لقاء السراي “العشائريّ” بين وزير الدفاع وقائد الجيش: هدنة مؤقّتة؟!

مدة القراءة 7 د

وفق المعلومات، تتّجه حكومة تصريف الأعمال إلى عقد اجتماعها الخامس في السراي بعد نحو عشرة أيام. الملّح والطارئ هذه المرّة هو بتّ البنود المؤجّلة من جلسة 27 شباط المتعلّقة بتعويض بدل إنتاجية الموظفين في القطاع وبدل النقل المحدّد بخمسة ليترات، بعدما كُلّفت وزارة المال إعداد تقرير لدراسة الملف بما يؤمّن استمرار وتيرة العمل، ولو بالحدّ الأدنى في القطاع العام، والأخذ بالاعتبار الوضع “الفارِط” للماليّة العامّة.

 

تعيينات قريبة؟

كما في الجلسات السابقة سيُدرج على جدول الأعمال بنود الضرورة وسيُطرح بعضها من خارج الجدول، والنتيجة واحدة: حكومة ميقاتي لن تتوقّف عن عقد اجتماعات وزارية وصولاً إلى إمكان دخولها مدار التعيينات بالأصالة في تموز مع إحالة رياض سلامة إلى التقاعد واستحالة التمديد له، والاستمرار في ابتكار الحلول الترقيعية وصدور مراسيم بقوّة الأمر الواقع.

تفيد معلومات “أساس” أنّ “الاجتماع الثلاثي في مكتب ميقاتي بعد الاجتماع المالي-الأمني أنهى قطيعة استمرت أشهراً بين وزير الدفاع وقائد الجيش سبقتها مناوشات وصراخ وكلام عالي السقف

نشاط “المُقاطعين

في هذا السياق تكشف معطيات “أساس” أنّ بعض الوزراء المُقاطعين للجلسات يُسجّلون نشاطاً على “غروب الواتساب” الخاصّ بالحكومة وكأن لا مقاطعة ولا من يحزنون.

من هؤلاء وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجّار الذي طالب عبر “الواتساب” ربطاً بالتوجّه إلى إقرار بدل الإنتاجية بأن تُصاغ القرارات على شاكلة المراسيم التي صدرت في الماضي بحيث تشمل المُستخدَمين ونفقات الخدمة وعقود الخدمة في مراكز الخدمات الإنمائية والمشاريع المُنبثقة عن وزارة الشؤون الاجتماعية والمشاريع المشتركة.

قبل جلسة مجلس الوزراء الأخيرة أصرّ الوزير حجّار على إقرار تجديد مشروع “أمان”، لكنّ طلبه جوبه بالرفض لأنّ الأمر يحتاج إلى قانون في مجلس النواب، ولذلك سارت الحكومة بخيار التمديد لمشروع “دعم شبكة الأمان الاجتماعي” لستّة أشهر مرفقاً بملاحظات عدّة منها الطلب من حجّار تحديد المعايير التي سيتمّ اعتمادها لاختيار العائلات الجديدة التي ستستفيد من المشروع، ووضع جداول مفصّلة بالنفقات منذ بدء تطبيق المشروع. وهو نفسه وزير الشؤون الاجتماعية “المُقاطع” للجلسات الذي اقتحم الجلسة الأولى لمجلس الوزراء في 5 كانون الأول الماضي مُعترِضاً على التئام الحكومة بشكل غير دستوري وغير ميثاقي.

كما أنّه في جلسة 27 شباط صدر قرار عن مجلس الوزراء بوضع القاضي بلال بدر بالاستيداع، وحين وصل المرسوم إلى وزير العدل هنري خوري وقّع عليه ووضع أسماء الـ 24 وزيراً، و”مشي المرسوم”. ويسري الأمر نفسه على كلّ قرارات الاستيداع.

الوزيران هيكتور وخوري، كما بقيّة الوزراء المقاطعين للجلسات، يُنسّقان من تحت الطاولة مع الأمانة العامة لمجلس الوزراء لـ “تسهيل مرور” مراسيم مرتبطة بوزاراتهم من دون “كَسر” قرار العودة عن قرار المقاطعة.

