عندما أنشئت الجماعة الإسلامية في ستينات القرن الماضي (وتمّ وقتها الترخيص للحزب الشيوعي وكان وزير الداخلية كمال جنبلاط)، كانت تهدف إلى المحبة والتسامح والعيش المشترك مع شركاء لها في الوطن.
وبالفعل قامت الجماعة بنشر الفكر الإسلامي المعتدل وانفتحت على جميع شركائها في الوطن. وانتشرت في بيئتها الإسلامية وفي الجامعات وكان ذلك بفضل قادة حكماء في الجماعة ولعل أهم أمين عام في الجماعة هو الشيخ فيصل مولوي رحمه الله، الذي كان رائد الإنفتاح على كل مكوّنات الشعب اللبناني وتمثل ذلك بخوض الجماعة الإنتخابات النيابية بلوائح تضم كل الطوائف اللبنانية. وجاء بعده قادة أكملوا مسيرته بحكمتهم.
ولكن اليوم تغير الوضع وتولى القيادة فئة من الشباب، والجميع يعلم أنّ الشباب تنقصهم الخبرة. ويتميزون بالحماس إلى حدّ التهور وحرب غزة كشفت مدى عدم تمتع قيادة الجماعة الحالية بالحكمة. إذ أنها ولدعم حركة حماس لجأت إلى لغة السلاح في الوقت الذي كان معظم الشعب اللبناني يطالب بحصر السلاح بالجيش.
إنّ قيادة الجماعة حوّلتها إلى جماعة شبه عسكرية، وما حصل في ببنين منذ يومين، وقبلها في بيروت أثناء تشييع أحد عناصر قوات الفجر من ظهور عناصر مسلحة. يثبت ذلك كما أنّ قيادة الجماعة لم تتعلم ممّا حصل سابقاً عندما كانت عناصر مؤيدة للحزب يطلقون الرصاص في الهواء أثناء تشييع أحد شهداء الحزب، وأثناء إلقاء أمين عام الحزب سماحة السيد حسن نصر الله كلمة متلفزة مما أدى إلى إصابة العشرات بالرصاص الطائش.
قيادة الجماعة لم تتعلم ممّا حصل سابقاً عندما كانت عناصر مؤيدة للحزب يطلقون الرصاص في الهواء أثناء تشييع أحد شهداء الحزب
والعرض العسكري في ببنين وإطلاق الرصاص أصاب عدة مواطنين. أما زعم الجماعة في بيانها التوضيحي بأنها لا علاقة لها بإطلاق النار والعناصر المسلحة الملثمة، فهو عذر أقبح من ذنب. لأنه إذا كانت الجماعة لا تعرف كل هؤلاء المسلحين فهي مشكلة في تنظيم التشييع. وفي مطلق الأحوال فإنّ الجماعة إعترفت بأنّ الإستعراض العسكري إقتصر فقط على حاملي نعش الشهداء، حتى هذا يشكل خطأ في نهج الجماعة. لأن هكذا تصرف هو تصرف ميليشيوي. كما أنّ الجماعة لم تأخذ العبر مما حصل في بيروت من حوالي شهر تقريباً أثناء تشييع أحد شهداء المقاومة بوجود عناصر مسلحة الأمر الذي أدى إلى إنتقادات من فعاليات بيروتية .
وهنا أسأل قادة الجماعة ماذا إستفادت حماس من إقحام الجماعة نفسها في حرب غزة؟ وماذا إستفادت الجماعة؟
حركة حماس لم تستفد شيئا، الجماعة خسرت الكثير خاصة في البئية السنية التي ترفض غالبيتها السلاح غير الشرعي، كما أسأل الجماعة هل إستطاعت قتل أو جرح أي جندي إسرائيلي. بالطبع لا ولكن بالمقابل سقط لها أكثر من عشرين شهيداً من دون ثمن، إضافة إلى أنها وضعت قادتها خاصة العسكريين تحت هاجس الإغتيال في أي وقت من قبل جيش العدو .
إقرأ أيضاً: ثلاث حقائق على محمد طقّوش إدراكها
كان بإمكان قادة الجماعة مساعدة حماس بطرق أخرى، دون أن تورط نفسها بوسائل تخرج عن نهجها كحركة تقوم على المحبة والتسامح والعيش المشرك مع جميع مكونات الشعب اللبناني.
أخيرا أدعو حكماء الجماعة التدخل لإعادتها إلى نهجها الحقيقي .
*نقلاً عن صفحة الفيسبوك للقاضي راشد طقوش.