شهد لبنان خلال الأسبوع الماضي انعقاد عدّة ورش حواريّة وفكرية حول السياسة الخارجية ومستقبل الحرب في غزة وانعكاساتها على جنوب لبنان و الاستراتيجية الدفاعية ومستقبل القرار 1701. والملاحظ أنّ الموضوع الأهمّ في كلّ هذه الورش تناول دور ومستقبل الحزب. وكانت معظم النقاشات حول مواقفه. لكن بالمقابل غاب مسؤولو الحزب عن النقاشات إمّا لعدم دعوتهم أو لأنّهم يفضّلون عدم المشاركة فيها .
نقاشات وورشات كثيرة حول الاستراتيجية الدفاعية والقرار 1701 شهدها لبنان في الأسابيع الأخيرة. غاب عنها الحزب.
– الورشة الأولى المهمّة عقدتها كليّة الحقوق والعلوم السياسية في جامعة الحكمة يوم الخميس الفائت. وذلك بحضور حشد كبير من الشخصيات اللبنانية والعربية والدولية تقدّمهم وزير الخارجية الدكتور عبد الله بو حبيب. وشارك فيها نواب ووزراء حاليون وسابقون والمدير العامّ السابق للأمن العامّ اللواء عباس إبراهيم ونائب حركة أمل محمد خواجة والوزير السابق ناصيف حتّي. ودارت النقاشات حول كيفية تنفيذ القرار 1701 والشروط اللبنانية لذلك وانعكاس معركة طوفان الأقصى على الوضع اللبناني.
– كانت الورشة الثانية بدعوة من مؤسّسة “كلّنا إرادة” التي تعنى بالشأن العامّ وإعداد أوراق عمل حول القضايا السياسية والاقتصادية في لبنان. وكان عنوان الورشة: “السياسة الخارجية اللبنانية في ضوء التطوّرات في المنطقة”. وتطرّقت الأوراق إلى مستقبل جبهة جنوب لبنان ودور الحزب ومواقفه. وشارك فيها شخصيّات متنوّعة. ولكن لم يُلحظ وجود من يمثّل وجهة نظر الحزب.
إنّنا اليوم أمام معضلة كبيرة تتعلّق بمستقبل ودور لبنان في ضوء التطوّرات الجارية. والحاجة إلى حوار وطني شامل وإلى الاستراتيجية الدفاعية
– عُقدت الورشة الثالثة في كلّية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة القدّيس يوسف. وهي ورشة بعيدة عن الأضواء. وتُعقد برعاية من البطريركية المارونية ومشاركة مؤسّسة ألمانية تعنى بالنزاعات الدولية. وهذه الورشة هي الرابعة من سلسلة ورش تعقدها البطريركية المارونية لبحث موضوع الحياد والتحييد ومستقبل لبنان. وكان عنوان الورشة الأخيرة: “القرار 1701 وكيفية اتّخاذ قرار الحرب والسلم”. وشارك فيها شخصيات لبنانية متنوّعة تمثّل مختلف التوجّهات الفكرية والسياسية. لكنّ المسؤولين في الحزب فضّلوا عدم المشاركة فيها على الرغم من دعوتهم المتكرّرة. وذلك لعدم الخوض في نقاشات مباشرة حول الحياد وترك هذا الملفّ للمستقبل ولحوار مباشر مع بكركي. لكنّ معظم النقاشات في الورشة الأخيرة دارت حول الحزب ودوره وكيفية بناء الدولة وتطبيق اتفاق الطائف. وركّزت العديد من الآراء على دور الحزب ومسؤوليّته وعلى الاستراتيجية الدفاعية.
– هناك ورش حواريّة أخرى تعقد حول الأوضاع اللبنانية.، وبعضها يتمّ بشكل علني. في حين أنّ هناك ورشاً تُعقد بعيداً عن الأضواء وتدور معظمها حول دور الحزب والمقاومة وكيفية توحيد الموقف اللبناني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان.
إقرأ أيضاً: الاستراتيجية الدفاعية: مدخل الحلّ الدبلوماسيّ للقرار 1701؟
يؤكّد كلّ ذلك أنّنا اليوم أمام معضلة كبيرة تتعلّق بمستقبل ودور لبنان في ضوء التطوّرات الجارية. والحاجة إلى حوار وطني شامل وإلى الاستراتيجية الدفاعية وتطبيق القرار 1701. والإسراع بإعادة بناء المؤسّسات الدستورية. وفي مقدّمها انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة قادرة على مواجهة مختلف التحدّيات الداخلية والخارجية. وأنّه لا يمكن الوصول إلى رؤية مشتركة دون إشراك جميع الجهات السياسية والحزبية. وأنّ مسؤولية الحزب مواكبة ما يجري والمساهمة في هذه الحوارات وعدم تغييبه عنها أصلاً. لأنّه لا يمكن الوصول إلى رؤية مشتركة في غياب الطرف الأساسي، وهو الحزب.