ويمكن إيجاز آليّة “الاحتيال” على المراسيم كالآتي: يتسلّم الوزراء المقاطعون المراسيم ثمّ يمهرونها بتواقيعهم (كلّ حسب اختصاصه) بعد إضافة أسماء الـ 24 وزيراً. تُهمِل رئاسة الحكومة اسم كل الوزراء غير المعنيين بالمراسيم وتُبقي على توقيع الوزير المختصّ على المرسوم نفسه، ثمّ تعمد “مصلحة المتابعة” في رئاسة الحكومة إلى “روتشة” المراسيم في الشكل كي تتطابق مع النماذج المعتمدة كوضع تاريخ إصدار القرار “وتظبيط” مكان التواقيع وأمور أخرى شكلية.

إلّا باسيل...!

عمليّاً، الجميع “ماشي” بالآليّة، لكنّ باسيل، بعد جلسة اللجان النيابية المشتركة التي طيّرت الأحزاب المسيحية نصابها، اعترض على مشروع مرسوم الفيول العراقي الوارد من الحكومة لأنّه لا يحمل تواقيع الوزراء الـ 24 بل ستّة وزراء فقط، متحدّثاً عن حصول تزوير للمراسيم واستيلاء على صلاحيات رئيس الجمهورية.

لكن ظلّ وزير الطاقة وليد فياض وحده مصرّاً على أنّ هناك من “كزّ” توقيعه على مراسيم النفط، وبعدما جاء من يوضح له آليّة توقيع المراسيم التي تفهّمها باقي الوزراء المُقاطعين بادره بالقول: “I got it now!”.

تكشف معطيات “أساس” أنّ بعض الوزراء المُقاطعين للجلسات يُسجّلون نشاطاً على “غروب الواتساب” الخاصّ بالحكومة وكأن لا مقاطعة ولا من يحزنون

لقاء بين سليم وعون برعاية ميقاتي

في سياق آخر، كان لافتاً الاجتماع المالي-العسكري الذي انعقد في السراي برئاسة ميقاتي وحضور وزيرَي الدفاع موريس سليم والداخلية بسام المولوي وقادة الأجهزة الأمنية والضبّاط المسؤولين عن الملف المالي في الجيش وقوى الأمن والأمن العام وأمن الدولة.

سبق الاجتماع حصول ترتيبات في الأيام الماضية قادها ميقاتي للجم الخلاف المُستشري بين وزير الدفاع وقائد الجيش الذي تُوّج بإصدار الأخير قراراً يخوّل حامل بطاقات تسهيل المرور حمل السلاح، ثمّ إصدار وزير الدفاع قراراً مضادّاً يمنع على أيّ “جهة إصدار بطاقات تمنح صاحبها حقّ حمل السلاح وحصر الأمر بوزارة الدفاع”.

تفيد معلومات “أساس” أنّ “الاجتماع الثلاثي في مكتب ميقاتي بعد الاجتماع المالي-الأمني أنهى قطيعة استمرت أشهراً بين وزير الدفاع وقائد الجيش سبقتها مناوشات وصراخ وكلام عالي السقف وتفنيد لأخطاء الطرفين من دون التوصّل إلى حلّ نقاط الخلاف بشكل كامل”، لكن أوساط السراي تحدّثت عن “كسرٍ للجليد حيث سيصار إلى عقد لقاءات ثنائية بين الوزير والقائد لتذليل سوء التفاهم ونقاط التباعد مع سعي لحسم مسألة تراخيص السلاح وحصرها بمرجعية واحدة هي وزارة الدفاع”.    

