يخوض الحزب اليوم الحرب الأولى بمواجهة الذكاء الاصطناعي. الحرب الأكثر تطوّراً في كلّ المجالات الأمنيّة والعسكرية في مواجهة الجيش الإسرائيلي. فأساليب الحرب جديدة والتحدّيات مختلفة عمّا كانت عليه طوال الإحدى والأربعين سنة الماضية. منذ بدء انطلاقة المقاومة إلى اليوم. فكيف تطوّرت طبيعة المواجهات منذ عام 1982 إلى اليوم؟ وكيف يواجه الحزب التحدّيات الأمنيّة والعسكرية الجديدة؟
لم يكن في حسبان المقاومة الإسلامية أنّها ستواجه الذكاء الاصطناعي. هي التي بدأت ضدّ إسرائيل عملها في حزيران من عام 1982. بإمكانيات متواضعة وقدرات محدودة، استفادت من الخبرات التي ورثتها من المنظمات الفلسطينية. خصوصاً حركة فتح. كذلك من التجارب القتالية في حركة أمل ومن بعض الخبرات الإيرانية والإسلامية.
تطوّرت هذه الإمكانات بعد مجيء قوات حرس الثورة الإسلامية الإيرانية إلى البقاع وامتلاك خبرات وتقنيّات جديدة. وكانت العملية الاستشهادية الأولى في 11 تشرين الثاني من عام 1982 التي نفذّها الشهيد أحمد قصير. وخطّط لها الحاج عماد مغنية. وكانت أوّل العمليات الكبرى في هذه المسيرة المقاومة.
ثمّ تطوّرت الإمكانات والقدرات طوال الإحدى والأربعين سنة الماضية. على مختلف الصعد اللوجستية والتقنية والإمكانات والقدرات وإعداد الكوادر. حتى أصبحت المقاومة أشبه بجيش صغير منظّم.
على الصعيد الأمني الذي ترافق تطوّره مع تطوّر القدرات العسكرية، كانت هناك قفزات نوعية من خلال الإمكانات والقدرات والخبرات. كلّ ذلك بفضل التمازج بين الخبرات الفلسطينية السابقة والكفاءات اللبنانية والإمكانات الإيرانية.
يخوض الحزب والمقاومة الإسلامية اليوم الحرب الأولى بمواجهة الذكاء الاصطناعي. الحرب الأكثر تطوّراً في كلّ المجالات الأمنيّة والعسكرية في مواجهة الجيش الإسرائيلي
جهاز متخصّص بالشؤون العبرية والإسرائيلية
أوّل الإنجازات الأمنيّة المهمّة كان كشف المجموعة التي نفّذت محاولة اغتيال المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله. كان في الثامن من آذار من عام 1985. لأنّ هذه العملية كانت خلاصة تعاون أمنيّ لبناني وعربي وأميركي. وكان للحاجّ عماد مغنيّة وفريقه الخاصّ دوره المهمّ في الوصول إلى هذه الشبكة. كلّ ذلك مهّد لتأسيس جهاز أمنيّ متطوّر طوال الأربعين سنة الماضية.
تميّزت قدرات الحزب والمقاومة الإسلامية الأمنيّة والعسكرية بتطوّرها الدائم واعتمادها على الكفاءات العلمية والمعرفة الوثيقة بالعدوّ الإسرائيلي. قاد هذا الجهد جهاز متخصّص بالشؤون العبرية والإسرائيلية. إضافة إلى تطوير القدرات بشكل دائم والتدريب المستمرّ ومعرفة نقاط ضعف وقوّة العدوّ الإسرائيلي بشكل مستمرّ. كذلك السعي إلى التغلّب على نقاط قوّته ومواجهة نقاط ضعفه.
لكن اليوم في الحرب المستمرّة منذ أكثر من أربعة أشهر على الجبهة الجنوبية يخوض الحزب والمقاومة الإسلامية معركة جديدة. سواء بالنسبة لطبيعة المواجهات المباشرة المغايرة لأسلوب حرب العصابات أو قاعدة “اضرب واهرب”. أو لجهة نوعية الأسلحة والقدرات المختلفة التي تتطوّر يوماً بعد يوم.
تقنيات الذكاء الاصطناعي الإسرائيلية
في المقابل لجأ العدوّ الإسرائيلي في هذه الحرب الجديدة إلى وسائل وتقنيّات جديدة من خلال الاعتماد على الذكاء الصناعي في إدارة الحرب. وهو يستفيد من كلّ التقنيات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي وحرب المعلومات المتطوّرة. ويعتمد الأسلوب الجديد في العمليات عبر التدمير الممنهج والوصول إلى الكوادر والمقاتلين المؤثّرين في عمل المقاومة.
تميّزت قدرات الحزب والمقاومة الإسلامية الأمنيّة والعسكرية بتطوّرها الدائم واعتمادها على الكفاءات العلمية والمعرفة الوثيقة بالعدوّ الإسرائيلي
كلّ هذه التطوّرات جعلت الحزب والمقاومة الإسلامية في مواجهة غير تقليدية وتحتاج إلى إعادة دراسة وتقويم لكلّ الأساليب المعتمدة في القتال. إضافة إلى وجود بعض المحدّدات التي تتحكّم في المعركة اليوم وتفرض على الحزب التدرّج في إدارة المعركة. وعدم استخدام كلّ الأسلحة المتوافرة لديه اليوم. لأنّه حسب رؤية الحزب قد تحصل المعركة الكبرى في أيّة لحظة.
نحن إذن أمام معركة جديدة شكلاً وكمّاً ونوعاً. والحزب والمقاومة الإسلامية يخوضان معركة قاسية تتطلّب الكثير من التضحيات. وتحتاج دوماً وبشكل يومي إلى تطوير الأداء وطبيعة المواجهات لتحقيق الأهداف المطلوبة. وهذا ما تسعى إليه قيادة الحزب والمقاومة.
إقرأ أيضاً: الحزب: “الدم بالدم”.. وقف التفاوض.. توسيع الحرب
يبقى السؤال الأهمّ: هل تبقى المواجهة محدودة ضمن سياق معيّن أم نتّجه إلى المعركة الكبرى؟