لم تنتهِ بعد حرب الشرق الأوسط المتعدّدة الساحات والتسميات.. طوفان الأقصى والسيوف الحديدية والإسناد إلخ….
لذا لن تكون قراءة النتائج التي أسفرت عنها نهائية حاسمة، بل هي قراءة دلالات ومؤشّرات.
لأبدأ بنقطة الانطلاق الأولى: طوفان الأقصى والردّ الإسرائيلي عليه بالسيوف الحديدية.
كان اليوم الأوّل، السابع من أكتوبر (تشرين الأوّل 2023)، مختلفاً عن اليوم الذي نحن فيه الآن. وكانت الأهداف مختلفةً عن المطالبات التي نشأت بفعل مجريات الحرب ووقائعها وتطوّرات الميدان عسكرياً في حالتَي الهجوم والدفاع.
كان اليوم الأوّل يوم الذهاب إلى الحدود القصوى في الأهداف:
- إنقاذ القدس والأقصى الذي سمّيت انطلاقة الحرب باسمه.
أمّا اليوم فقد تغيّرت المطالبات ويمكن تحديدها بالآتي:
- السعي الحثيث إلى وقفٍ مؤقّتٍ لإطلاق النار.
- وتبادل الأسرى والمحتجزين بصورة متدرّجة بحيث يفرج عن جميع المحتجزين الإسرائيليين مقابل الإفراج عن أعداد من المعتقلين الفلسطينيين، وهو أبعد ما يكون عن “تبييض السجون”، كما أعلن في البدايات.
والخلاصة المرئية حتى الآن:
- انتهاء حكم حماس في غزة.
- وانتهاء العمل العسكري ضدّ إسرائيل انطلاقاً من أراضيها مستقبلاً.
- والعودة إلى حصارٍ إسرائيلي أكثر إحكاماً من كلّ ما سبقه.
يبقى أنّ “الثمرة” سقطت في الحضن الإسرائيلي الأميركي المشترك.
في لبنان، واستجابة لطوفان الأقصى، نهضت منه جبهة الإسناد الأولى التي امتدّت إلى إيران مروراً بسوريا والعراق واليمن
ماذا عن لبنان؟
في لبنان، واستجابة لطوفان الأقصى، نهضت منه جبهة الإسناد الأولى التي امتدّت إلى إيران مروراً بسوريا والعراق واليمن. كانت البدايات واعدةً ليس فقط على نطاق محدود كتخفيف الضغط العسكري الإسرائيلي على غزة، بل وصلت بعض الأدبيات إلى التبشير بتحرير الجليل، وإعادة لاجئي الـ 48 إلى ديارهم التي أخرجوا منها.
جديّة الموقف والمحاولة تُحترمان من خلال احترامنا البديهي للشهداء اللبنانيين الذين قضوا في حرب الإسناد. غير أنّ ذلك لا يعفينا من إحصاء الخسائر الحقيقية وقراءة المآلات.
لبنان كلّه، وليس الجنوب ولا “الحزب”، من سقط كثمرة في الحضن الأميركي الإسرائيلي.
الخلاصة هي أنّ أميركا باتت هي الوصيّ الأمنيّ المعترف به دولياً وفق التطبيقات التي اعتمدت للقرار 1701. وإسرائيل هي من يقمع ما تسمّيه الخروقات، سواء انسحبت أو بقيت، فطائراتها تعمل بلا معوّقات في أيّ مكان تراه مناسباً.
لبنان كلّه، وليس الجنوب ولا “الحزب”، من سقط كثمرة في الحضن الأميركي الإسرائيلي
سوريا: الأكبر والأقوى في الميزان
في سوريا… وبصرف النظر عن التحليلات المتعدّدة، المنسجمة أو المتباينة حول الذي حدث وأدّى إلى سقوط النظام والبلد، إلا أنّ ما آلت إليه الحالة هو سقوط الحلقة الأهمّ في معسكر الممانعة ووحدة الساحات في القبضة الأميركية الغربية الإسرائيلية، ولك أن تضيف تركيا إلى القائمة.
سوريا حتى وإن كان دورها غير مباشر في الحرب الراهنة، إلّا أنّها الحلقة الأهمّ ليس فقط في سلسلة الممانعة ووحدة الساحات، بل في تقرير مصير المنطقة، وها نحن نرى حجّاً أميركياً غربياً إلى دمشق، ونرى دعماً إعلامياً وسياسياً أميركياً يصل حدّ التبنّي لنواة النظام الجديد في سوريا، كمقدّمة لتدخّلٍ أوسع نطاقاً في ترتيب الوضع السوري ليكون أكثر انسجاماً بل وتجانساً مع الوضع العربي الرسمي الذي يتعاطى مع أميركا في ترتيبات الشرق الأوسط، إن لم نقل الجديد فالمختلف.
باتت أميركا هي الوصيّ الأمنيّ المعترف به دولياً وفق التطبيقات التي اعتمدت للقرار 1701. وإسرائيل هي من يقمع ما تسمّيه الخروقات، سواء انسحبت أو بقيت
سوريا ليست جنوب لبنان ولا غزة، ولا حتى لبنان وفلسطين كليهما. إنّها الأكبر والأقوى في ميزان الثقل والتأثير السالب والموجب، مهما كان النظام الذي يحكمها.
أين هي الآن؟ ومن الذي يقود ترتيبات حاضرها ومستقبلها؟
أمّا إيران قائدة المحور، وصاحبة الأذرع التي بدت في وقتٍ مضى وانقضى كما لو أنّها أخطبوط يطبق على عنق المنطقة على نحوٍ أنذر بجعل نفوذ الدولة الفارسية هو الأقوى على الساحة الشرق الأوسطية، إيران التي كانت هكذا، فقد خسرت كلّ ما تقدّم، ولا نعرف بالضبط هل لديها بدائل قوّة غير التي خسرتها؟
حتى إشعار عسكري أميركي آخر بقي اليمن الحوثي… فهل يكفي؟
إقرأ أيضاً: إيران تهدّد قطر… ليسمع الخليج؟