 

الهبات تعود إلى مجلس الوزراء؟

أتى اجتماع السراي الموسّع مع قادة الأجهزة الأمنية بعد أيام من التعميم الذي أصدره الرئيس نجيب ميقاتي إلى الإدارات والمؤسّسات العامّة (ضمناً الجيش والأجهزة الأمنية) بالتقيّد بالقوانين لناحية قبول الهبات بموجب مراسيم وقيدها وفق الأصول باعتبارها من الأموال العمومية، وتدوين حركة حسابات الهِبات في قيود وزارة المال، وفتح حسابات للإدارات العامّة في حسابات الخزينة فقط، والتأكيد على عدم قانونية فتحها في المصارف الخاصة وطلب إقفالها فوراً، والالتزام بتوصيات ديوان المحاسبة لجهة تسجيل الهبات العينية ورفع تقارير حول مراحل تنفيذ المشاريع المموّلة بالهبات.

لكن وفق المعلومات لم يتمّ النقاش بهذا الموضوع بشكل مفصّل بل أنّ لبّ تمحور حول درس سبل تمويل بدل إنتاجية للعسكر على غرار الموظفين المدنيين في القطاع العام، والتي ستقرّ في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء. وقدّرت الكلفة بـ 670 مليار ليرة وعدت وزارة المال ورئيس الحكومة بتأمينها.  

في السياسة بدا واضحاً استهداف ميقاتي، أحد أكثر داعمي وصول سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية، لسياسات قائد الجيش في قبول الهِبات من دون المرور بمجلس الوزراء، وهو الأمر الذي تعتمده باقي الأجهزة.

أتى الردّ سريعاً من خلال العماد جوزف عون على كلّ من جبران باسيل ورئيس الحكومة عبر التأكيد “إذا كان خرق القانون يتيح لي قبول مساعدات من اللبنانيين المحبّين للجيش، وتأمين الدواء والتغذية والتنقّلات للعسكريين، والاستشفاء والمساعدات المدرسية لعائلاتهم، ويسمح للجيش بتنفيذ مهمّاته، فسأخرق القانون”.

إقرأ أيضاً: لهذه الأسباب يرفض برّي انتخاب قائد الجيش!

وفق المعلومات، تتقاطع كلّ الأجهزة الأمنية عند واقع رفض الخضوع للآليّة “التقليدية” القانونية في قبول الهبات المالية والعينية عبر مجلس الوزراء بالنظر إلى الظروف الاستثنائية وتعذّر انعقاد الحكومة دورياً.

يبدو الرأي موحّداً بين قادة الأجهزة عند كون الآليّة المعتمدة في قبول الهبات خفّفت من الأعباء على العسكريين و”ريّحتهم” لناحية الطبابة والحصول على دولارات “فريش” والمساعدات الغذائية والعينية، “ولو انتظرنا مجلس الوزراء لكان العسكر جاع وسُجّلت حالات فرار بالمئات”.

 

لمتابعة الكاتب على تويتر: MalakAkil@

مواضيع ذات صلة

هدنة الـ60 يوماً: الحرب انتهت… لم تنتهِ!

بعد عام ونحو شهرين من حرب إسناد غزة، و66 يوماً من بدء العدوّ الإسرائيلي عدوانه الجوّي على لبنان، واغتياله الأمين العامّ لـ”الحزب” السيّد حسن نصرالله،…

ألغام سياسيّة أمام الجيش في الجنوب!

بعدما أصبح وقف إطلاق النار مسألة ساعات أو أيام، لا بدّ من التوقّف عند العنوان الأوّل الذي سيحضر بقوّة على أجندة “اليوم التالي” في لبنان:…

أميركا مطمئنّة.. ونتنياهو “يسرق الوقت”

عاد الموفد الأميركي آموس هوكستين من زيارته إلى المنطقة، ووصل إلى العاصمة الاميركية أمس. وقبل أن يصل إلى واشنطن كان قد طمأن عين التينة إلى…

مبعوث ترامب إلى الشّرق الأوسط: معجب “بروحانية” نتنياهو..

تشبه الشّخصيّات التي رشّحها الرّئيس الأميركيّ المُنتخب دونالد ترامب شخصيّته الجدليّة. فهو كما فاجأ المراقبين يومَ فازَ في انتخابات 2016، وبفوزه الكبير في انتخابات 2022،…