موازنة “التطفيش”: ميقاتي لا يريد “صندوق النقد”

مدة القراءة 4 د


لماذا تريدون صندوق النقد الدولي؟ بهذا السؤال بادر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أحد النواب وهو يدخل عليه في السراي الحكومي الكبير.

الرئيس ميقاتي أتبع سؤاله الأول بسؤال ثانٍ: هل أنتم مع إلغاء ودائع الناس في المصارف؟!.. وتابع مبتسماً: ماذا سيقدّم صندوق النقد الدولي لنا، الآن حاكم مصرف لبنان جمع نصف مليار دولار للاحتياطي في أقلّ من سنة.

ميقاتي لا يريد صندوق الدوليّ!

النائب صدم بأسئلة الرئيس ميقاتي، وما إن ركب سيارته مغادراً السراي الكبير حتى بادر مستشاره الجالس إلى جانبه بالقول: “ميقاتي لا يريد صندوق النقد الدولي..”، ثمّ أردف قائلاً: “الموازنة التي قدّمها إلى مجلس النواب لم توضع كي تُقرّ بل وُضعت كي تُرفض وتعدّل بحيث نفقد المواصفات التي حدّدها صندوق النقد الدولي، حينها يتبرّأ من المسؤولية أمام المجتمع الدولي ويقول: النواب رفضوها وعدّلوها”.

عضو في غرفة التجارة والصناعة ببيروت في لقاء بيروتيّ قال: “الميزانية المقدّمة من الحكومة هي ميزانية تطفيش..”. هنا قاطعه رئيس سابق لهيئة الرقابة على المصارف متسائلاً: “تطفيش لمن؟ لرجال الأعمال والشركات؟ أم للبنك الدولي؟”. فردّ عليه قائلاً: “إن أُقِرَّت فسيجري تطفيش الشركات والمؤسسات ورجال الأعمال من لبنان، وإن لم تقرّ فسيتم تطفيش صندوق النقد الدولي..”. ثمّ تابع قائلاً: “هذه الميزانية تبدو لفظية لا أب لها. منذ شهر ونحن نسأل: من صانع هذه الميزانية؟ فلا يأتينا جواب. وزير المال يتنكّر لها. رئاسة الحكومة تنفض يديها منها، وأمّا نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي فيدافع عنها بشراسة دون أن يعترف بأبوّتها”.

يؤكّد مصدر وزاري لـ”أساس” ضرورة أن يتحمّل مجلس النواب مسؤوليّاته تجاه الموازنة، وإلّا فنحن “ذاهبون إلى توسّع واستفحال الأزمة”

منصوري بالمرصاد

تشير أوساط حاكم مصرف لبنان بالإنابة الدكتور وسيم منصوري إلى أنّه لن يكون شريكاً بعملية سدّ العجز المتوقّع من مشروع موازنة 2024 والذي سيتجاوز كما تقول كلّ الدراسات الـ17 تريليون ليرة.

تتابع تلك الأوساط: “وزير المالية نفض يديه من مشروع الموازنة ولا يدافع عنها وعن أرقامها. فكيف نتحمّل نحن كمصرف لبنان تبعاتها الخطيرة وكلّ الحكومة تتنكّر لها؟ هم يدفعون سعر الصرف إلى الفلتان عبر هذه الموازنة، وإن كانوا يريدون ذلك فليعيّنوا حاكماً جديداً لمصرف لبنان وليفعل ما يريد”.

يؤكّد مصدر وزاري لـ”أساس” ضرورة أن يتحمّل مجلس النواب مسؤوليّاته تجاه الموازنة، وإلّا فنحن “ذاهبون إلى توسّع واستفحال الأزمة”. ويضيف: “هذه المسؤولية لا تنحصر فقط بالموازنة، بل بإقرار قوانين الإصلاحات المطلوبة والملحّة، التي تبدأ بالكابيتال كونترول ولا تنتهي بإعادة هيكلة المصارف”.

يختم المصدر: “يمكن للحكومة أن تصدر الموازنة بمرسوم كما ينصّ الدستور، لكنّ هذه الخطوة لن نقدم عليها ولا على أيّ عمل أو خطوة في هذه المرحلة لا تحظى بالإجماع، لأنّها ستفقد أهميّتها وفائدتها”.

إقرأ أيضاً: “أربعينيّة” إسرائيل: كلفة الحرب 10 مليارات $ وإقفال 6 وزارات

من جهته، قال رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان في تصريح خاص بـ”أساس”: من خلال متابعتنا أرى أنّ الحكومة تسعى لإقرار الموازنة عبر إصدارها بمرسوم إلاّ أننا كمجلس نواب وكلجنة مال وموازنة وضعنا يدنا عليها ودرسناها بكافة أجزائها ووضعنا التعديلات اللازمة، ونحن نسعى الآن كي تُرفع إلى الهيئة العامة حيث نأمل أن يتأمن النصاب لدراستها وإقرارها وفقاً للتعديلات التي وضعناها أو لرفضها وحينها إن رُفضت من مجلس النواب لا يمكن للحكومة أن تصدرها بمرسوم”.

وتابع النائب كنعان لـ”أساس”: “هذه الموازنة هي موازنة تشغيلية ضرائبية لا يوجد فيها أي رؤية استثمارية أو تنموية كما يجب أن تكون الموازنات”.

مواضيع ذات صلة

آثار النّزوح بالأرقام: كارثة بشريّة واقتصاديّة

لم تتسبّب الهجمات الإسرائيلية المستمرّة على لبنان في إلحاق أضرار مادّية واقتصادية مدمّرة فحسب، بل تسبّبت أيضاً في واحدة من أشدّ أزمات النزوح في تاريخ…

استراتيجية متماسكة لضمان الاستقرار النّقديّ (2/2)

مع انتقالنا إلى بناء إطار موحّد لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، سنستعرض الإصلاحات الهيكلية التي تتطلّبها البيئة التنظيمية المجزّأة في لبنان. إنّ توحيد الجهود وتحسين…

الإصلاحات الماليّة الضروريّة للخروج من الخراب (1/2)

مع إقتراب لبنان من وقف إطلاق النار، تبرز الحاجة الملحّة إلى إنشاء إطار متين وفعّال للامتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. تواجه البلاد لحظة محورية،…

لبنان “البريكس” ليس حلاً.. (2/2)

على الرغم من الفوائد المحتملة للشراكة مع بريكس، تواجه هذه المسارات عدداً من التحدّيات التي تستوجب دراسة معمّقة. من التحديات المالية إلى القيود السياسية، يجد…