مضاعفات كورونا “ما بعد العهد” أقوى

مدة القراءة 3 د

بعد أسابيع قليلة نختم العام الثالث على ظهور جائحة كورونا. نصف ولاية رئاسية قضاها هذا الفيروس منتقلاً من فم إلى فم (بتموت الإم) بين بني آدم وآخر، وبين دولة ودولة وبين قارّة وأخرى… بيت بيت، دار… دار… زنقة زنقة، متسبّباً بحتف مئات آلاف البشر من كلّ الألوان والأعمار والجنسيّات، مرهباً الملايين منهم، ومرهقاً مئات الملايين في العالم، تاركاً لدى المصابين به مضاعفاتٍ ما زالت خفيّة يكتشفها المجتمع الطبّي يوماً بعد يوم.

المصاب بهذا الفيروس اللعين (وما أكثر المصابين) يعاني ظاهريّاً من دور برد وقحّة وارتفاع في الحرارة. لكن ثبت بعد سنوات الكورونا الطويلة، أنّها هناك مضاعفات لا يسلم منها إلا قليلون، وتستمرّ لأيام او أسابيع أو أشهر، أو حتّى سنوات، منها السعال والتجرّح في الحلق، والتهاب الروايا أو الأعطال في أعضاء متنوّعة، منها الكلى أو الكبد أو المصارين… وما إلى ذلك من الأعراض المستمرّة. ومن مضاعفات ما بعد الإصابة والشفاء: فقدان رئة نتيجة التلف، أو سكتة قلبية، أو تعب الأوعية الدموية، أو فقدان البصر، أو نزف حاد عند النساء… وخلاف ذلك الكثير، والعياذ بالله.

المضاعفات اللاحقة والمقبلة أشدّ خطورة من سنوات العهد “الكورونية”

تشبه عوارض الفيروس ومضاعفاته إلى حدّ بعيد عوارض ومضاعفات “ما بعه العهد”، أي ما بعد رحيل الرئيس ميشال عون من بعبدا: كلّنا نعرف أنّنا مصابون بفيروس هذا “العهد”، القويّ طبعاً، وكلّنا نعلم أنّ في 31 تشرين الثاني المقبل سيخضع اللبنانيون أجمعين لـPCR رئاسي، وسيكون سلبيّاً بإذن واحد أحد. وإذا كنّا قد عانينا كثيراً في السنوات الستّ من سعال حادّ وألمّ بسعر صرف الدولار، فإنّ السنوات المقبلة ستشهد معاناتنا من ضعف نظر في خطة التعافي من قوانين الكابيتال كونترول والسرية المصرفية وإعادة هيكلة المصارف، إلى التهاب مستمرّ في أسعار المحروقات، ومن ورم فاتورة الاشتراك أكثر وأكثر، وانقطاع الطمث في خزّانات المياه، وهبوط حادّ لضغط الليرة اللبنانية، وتجلّط في القدرة الشرائية، وعصبي في دم الودائع داخل المصارف…

المضاعفات اللاحقة والمقبلة أشدّ خطورة من سنوات العهد “الكورونية”.

إقرأ أيضاً: نقاهة.. ما بين رئيسين!

معظم مصابي كورونا “عاشوا”، لكنّهم سيتعذبون، وكذلك نحن المصابون بـ”العهد القوي”. لن تُحلّ أزمات لبنان بعد رحيل عون. بل على العكس ستزداد الأمور تعقيداً بعد خروج فخامته من قصر بعبدا عائداً إلى الرابية (والقلب داعيله)، ولن يعلم مصيرنا سوى الله عزّ وعلا. لا نعلم ما ستكون عليه مضاعفات ما بعد العهد القوي (غسيل وكوي)… لكن إلى حينه صَدَقَ النائب اللوذعيّ سليم عون حينما قال: “ستبكون دماً بعد رحيل عون”.

وحياتك يا سليم لنبكي كاتشب… وعلى حرّ كمان!

 

*هذا المقال من نسج خيال الكاتب

مواضيع ذات صلة

من 8 آذار 1963… إلى 8 كانون 2024

مع فرار بشّار الأسد إلى موسكو، طُويت صفحة سوداء من تاريخ سوريا، بل طُويت صفحة حزب البعث الذي حكم سوريا والعراق سنوات طويلة، واستُخدمت شعاراته…

سوريا: عمامة المفتي تُسقط المشروع الإيرانيّ

عودة منصب المفتي العام للجمهورية السوريّة توازي بأهمّيتها سقوط نظام بشار الأسد. هو القرار الأوّل الذي يكرّس هذا السقوط، ليس للنظام وحسب، بل أيضاً للمشروع…

فرنسا على خط الشام: وساطة مع الأكراد ومؤتمر دعم في باريس

أنهت فرنسا فترة القطيعة التي استمرّت اثنتي عشرة سنة، مع وصول البعثة الفرنسية إلى العاصمة السورية، دمشق. رفعت العلم الفرنسي فوق مبنى سفارتها. لم تتأخر…

تركيا في الامتحان السّوريّ… كقوّة اعتدال؟

كان عام 2024 عام تغيّر خريطة الشرق الأوسط على أرض الواقع بعيداً عن الأوهام والرغبات التي روّج لها ما يسمّى “محور الممانعة” الذي قادته “الجمهوريّة…