اغتيال لقمان سليم: رعاية انشقاق “مبيّض” لأموال الحزب…

مدة القراءة 3 د

منى علمي* موقع “العربية” الإنكليزي

 

لم يكن مقتل لقمان سليم، الناشط الشيعي المناهض لحزب الله، قتلًا عشوائيًا. لقد كان إعداماً بدم بارد. الناشط الذي ندّد بانتهاكات حزب الله لحقوق الإنسان لسنوات وتحرّى عن كثب قمع الجماعة المتزايد لقاعدتها الشعبية الشيعية وكذلك الشارع اللبناني الأوسع، عُثر عليه مقتولاً بأربع رصاصات في الرأس في منطقة الزهراني، معقل حزب الله. وتمّ العثور على هاتفه على بعد كيلومترات قليلة، في نيحا، وهي منطقة أخرى من الجنوب تحت سيطرة الجماعة المسلحة.

ما قتل سليم لم يكن انتقاده الصريح لحزب الله، الذي حوّل لبنان في السنوات القليلة الماضية – بموافقة ضمنية من القيادة اللبنانية الفاسدة – إلى تابع إيراني، على حساب اقتصاده واستقراره وعلاقاته الخارجية.

لقد اشتهر مركز “أمم”، الذي يديره سليم، بنشره مجموعة واسعة من الأبحاث حول الحزب. إلا أنّه لم يقتل بسبب علاقاته العلنية مع السفارة الأميركية أو كبار الدبلوماسيين الأميركيين أو الأوروبيين. ما قتل سليم هو أنّه ذهب بعيداً في الكشف عن النسيج الداخلي لحزب الله وشبكته المعقّدة على شبكة الإنترنت.

ما قتل سليم لم يكن انتقاده الصريح لحزب الله، الذي حوّل لبنان في السنوات القليلة الماضية – بموافقة ضمنية من القيادة اللبنانية الفاسدة – إلى تابع إيراني، على حساب اقتصاده واستقراره وعلاقاته الخارجية

ففي الأشهر القليلة الماضية، توغّل لقمان سليم في أنشطة غسيل الأموال لحزب الله، والبحث في الاتصالات المحتملة بين التجّار الذين يسهّلون هذه الأنشطة للحزب، والذهاب إلى أبعد من محاولة ربط هؤلاء بالشخصيات التي تعمل مع البنك المركزي اللبناني، وفقًا لمحادثة دارت بيننا.

في يوم الأحد 31 كانون الثاني، طلب مني سليم المرور بمكتبه يوم الاثنين، حيث أراد مناقشة موضوع حسّاس لا يمكن تناوله إلا وجهًا لوجه. عندما التقيتُ به يوم الاثنين 1 شباط، أكد أنّه كان على اتصال بشريك تجاري لحزب الله، كان متورطًا بشكل كبير في أنشطة غسيل الأموال للحزب وتم فرض عقوبات عليه من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الأمريكي (OFAC). هذا الشخص الذي لم يفصح عن اسمه، كان مستعدّاً للانشقاق مقابل انتشاله من لبنان وحمايته من حزب الله.

كان سليم يسألني ما هي أفضل طريقة للقيام بهذه الخطوة، بالنظر إلى أنّ أيّ اتصال مع سفارة أجنبية محلية سيشمل مشاركة العديد من الأطراف، ما قد يؤدي إلى تسرّب استخباراتي وتهديد حياة المنشقّ المزعوم. كان يعتقد أنّ أفضل طريقة للتعامل معه هي الاتصال مباشرة بوزارة الخارجية الأميركية أو وزارة الخزانة.

إقرأ أيضاً: لقمان سليم مضرّجاً بشجاعته… كشف القاتل باكراً

بعد ثلاثة أيام، جاهلًا أنّه يتم ملاحقته، ذهب سليم إلى الجنوب لتناول العشاء مع الأصدقاء. اختفى بعد ساعات قليلة في المساء، تاركًا أسرته محطّمة، ليعثر عليه ميتًا في اليوم التالي.

لقمان سليم لاقى مصيره. ويبقى أن نرى ما إذا كان سيظهر جسد آخر – جسد المنشقّ الغامض – في  الأسابيع القليلة المقبلة.

من المؤكد أنّه لن يتم فتح تحقيق جدي في إعدام لقمان سليم وأنّ القضاء اللبناني لن يقدّم الجناة إلى العدالة. لا مصلحة للأجهزة الأمنية اللبنانية وقضائها في معرفة الحقيقة. إنّها سلعة باهظة الثمن في بلد لا ثمن فيه لحياة الإنسان.

* منى علمي هي صحافية فرنسية – لبنانية وباحثة غير مقيمة في “مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط” التابع لـ”المجلس الأطلسي”.

لقراءة النص الأصلي اضغط هنا

مواضيع ذات صلة

الجماعة الإسلامية: انقلاب يقوده الأيّوبيّ ومشعل

إذا أردت أن تعرف ماذا يجري في “الجماعة الإسلامية”، فعليك أن تعرف ماذا يجري في حركة حماس،  وعلاقة الفرع اللبناني بالتحوّلات التي تشهدها حركة حماس……

لا تعهّد إسرائيليّاً بالانسحاب

قابل مسؤولون إسرائيليون الشكاوى اللبنانية من الخروقات المتمادية لقرار وقف إطلاق النار، بسرديّة مُضلّلة حول “الانتشار البطيء للجيش اللبناني في جنوب الليطاني، بشكل مغاير لما…

هل يستبدِل برّي حليفه فرنجيّة بأزعور؟

يدور الاستحقاق الرئاسي في حلقة مُفرغة، أحد أبرز عناصر كَسرِها التوصّل داخلياً إلى تسوية تَمنع الثنائي الشيعي من أن يكون في جلسة التاسع من كانون…

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…