عراق جديد.. على طاولة بايدن في المنطقة

2022-07-13

عراق جديد.. على طاولة بايدن في المنطقة

“حينما يصل الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الشرق الأوسط هذا الأسبوع، فإنّه سيصل إلى منطقة تواجه العديد من التحدّيات، كالإرهاب، والأمن الغذائي، والتغيّر المناخي. لكنّ الشرق الأوسط اليوم منطقة تواجه تلك التحدّيات في ظلّ مجموعة من القادة الذين يسعون إلى إحداث تغيير إيجابي.

سوف أمثّل عراقاً متعافياً ويقف بثقة أكبر في المسرح الدولي، وهو أقوى ممّا كان عليه منذ آخر زيارة للرئيس بايدن في عام 2016، أو حتى ممّا كان عليه عندما التقينا في المكتب البيضاوي العام الماضي.

كان للولايات المتحدة دور كبير في دعم العراق خلال سنوات عديدة، ونحن شاكرون لها المساعدة والتضحيات التي قدّمها الأميركيون لدعمنا. واليوم يرسم العراق خطاه بنفسه، محليّاً وإقليميّاً ودوليّاً. إنّ الأمر الذي أتمنّى أن يدركه السيد بايدن بعد اجتماعنا في المملكة العربية السعودية يوم الجمعة هو عزمي أنا شخصيّاً، وتصميم الشعب العراقي على حلّ مشكلات العراق عبر الحلول العراقية.

علاقتنا مع الولايات المتحدة شهدت تغييراً نحو الأفضل، وبينما كان تعاوننا التاريخي يدور حول الأمن ومكافحة الإرهاب، فإنّ العلاقة تتّسع الآن لتشمل تحدّيات مجتمعيّة أخرى

إنّ العراق الآن هو ديمقراطية دستورية متعدّدة الأحزاب والأعراق. نعم، ما زلنا في عملية مطوّلة لتشكيل حكومة جديدة بعد انتخابات الخريف الماضي، إذ إنّ تشكيل الحكومة استغرق وقتاً طويلاً، وهو فعلاً أمر أثار الشعور بالإحباط لدى الكثيرين داخل العراق وخارجه، وأنا أشاركهم ذلك الشعور، لكنّني فخور أيضاً بقدرة الدولة على الاستمرار بالعمل لخدمة المواطنين العراقيين، وحماية مواردنا الطبيعية، وأداء دور قيادي في مبادرات إقليمية تعزّز الرفاهية والأمن.

لقد مرّ عقدان تقريباً من احتكام السلطة إلى الانتخابات، وهو دليل كبير على مدى ترسيخ الديمقراطية في العراق بعد أكثر من ثلاثة عقود من حكم صدام الديكتاتوري الوحشيّ. وتلك قصة نجاح لا يمكن إغفالها.

إنّ المصاعب السياسية التي تنجم عن الانتخابات هي مثال على الأوضاع المشوّشة التي تنتجها الديمقراطية في بعض الأحيان، وتؤكّد الحاجة إلى ترسيخ مبادئ الديمقراطية في الحياة العامّة العراقية، وضمان قدرتها على الاستدامة بنحو لا يقتصر على صناديق الاقتراع. إنّ الطريق نحو ديمقراطية ناجحة يستلزم وقتاً وإرادة وقيادة.

 ومع وقوفنا على قدمينا بعد طرد داعش من أرضنا، نتمكّن اليوم من التطلّع نحو آفاق أفضل، فلم يعُد بلدنا عضواً غير فاعل في المجتمع الدولي. فنحن الآن نشيطون على الصعيدين الإقليمي والدولي، بما في ذلك المبادرة باستضافة القمّة المتعدّدة الأطراف التي تهدف إلى تعزيز التعاون والاستقرار الإقليميَّين.

في العام الماضي، استضاف العراق مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة مع قادة الأردن، والإمارات العربية المتحدة، وفرنسا، وقطر، والكويت، ومصر، وبمشاركة على مستوى الوزراء من تركيا، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، والمملكة العربية السعودية. وقد بحث المؤتمر القضايا الأمنية، والاقتصادية، والبيئية التي تتطلّب حلولها وجود حسن النيّة، والمشاركة الصادقة، والتعاون بين الدول. ومن خلال هذه المبادرات وغيرها، تمكّنّا من أداء دور إيجابي في المنطقة.

إنّ ذلك دليل على التزام حكومتي بألا تدّخر جهداً من أجل تحقيق الاستقرار في بلدنا والمنطقة. وبينما نسعى إلى تهدئة التوتّرات من خلال التقريب بين الأطراف المختلفة، فإنّنا نؤيّد بقوة أيضاً احترام سيادة كلّ دولة، وضرورة عدم التدخّل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.

