إن لم يحدث ما يُبكر الانتخابات العامّة الإسرائيلية أو ما يؤجّلها، فسوف تجري في عام 2026. الفترة التي سوف يقضيها نتنياهو في سدّة الحكم ستشهد حركة محمومة من جانبه، لا خطوط حُمراً عليها، ذلك أنّ الرجل الذي يخوض حرب بقائه، وهي مصيرية بكلّ ما للكلمة من معنى، سوف يخوضها تحت شعار واحد: إمّا الرئاسة مدى الحياة، وإمّا عليّ وعلى أعدائي وأصدقائي.
بحكم موقع إسرائيل وإمكاناتها وتحالفاتها، سوف تكون المغامرة خطرة على المنطقة بأسرها. أمّا نتنياهو فلا توقيت محدّداً لبدء معاركه، فهي مفتوحة وبلا حدود منذ أوّل ولاية له حتى آخر ولاية، والمفترض أن تكون نهايتها حتمية في عام 2026، كما تقول استطلاعات الرأي.
نتنياهو وخيار الحرب
ما الذي يفعله نتنياهو في الفترة الباقية من ولايته الراهنة. في الداخل الإسرائيلي ربط بإحكام الحرب على غزة بكلّ شأن داخلي إسرائيلي. فمثلاً الحرب يراها سبباً وجيهاً لتأجيل النظر في قضايا الفساد أمام المحاكم، بذريعة انشغال رئيس الوزراء في إدارة الحرب وباقي أمور الدولة! ونتنياهو يُكثر من وصف الحرب على غزة وامتدادها إلى الجبهة الشمالية ومناطق أخرى، بأنّها حرب وجودية تستحقّ أن تنخرط إسرائيل كلّها بها ولسنوات طويلة، ويرى أن ليس غيره وغير حلفائه من شركائه في الحكومة من يؤدّون مهامّها تحت شعار الانتصار المطلق.
هذا في ما يتّصل بالشؤون الداخلية في إسرائيل التي ما يزال يمسك بخيوطها جميعاً. أمّا في ما يتّصل بالتحالفات، وأهمّها بالطبع التحالف المصيري مع أميركا، فقد دخل بكلّ ثقله وثقل إسرائيل في معركة الانتخابات الرئاسية لأنّه يرى عودة ترامب إلى البيت الأبيض بمنزلة طوق نجاة له ممّا يكابد داخل إسرائيل من تدهور في مكانته التي كانت محسومة، وداخل الولايات المتحدة حيث يعتبر نفسه شريكاً لترامب وليس مجرد تابع أو حليف، أفليس هو من كتب نصّ صفقة القرن وحصل جرّاءها من ترامب على ما لم يحصل على مثله من أيّ رئيس سابق للولايات المتحدة؟
نتنياهو فلا توقيت محدّداً لبدء معاركه، فهي مفتوحة وبلا حدود منذ أوّل ولاية له حتى آخر ولاية، والمفترض أن تكون نهايتها حتمية في عام 2026
إنّ الفترة الباقية لنتنياهو سوف تكون الأخطر والأصعب على الفلسطينيين أوّلاً، وعلى اللبنانيين ثانياً، وعلى المنطقة أخيراً. والمشكلة التي ينبغي أن يُحسب حسابها هي أنّ إزاحته عن سدّة الحكم في إسرائيل، حتى لو أُرسل إلى السجن بفعل قضايا الفساد، ستكون لها آثار ستخلّفها فترته الباقية وستكون من النوع الذي لن يتراجع عنه خلفاؤه، إذ سيعتبرونها رصيداً لهم في سياساتهم تجاه الفلسطينيين، سواء ذهبوا إلى مفاوضات معهم أو بقيت الأمور على حالها.
رعب الفترة الباقية
فترة نتنياهو الباقية سيتداخل جزءٌ منها مع الشهور الأقلّ الباقية لبايدن، وهي التي ستكون شهور الذروة في الحملة الانتخابية. وحسبما هو معروف حدّ البديهة هي شهور سيكون فيها الديمقراطيون والجمهوريون في وضع لا يملكون فيه سوى استرضاء إسرائيل والحصول على تمويل الحملات والتصويت جرّاء ذلك.
نتنياهو رجل يتفوّق على غيره من الساسة الإسرائيليين المعاصرين في اللعب على كلّ الحبال في وقت واحد، ويغيّر جلده ولغته ومواقفه كلّما اقتضت حرب بقائه ذلك، وحين فتح معركة الفيديوهات مع إدارة بايدن التي اضطرّت إلى استقبال وزير دفاعه ومنافسه الأهمّ من داخل حزبه وائتلافه، فقد سوّق معركة الفيديوهات وذهاب الوزير إلى واشنطن على أنّه ثمرة طريقته في العمل، ولولا الفيديوهات لما حصلت إسرائيل على معظم ما طلبت من تسليح باستثناء بعض القنابل، ولما حصلت سياسياً على تعهّد عمليّ بأنّها لو دخلت الحرب على الجبهة الشمالية فستقف أميركا معها في هذه الحرب.
إقرأ أيضاً: ساعات جنرالات إسرائيل على توقيت واشنطن
إنّها فترة خطرة، وأخطر ما فيها فلسطينياً هو إطلاق يد اليمين الاستيطاني ليفعل بالضفة ما يشاء، وسموتريتش أعلن بلاغاته المشتركة معه قبل أيام. فعلى سبيل المثال جرت في مدينة الخليل مصادرة منطقة حيوية مهمّة في قلب المدينة، كمقدّمة لمصادرات مماثلة في معظم أنحاء الضفة.
إنّها فترة خطرة بالفعل وينبغي أن يُستعدّ لها بالحدود القصوى.