مباراة كروية بنكهة سياسية، هذا ما يمكن أن توصف به مباراة النجمة والأنصار اليوم، التي ستحدّد نتيجتها هويّة بطل لبنان لكرة القدم.
لن تكون المباراة، التي ستجمع قطبيْ الكرة اللبنانية والمعروفة باسم “ديربي” العاصمة بيروت، مباراةً رياضيةً كرويةً وحسب، بل سيدخل فيها الكثير من التفاصيل والأهداف السياسية والانتخابية.
وإذا كانت المباراة الرياضية ستشهد دقائقها التسعون تسجيل أهداف مستديرة، إلا أنّ الأهداف السياسية للمباراة سُجِّل هدفها الأول قبل انطلاق صفّارة الحَكَم، فيما يُنتظر أن يُسجّل هدف الحسم لأحد الطرفين مع إطلاق صفّارة النهاية.
الهدف الذي سبق انطلاقة المباراة كسرَ هيمنة فريق “العهد”، المدعوم من حزب الله، على بطولة الدوري الكروي، وقَلَبَ “صفحة صفراء”، بعيداً من لون الصفحة الجديدة التي قد تكون نبيذية أو خضراء. وذلك بعد سنوات من سيطرة الحزب وفريقه على نكهة “الفوتبول” اللبناني.
في المقابل، يبدو أنّ الهدف السياسي المنتظر، مع إطلاق الحكَم صفّارة النهاية، سيكون من نصيب أحد رئيسيْ النادييْن، أسعد صقال (النجمة) ونبيل بدر (الأنصار). وكلاهما مقرّبان من بيت الوسط، ويسعيان إلى دورٍ سياسي، هو على الأرجح مقعدٌ في لائحة تيار المستقبل في الانتخابات النيابية المقبلة.
إذا كانت المباراة الرياضية ستشهد دقائقها التسعون تسجيل أهدافاً مستديرة، إلا أنّ الأهداف السياسية للمباراة سُجِّل هدفها الأول قبل انطلاق صفّارة الحَكَم، فيما يُنتظر أن يُسجّل هدف الحسم لأحد الطرفين مع إطلاق صفّارة النهاية
في النجمة نجح أسعد صقال في صناعة فريق من الشباب من دون تكلفة باهظة، مقارنة مع الميزانية التي وضعها نبيل بدر في تصرّف الأنصار. ومسيرة الصقال مع النجمة لم تقف عند هذا الحدّ، بل تمكّن من إقصاء منافسيه داخل مجلس الإدارة عند وصوله، وأبرزهم سعد الدين عيتاني (الأمين العام السابق) وصلاح عسيران (نائب الرئيس السابق).
الصقال المتحفّظ عن أيّ نشاط سياسي في المرحلة الراهنة لا يُخفي امتعاضه من حظوة بدر المستجدّة لدى بيت الوسط بفضل صداقته مع رئيس “جمعية بيروت للتنمية” أحمد هاشمية. والمقرّبون منه لا ينفون طموحه السياسي ويحتفظون بعبارة ثابتة عند طرح الموضوع: “كل شي بوقته حلو”.
من جهته، طموح نبيل بدر السياسي لم يبدأ اليوم، فقد ترشّح للانتخابات النيابية عام 2008 في لائحة معارضة للائحة الرئيس سعد الحريري. ولم يحالفه الحظ بعدما حصد مئات قليلة من أصوات جمهور نادي الأنصار أغضبته في حينها.
الدعسة السياسية الناقصة لبدر عولِجت لاحقاً مع بيت الوسط، ويعيش الرجل في هذه الأيام ما يشبه شهر العسل. وقد انخرط في النشاط الاجتماعي، فعيَّن أخيراً لاعب النادي السابق ناصر بختي مسؤولاً عن مكتبه المخصّص للخدمات الاجتماعية، في الملعب البلدي بالطريق الجديدة.
وفي العودة إلى التفاصيل الكروية، يحتاج الأنصار إلى تعادل فقط ليحسم اللقب، فيما لا سبيل أمام النجمة غير الفوز. ولكلّ فريق نقاط قوّة ونقاط ضعف. فالأنصار يتميّز بخطّ الهجوم مع وجود كوكبة من النجوم الكبار، على رأسهم حسن معتوق، فيما تُرسم علامات استفهام كبيرة حول ضعف خطّ دفاعه. من جهته، لا يعتمد النجمة على اسم كبير بين لاعبيه، بل على مجموعة تقدّم أداءً جماعياً أثبتت علوّ كعبها خلال البطولة.
من جهته، طموح نبيل بدر السياسي لم يبدأ اليوم، فقد ترشّح للانتخابات النيابية عام 2008 في لائحة معارضة للائحة الرئيس سعد الحريري. ولم يحالفه الحظ بعدما حصد مئات قليلة من أصوات جمهور نادي الأنصار أغضبته في حينها
اجتماعياً حوّلت المباراة بين الأنصار والنجمة منطقة الطريق الجديدة عرين النادييْن إلى خليّة نحل، إذ إنّ مقرّ النجمة يقع في أبو شاكر، والأنصار في الملعب البلدي. سهرات رمضان في مقاهي عاصمة بيروت يشغلها الحديث عن اللقاء. وكلٌّ من الطرفين يؤكّد قدرته على الحسم. وسيشيد “الأخضر”، بتوجيه من بدر، شاشة عملاقة في ساحة المفتي الشهيد حسن خالد استعداداً لعرس أنصاري طال انتظاره.
وفي المقلب الآخر لا يخلو الأمر من الإثارة، فجمهور النجمة الكبير في بيروت والضاحية الجنوبية يشنّ الحملة تلو الأخرى على مواقع التواصل الاجتماعي، التي فاضت بالأحاديث والتعليقات عن النجمة والأنصار.
إقرأ أيضاً: كرة قدم النساء تزدهر: لبنانيات إلى آسيا
سيشعل فوز النجمة ليل بيروت وضواحيها التي تنتشر فيها شريحة كبيرة من جمهور النجمة. فأهل ضاحية بيروت الجنوبية عشّاق تاريخيّون للفريق البيروتي، ولم ينجح فريق العهد خلال الأعوام الأخيرة، على الرغم من كل جهده وهويّته السياسية، في استمالتهم ودفعهم إلى مؤازرته. بل إنّ العارفين بخبايا الشارع في الضاحية يؤكّدون أنّ الحساسية والتحدي القائميْن بين العهد والنجمة يفوقان بكثير حدّة الانقسام بين النجمة والأنصار.
يوم السبت سيُزفّ عريسٌ جديدٌ لكرة القدم اللبنانية في ظروف صعبة يعيشها البلد، الأمر الذي يؤكّد قدرة “الساحرة المستديرة” الدائمة على ضخّ الأمل في النفوس وبثّ الفرح في خضمّ أزمات اليأس والحزن.