إنّ علاقتنا مع الولايات المتحدة شهدت تغييراً نحو الأفضل، وبينما كان تعاوننا التاريخي يدور حول الأمن ومكافحة الإرهاب، فإنّ العلاقة تتّسع الآن لتشمل تحدّيات مجتمعيّة أخرى لا تقلّ أهمية، مثل: الاقتصاد، والطاقة، والتغيّر المناخي، والبيئة، والصحّة، والتعليم، والثقافة. ومع إحراز تقدُّم من قبل العراق، فقد تقدّم حوارنا الاستراتيجي كذلك مع الولايات المتحدة، وحصل الانتقال من الدور القتالي الأميركي إلى شكل آخر واسع الأفق، مع تعميق للعلاقات خارج الإطار الأمني. إنّ شراكاتنا مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وغيرها من المؤسسات الأميركية، توفّر لنا دعماً وخبرات فنّيّة مؤثّرة في مسيرتنا لبناء بلدنا.

إنّ الدافع الأساس لهذا التنامي في العلاقة كان الحاجة الوطنية العراقية إلى استثمار انعكاسات الاستقرار الإقليمي، والتنمية الاقتصادية، والأمن البيئي، وحلول التغيّر المناخي، والأمن الغذائي. جغرافياً، يقع العراق في أكثر المناطق حرارة في العالم، وأشدّها تأثّراً بالتغيّرات المناخية، وأصبح القلق من العواصف الترابية، وموجات الحرارة العالية، والجفاف، ونقص إمدادات المياه هو السائد لدى شعبنا مقارنة بالتهديد الإرهابي.

لكن يبقى العراق منتجاً مهمّاً للنفط على المستوى الدولي، مع احتياطات هائلة غير مكتشفة بالكامل، لكنّ شرياننا الاقتصادي هذا يزيد من تحدّياتنا البيئية. لذلك نعمل بسرعة على استثمار الغاز الذي يُحرق في حقول النفط، ونريد أن نحوّل أشعة شمسنا القويّة إلى طاقة كهربائية يمكنها أن تدعم تطوير صناعاتنا، وتخلق الوظائف لأجيالنا الشابّة.

لدى العراق الكثير ليقدّمه للمنطقة، سواء على صعيد التكاملية الاقتصادية أو فرص التجارة الحرّة أو استقرار أسواق الطاقة. لقد بنينا جسور علاقات مهمّة مع دول مثل: الأردن، ومصر، ومجلس التعاون الخليجي، وقد بدأنا نرى نتائج ملموسة لهذا التحسّن في العلاقات بأشكال متعدّدة، منها تطوير الربط الكهربائي مع جيراننا الخليجيين، وكذلك الأردن الدولة الإقليمية المحورية. وقد أتممنا نهاية العام الماضي دفع مستحقّات دولة الكويت التي نجمت عن الغزو الكارثي الذي قام به صدام حسين عام 1990.

نعم، هناك مشكلات تحتاج إلى معالجتنا إيّاها، وعلى رأس هذه المعالجات قيامنا نحن العراقيين بتقوية سلطة الدولة وسيطرتها على انتشار السلاح المنفلت. إنّ مشكلة استرداد السلاح بعد وقوعه في الأيدي الخطأ عانت منها أقوى الدول، ومن أجل حماية ديمقراطيّاتها، ومعالجتها في العراق، فإنّها ستتطلّب حلولاً عراقية ذات قدرة على الاستدامة، وتتطلّب صبراً استراتيجياً داخل العراق ومن قبل شركائنا.

إقرأ أيضاً: الكاظمي لـ”أساس” (1/2): العراق الجديد هو محور المنطقة

على الولايات المتحدة وشركائنا الدوليّين الآخرين أن ينظروا إلى الشأن العراقي ويتعاملوا معه من منظور التقدّم الذي حقّقناه، وكذلك ينبغي أن يلاحظوا الصعاب التي نواجهها ونحن نعزّز ديمقراطيتنا التعدّدية ونحميها وسط منطقة مليئة بالتعقيدات. وقياساً بالانتقالات التي شهدها تاريخنا الطويل في الشرق الأوسط، فإنّنا في العراق حقّقنا الكثير في مدّة قصيرة نسبيّاً”.

 

*رئيس الوزراء العراقي / “الفورين بوليسي” الأميركية

مواضيع ذات صلة

الاغتيالات سلاح إسرائيل المفضل… ولكن

يتحدث القادة العسكريون في إسرائيل بزهو وتباهٍ، كما لو أنهم حققوا معجزة لا يقدر عليها غيرهم، وذلك يحدث بعد كل عملية اغتيال جماعي كتلك التي…

لأنّهم اليوم الشّيعة!

أخطأنا يوم استُهدف كمال جنبلاط ولم نجتمع. وأخطأنا يوم ضُرب المسيحيون واغتيل بشير الجميّل ولم نلتقِ. وأخطأنا يوم اغتيل رينيه معوّض ولم نتكتّل. وأخطأنا يوم…

اغتيال نصرالله فتحٌ لأبواب جهنّم جديدة!

إذا كانت قنابل k 83 الأميركية الصنع التي أطلقتها إسرائيل على مقرّ قيادة الحزب في الضاحية هي التي قتلت سماحة الأمين العام للحزب ورفاقه فإنّ…

إيران تبيع أوراقها.. لتحفظ رأسها

فجأة أقدم المرشد الإيراني علي خامنئي على طرح الانتقال مـن مبدأ “الصبر الاستراتيجي” إلى مبدأ جديد سمّاه “التراجع التكتيكي”، في وقت استعرت المعركة وتقدّمت إسرائيل…