقة التي حصل فيها الاغتيال”، مضيفاً: “قد يظهر التحقيق أنّ هذه الجريمة تقع ضمن الجرائم التي تحدّث عنها نظام المحكمة الخاصة في لبنان، واعتبرها استمراراً للعمل الجرميّ من تاريخ اغتيال محاولة مروان حمادة حتى تاريخ اغتيال جبران تويني”.
لكن لماذا تبنّي هذه الجريمة دون غيرها؟ وما دلالة ذلك؟
“قد يعود الأمر”، وفق سعد، “إلى المواقف الصادرة عن لقمان، وإلى العمل الذي كان يقوم به ويقصد من خلاله الحدّ من العمل الإرهابي لصالح تثبيت الدولة”. ويضع سعد فرضية أن يكون “أحد مقرّري الأمم المتحدة ينتمي إلى دولة تضغط من أجل متابعة هذا الموضوع، باعتبار أنّ لدى هذه الدولة ملفاً يبيّن أنّ لقمان كان يعمل على مواجهة الإرهاب. ثمّ استطاعت هذه الدولة أن تقنع أصدقاء لها بهذا الملفّ، ولا سيّما أنّ حزب الله لدى معظم الدول في الخارج هو منظمة إرهابية، بينما تعتبر دول أخرى حزب الله منظمة إجرامية”.