في الأيام الماضية تقاطعت مناخات عدّة عند خيار الاستغناء عن خدمات حكومة حسان دياب. ترافق هذا مع تسريبات إعلامية عن احتمال عودة الرئيس سعد الحريري إلى السراي الكبير، ومع تحرّكات قطّعت أوصال لبنان ليل الخميس – الجمعة، بصخب اجتاح كافة المناطق اللبنانية مجدّداً ّدمّ الثورة، ليطرح السؤال الأكبر: بمن سيطيح الشارع: حسان دياب أو رياض سلامة؟
السرايا الكبيرة تشي بعنوان واحد لا غير: حان وقت إزاحة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة… مهما كان الثمن!
وفق معلومات موثوقة لـ”أساس”، فإنّ أجواء السرايا تتحدّث عن اتصالات “عابرة للمقرّات” تقرّر خلالها تقديم موعد عقد اجتماع السراي الذي كان حدّد يوم الاثنين 15 حزيران إلى اليوم الجمعة. هذا قبل أن تتوسّع دائرة الغليان الشعبي في المناطق أمس، تحت وطأة الارتفاع الجنوني للدولار بين الحديّن الواقعي والفيسبوكي، وفي ظل داتا تجمّعت على طاولة رئيسيّ الجمهورية والحكومة، بحسب مصادر الطرفين، تظهر عدم التزام سلامة بما اتفق عليه في اجتماع السراي بتاريخ 29 أيار الماضي، ورأى الطرفان أنّه يستمرّ بـ”المناورة معرّضاً البلد للانهيار التام”.
إقرأ أيضاً: دولار الفيسبوك يُنزل جميع اللبنانيين إلى الشارع: 60% منهم تحت خط الفقر
هذا الاجتماع، وفق المعلومات، كان يفترض أن يحضره رئيس الحكومة وحاكم مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف ونقابة الصرافين ومدّعي عام التمييز ووزاء الداخلية والدفاع والمال والاقتصاد وبعنوان واحد: “كشف سبب تحليق الدولار وتحديد المسؤوليات وتوجيه رسالة قاسية اللهجة”، كما أفادت مصادر رئاسة الحكومة، للمعنيين المباشرين بخروج الوضع عن السيطرة، وعلى رأسهم سلامة.
لكنّ التطورات الدراماتيكية التي شهدتها المناطق بعد ظهر الخميس واستمرّت حتى فجر الجمعة، و”تلاحم الجبهات” بين “الخندق الغميق” و”الرينغ” وجل الديب وغيرها من المناطق،، وتفجّر الغضب الشعبي مجدداً تحت وطأة سقوط المحرّمات في سعر صرف الدولار، حصلت اتصالات ليلية على خطّ بعيدا – السراي – عين التنية – الضاحية، وأثمرت الاتفاق على عقد جلستين للحكومة، أولى في السراي اليوم، وثانية في بعبدا، على أن ينضمّ إلى اجتماع الحكومة الصباحي سلامة وجمعية المصارف وممثل عن نقابة الصيارفة.
كذلك شهدت ساعات ليل الخميس – الجمعة اتصالات مكثفة على خطّ محاولة “طبخ” التوافق لطرح بند إقالة رياض سلامة على طاولة مجلس الوزراء في قصر بعبدا، لكنّها وصلت إلى حائط مسدود في ظلّ ممانعة الرئيس نبيه برّي، في مقابل ضغط للتخلّص من الحاكم، قام به عون ودياب وحزب الله.
أما في السرايا، فتسليم بأنّ غضب الشارع مشروع وربما مطلوب، لكن تأكيدٌ على أنّه لن يؤدي إلى الإطاحة بالحكومة. وتقول مصادر رئاسة الحكومة إنّ “الحكومة باقية ولديها الكثير لتقوم به وأهمّ واجباتها التي لن تتخلّى عنها هي حماية اللبنانيين من الانهيار الكامل”.
وفي ظل نفي رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لـ”رغبته بالعودة” ومجاهرته باستحالة تعايشه مجدّداً مع ميشال عون وجبران باسيل، تجزم مصادر رئاسة الحكومة في المقابل أن “لا أحد فاتح الرئيس حسان دياب بأمر استقالة الحكومة ولا حتّى بإجراء تغيير داخلها، ولا هو بادر إلى وضع ورقة الاستقالة بيد أي طرف”، مؤكدة أنّ “في أولوية أولويات الحكومة وقف النزف في سعر صرف الليرة ووقف الارتفاع المخيف للدولار، ومواكبة المفاوضات الحسّاسة مع صندوق النقد الدولي”.
حزب الله فلا يزال يتصرّف كطرف مؤيّد للحكومة، والأدق غير سلبي تجاهها، والدليل “مكافحة” حزب الله الواضحة للشائعات التي تتحدّث عن تغيير حكومي
ويتكّئ القريبون من رئيس الحكومة على الموقف الصريح الذي أعلنه رئيس الجمهورية ميشال عون في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، حين نفى صحّة الإشاعات عن النية بإسقاط الحكومة أو حصول تغيير حكومي، ليؤكّدوا أنّ “الحكومة مستمرّة في جهدها للخروج من نفق الأزمة بالرغم من حملات التحريض”.
إذاً لا هاجس في السراي من “مزاركة” محتملة للحريري على الحكم. التوصيف الفعلي لرئيس الحكومة السابق هو الآتي: “الحريري مأزوم أولاً داخل بيته وشارعه وحزبه وعدّاد منافسيه يكبر. الحزبان المسيحيان الأساسيان خارج مرماه. فهناك توتر شديد قد لا ينتهي بسهولة مع عون وباسيل وخصومة يرتفع منسوبها تدريجاً مع سمير جعجع. يحدث ذلك في ظل حلف مرئي بدأ يتبلور على خط بيت الوسط – عين التينة – المختارة – بنشعي، لكنّه غير قابل للصرف. أما حزب الله فلا يزال يتصرّف كطرف مؤيّد للحكومة، والأدق غير سلبي تجاهها، والدليل “مكافحة” حزب الله الواضحة للشائعات التي تتحدّث عن تغيير حكومي مع إيحاء صريح باستكمل العمل الحكومي بعيداً عن الضغوط. وحين نزل شارعه الى الأرض هتف مطالباً برحيل رياض سلامة”.
مع ذلك لا ينكر القريبون من دياب أنّ “الاستقالة أو الإقالة واردة فقط في مخيّلة خصومه”.