لبنان كلّه كان أمس في السيارة مخطوفاً مع لقمان سليم، حيث أُردي الباحث والناشط السياسي والمعارض البارز لـ”حزب الله” وسياساته، بخمس رصاصات، أربع في رأسه وواحدة في ظهره. والأخيرة، في الظهر، موجّهة إلى لبنان.
قاتل لقمان سليم، المعروفة ملامحه وبصماته والمسموع صوته عالياً بالتهديد والوعيد، خطف على عادته لبنان كما في كلّ المغامرات التي يخوضها كرمى لعيون مرشده الأعلى، وأطلق عليه رصاصة غادرة في الظهر. ولكثرة الرصاص في جسد لبنان المخطوف، تكسّرت الرصاصات على الرصاصات.
على غرار المدرسة التي ينتمي إليها الحزب، لا يجد مكاناً للتنفيس عن غضب بيئته عليه إلا عبر التخويف والتخوين وكتم الأصوات المعارضة لمحاولة “تربية” أيّ صوت مشاكس أو متمرّد أو محرّض على الانتفاض في وجه الحزب
القاتل في جريمة لقمان سليم يسبق جريمته. الرصاص كان بطيئاً لكنّ الضغط على الزناد حدث منذ سنوات. وببطء كانت الرصاصات تلاحق لقمان سليم ممهورة بتوقيع قاتله الذي كتب على جدران بيته في حارة حريك في كانون الأوّل من العام 2019 “المجد لكاتم الصوت” و”خليك على إجر ونصّ وانطر.. جاييك الدور”. وهي كأنّها كلمات سحبت مباشرة من خطابات أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله لتلصق على الجدران وتكون بمثابة تهديد باسم الحزب لواحد من أشدّ معارضيه عناداً وشجاعة.
ولأنّ رسائل التهديد هذه لم تغيّر قيد أنملة في مواقف لقمان سليم، بل زادته إصراراً على مواجهة الحزب وتسميته مع أمينه العام بالإسم، لتحميله مسؤولية التهديدات هذه، كما مسؤولية تفجير مرفأ بيروت، لم تجد المنظومة التي ألصقت الصور وأرسلت زعراناً لحرق الخيم التي شارك فيها لقمان سليم ومشروعه في ثورة 17 تشرين، إلا القتل سبيلاً أخيراً لكتم هذا الصوت المزعج، والذي يبدو أنّه يؤثر حقاً في البيئة الشيعية ويقلق راحة الحزب الذي يعاني من اضطرابات في شعبيته وفي الأصوات المتململة التي بدأت تخرج من “بيئته الحاضنة” لتنتقد تسليمه لبنان بالكامل للمشروع الإيراني وعدم اكتراثه بالمصير السوداوي الذي أوصل البلاد إليه بالسلاح وأثر هذا السلاح، ليس فقط على الحريات، بل على أمان اللبنانيين الأمني والإقتصادي والإجتماعي.
الرصاص كان بطيئاً لكنّ الضغط على الزناد حدث منذ سنوات. وببطء كانت الرصاصات تلاحق لقمان سليم ممهورة بتوقيع قاتله الذي كتب على جدران بيته في حارة حريك في كانون الأوّل من العام 2019 “المجد لكاتم الصوت” و”خليك على إجر ونصّ وانطر.. جاييك الدور”
وعلى غرار المدرسة التي ينتمي إليها الحزب، لا يجد مكاناً للتنفيس عن غضب بيئته عليه إلا عبر التخويف والتخوين وكتم الأصوات المعارضة لمحاولة “تربية” أيّ صوت مشاكس أو متمرّد أو محرّض على الانتفاض في وجه الحزب. وهل هناك من هو أكثر تمرّداً وشجاعةً وقسوةً واندفاعاً من لقمان سليم، لجعل قتله ترويضاً لأسود الجوع التي يخشى “حزب الله” انفلاتها من قفصه المقفل جيداً بقضبان الترهيب بعدما خسر الحزب، بسبب الحصار الإقتصادي عليه، قدرته المالية على الترغيب؟
إقرأ أيضاً: ولماذا ينفي “الحزب” قتل لقمان؟
حملة الشماتة بلقمان سليم التي أعقبت اغتياله، تصدر عن الجهة نفسها التي أطلقت حملات التخوين والتهديد ضدّه. لا تداري هذه الجهة وجهها. ولا تخبّئه بقناع. تمارس كل ما من شأنه أن يدلّ بإصبع الاتّهام إليها. هذا مرادها، لكي تُهاب ولكي تبثّ الرعب في صدور معارضيها ومن تتحرك لديهم في بيئتها بذور الشجاعة للتجرؤ عليها، من حيّ السلم إلى حارة حريك وصولاً إلى نيحا وانتهاءً بالعدوسية حيث وجدت جثة لقمان سليم المضرّجة بشجاعته.