نريد حماية دولية…

مدة القراءة 4 د

الرأيُ قبلَ شجاعةِ الشُجعان …

هو أَوَّلٌ، وهيَ المَحلُّ الثاني

أبو الطيب المتنبّي

 

منذ سنوات نتحسّس رقابنا.

نتحسّس رقابنا ونحن نخرج من منازلنا الأبيّة، الشجاعة، التي لا تخاف كاتم الصوت، ونتجوّل في لبنان، نزور قرانا في الجنوب والبقاع، ندخل إلى أقربائنا في الضاحية الجنوبية، ونحضن أطفالنا في بيوتنا، ونقرأ ونشاهد الأفلام ونكتب ونضحك ونسهر ونشرب ونأكل.. نعيش باختصار، لأنّ الحياة تليق بنا، قبل أن يقرّر الأوغاد أن يقتلونا بكواتم الصوت.

نتحسّس رقابنا نحن الذين ما تعاملنا مع العدوّ يوماً، ولا حملنا السلاح ولا ألّفنا العصابات. ولا رغبنا أن نواجه القاتل بالسلاح.

لكنّ ما يؤلم أنّ العالم كلّه تخلّى عنّا. العرب تركونا نسبح في دماء لقمان. وأوروبا تهرول لعقد صفقات لا أخلاقية مع قاتل مجرم. والولايات المتحدة بإدارة جو بايدن تريد تسوية مع قاطعي الرؤوس في بلادنا. تريد تأمين مصالحها، وأن تتركنا بين أنياب السفّاح.

نتحسّس رقابنا ونحن نخرج من منازلنا الأبيّة، الشجاعة، التي لا تخاف كاتم الصوت، ونتجوّل في لبنان، نزور قرانا في الجنوب والبقاع، ندخل إلى أقربائنا في الضاحية الجنوبية، ونحضن أطفالنا في بيوتنا، ونقرأ ونشاهد الأفلام ونكتب ونضحك ونسهر ونشرب ونأكل

فقط لأنّنا لا نريد أن نركع للأصنام والتماثيل. فقط لأنّنا رضعنا حليب الحريّة من أجدادنا ومن آبائنا، البيولوجيين والمعرفيين، من الحسين بن علي إلى غيفارا إلى عبد الكريم الخليل… إلى سمير قصير ورفيق الحريري، من جورج حاوي وحسين مروّة، من مهدي عامل وأحمد قصير، من سهى بشارة وسناء محيدلي، من هاشم السلمان وجبران تويني… إلى آخره.

فقط لأنّنا نريد أن نكتب، أن نقول “لا” في زمن عودة جمال باشا السفّاح، بعد 100 عام من مجازره. السفّاح الذي يقتل من يشاء بغير حساب، ويفتح القبور على مصراعيها، لينزل إليها خيرة الرجال وأصحاب الرأي، ويقطع الألسن، ويعلي حبال المشانق فوق حناجر رفاق ابراهيم قاشوش…

لقد وصل إلينا جمال باشا السفّاح من العراق حيث يقتل الناشطين كلّ يوم، بعد سوريا التي قتل شعبها وهجّر أهلها وقطّع حناجر شجعانها. وصل السفّاح إلينا، بعدما توقف عن القتل في لبنان قبل 8 سنوات، مع محمد شطح. ربما تفرّغ يومها لسوريا، والآن عاد مع ساطوره ليقطع الرؤوس التي أينعت.

لكنّ ما يؤلم أنّ العالم كلّه تخلّى عنّا. العرب تركونا نسبح في دماء لقمان. وأوروبا تهرول لعقد صفقات لا أخلاقية مع قاتل مجرم. والولايات المتحدة بإدارة جو بايدن تريد تسوية مع قاطعي الرؤوس في بلادنا. تريد تأمين مصالحها، وأن تتركنا بين أنياب السفّاح

وصل السفّاح، حاملاً بشارة الموت والقتل. فانتظروا التفجيرات، وانتظروا المزيد من الاغتيالات. ولمن ظنّوا أنّه يمكن الثورة ضدّ المافيا، مع تحييد الميليشيا، ها هي الميليشيا قد جاءتكم بالسواطير. وستقطّع حناجركم.

سنسبح في الكثير من الدماء. وأوروبا لن تلتفت. العرب مصرّون على معاقبة اللبنانيين بدلاً من احتضان أحرارهم. أميركا تريدنا مقاتلين بلا أسلحة. والقاتل يريدنا صناديق بريد وأكياس ملاكمة. كلّما أكل صفعةً في سوريا أو العراق أو اليمن، يضربنا نحن هنا ويقتلنا ويحاصرنا ويطلب منّا أن نتحسّس رقابنا.

إقرأ أيضاً: ولماذا ينفي “الحزب” قتل لقمان؟

كلنا نعرف القاتل. وهو يعرف أنّنا نعرف. من حسين مروّة إلى هاشم السلمان ولقمان سليم، كاتم الصوت واحد. لا ضرورة للنقاش. لا ضرورة حتّى لملفّ قضائي. المطلوب اليوم أن نكشف ما يريده القاتل. فهو لا يريد الثأر. لم يقتل مرّة ثأراً. هو يبعث رسائل متعدّدة. وسيكمل مسلسل القتل. سيستهدف المواجهين لحزب الله. سيقتل المزيد من المدنيين والأبرياء وأصحاب الرأي.

المعركة بدأت. نحن في لبنان، المعارضون الشيعة تحديداً، خطّ الدفاع الأوّل عن العروبة والعرب أمام جحافل التخلّف الديني والسياسي. واسمعوا جيّداً أيّها العرب وأيّها الأوروبيين والأميركيين. نحن السابقون، وأنتم اللاحقون.

مواضيع ذات صلة

إلى الدّكتور طارق متري: حول الحرب والمصالحة والمستقبل

معالي الدكتور طارق متري المحترم، قرأت مقالك الأخير، بعنوان: “ليست الحرب على لبنان خسارة لفريق وربحاً لآخر”، في موقع “المدن”، بإعجاب تجاه دعوتك للوحدة والمصالحة…

“حزب الله الجديد” بلا عسكر. بلا مقاومة!

أكّد لي مصدر رفيع ينقل مباشرة عن رئيس الوزراء الإسرائيلي قوله: “أنا لا أثق بأيّ اتّفاق مكتوب مهما كانت لديه ضمانات دولية من أيّ قوى…

هل تنأى أوروبا بنفسها عن عقدة محرقة غزّة؟

بعد 412 يوماً من الإمعان في إشعال المحرقة في فلسطين ولبنان، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمراً باعتقال رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ووزير جيشه المخلوع…

لبنان “صندوق بريد” بين إسرائيل وإيران

ما تسرّب من “المبادرة الأميركية” التي يحملها آموس هوكستين مفاده أنّه لا توجد ثقة بالسلطات السياسية اللبنانية المتعاقبة لتنفيذ القرار 1701. تقول الورقة بإنشاء هيئة…