تمرين حكومي للمحتاجين… على شهر رمضان

مدة القراءة 4 د


خلال جلسة مجلس الوزراء اليوم، ناشد رئيس الحكومة حسّان دياب المغتربين المقتدرين المساهمة في دعم العائلات اللبنانية المحتاجة. كلام دياب جاء بعد أقل من 24 ساعة على قرار رئيس الحكومة الكندي جاستين ترودوا مساعدة المواطنين الكنديين المتضرّرين من أزمة فيروس كورونا، بمبلغ 2000 دولار شهرياً، أي 65 دولاراً يومياً.

ترودو سيموّل شعبه، ودياب يتسوّل. قلّة فرق. لعل خطوة دياب جاءت سعياً للحصول على الـ”fresh money” من لبنانيي كندا وغيرها.

إقرأ أيضاً: الحزب جنّد الفاخوري لقتل ترامب بطبق “كبّة نية”

فحكومة دياب التي كانت “قدوة للحكومات الغربية في مكافحة كورونا”، بحسب توصيف وزيرة الإعلام الألمعية (ومعها حقّ طبعاً) قد خصّصت 75 مليار ليرة لبنانية لمدّ العائلات المحتاجة، عبر البلديات، بحصتين: واحدة غذائية وأخرى تعقيمية، قد تصل قيمتهما معاً إلى 180 ألف ليرة لبنانية للعائلة المحتاجة، أي 65 دولاراً، مثلنا مثل كندا، لكن شهرياً، وليس يومياً. وفي لبنان العائلة قد يصل عدد أفرادها إلى 5.

هذا يعني أنّ دياب سيعطي كل فرد 36 ألف ليرة لبنانية شهرياً. يا سلام، كرم على درب. أو ما يعادل 13 دولاراً لكل فرد شهرياً (قلة فرق بين 2000 دولار في كندا و13 دولاراً في لبنان) أو 1250 ليرة يومياً (ثلث دولار).

وطبعاً هذا المبلغ الكبير، 1250 ليرة يومياً، يكفي لنشتري كلّ ما نحلم به، من معقّمات، وما لذّ وطاب من مأكولات ومشروبات، والباقي ندفعه ثمناً للكهرباء، وندفع منه إيجار المنزل، وفواتير الهاتف وتقسيط الأدوات الكهربائية، ونرسل ما تبقّى لشبابنا العالقين في مطارات العالم والعاجزين عن العودة بسبب نقص المال والطائرات.

ربما أراد العهد والحكومة أن تكون مساعدتهما “روداج”، أو تمريناً نفسياً – غذائياً لاستقبال شهر الخير. شهر رمضان، فنبدأ بالصوم في زمن الكورونا، قبل زمن رمضان الكريم.

سيُخصّ النساء بخدمة “الأقوال المأثورة” من مجموعة الروائية الجزائرية الشهيرة أحلام مستغانمي

الحكومة قامت بما هو أهم من ذلك، فالتفتت إلى الرعاية الطبية والجانب النفسي. فقد أعلنت وزيرة الإعلام الدكتورة منال عبد الصمد بعيد انتهاء جلسة مجلس الوزراء، أنّ الرئيس ميشال عون طلب من المجلس حمل اللبنانيين على كفوف الراحة (والبسكوت)، داعياً إياهم إلى عدم الخوف والهلع، لأنّ العهد لن يسمح بعَوَز أو إهانة أحد… ولا سبت ولا حتى جمعة. وكلّ هذا بثلث دولار يومياً لكلّ جائع. وللتذكير هنا فخطّ الفقر، بالتعريف الدولي، هو ما يقلّ عن دولار وربع يومياً.

أما الوزيرة الذكية منال عبد الصمد فأعلنت خلال تلاوة مقرّرات مجلس الوزراء، أنّ الحكومة سدّدت مستحقات المستشفيات التي ستستعدّ لاستقبال المصابين المحتملين، بـ15 ألف سرير، وذلك ضمن غُرفِ عزلٍ تحوي كلّ واحدة منها على جهاز تكييف 12000 PTU و”واي فاي” (unlimited) وتلفاز ذكي بحساب “نتفليكس”، معلنة في الوقت نفسه عن تخصيص وزارة الإعلام بـ”خط فاتر” (لأنّ الصيف بات على الأبواب والساخن غير يناسب) لاتصالات المواطنين المتأزّمين نفسياً من الحجر المنزلي، يتلقاها فريق من الخبراء يروي لهم مجموعة واسعة من روايات “عبير” و”آغاتا كريستي”، وللأطفال قصص من “لولو وطبوش” و”سامر” و”ماجد” و”سوبرمان” قبل النوم.

كما سيُخصّ النساء بخدمة “الأقوال المأثورة” من مجموعة الروائية الجزائرية الشهيرة أحلام مستغانمي، وذلك لزوم النكد النسائي في أيام “الهجر في ظل الحجر”، إضافة إلى خدمة “النكات والحزازير” التي تُطرح على المتصلين من باب الترفيه وتحسين المزاج العام، على مدار الساعة وسيتخلّلها جوائز قيمة عبارة عن بطاقات تشريج من شركتي “تاتش” و”ألفا” ضمن باقات إنترنت سريعة “مش رح نقدر نركض وراها”.

 

*هذا المقال من نسج خيال الكاتب 

مواضيع ذات صلة

من 8 آذار 1963… إلى 8 كانون 2024

مع فرار بشّار الأسد إلى موسكو، طُويت صفحة سوداء من تاريخ سوريا، بل طُويت صفحة حزب البعث الذي حكم سوريا والعراق سنوات طويلة، واستُخدمت شعاراته…

سوريا: عمامة المفتي تُسقط المشروع الإيرانيّ

عودة منصب المفتي العام للجمهورية السوريّة توازي بأهمّيتها سقوط نظام بشار الأسد. هو القرار الأوّل الذي يكرّس هذا السقوط، ليس للنظام وحسب، بل أيضاً للمشروع…

فرنسا على خط الشام: وساطة مع الأكراد ومؤتمر دعم في باريس

أنهت فرنسا فترة القطيعة التي استمرّت اثنتي عشرة سنة، مع وصول البعثة الفرنسية إلى العاصمة السورية، دمشق. رفعت العلم الفرنسي فوق مبنى سفارتها. لم تتأخر…

تركيا في الامتحان السّوريّ… كقوّة اعتدال؟

كان عام 2024 عام تغيّر خريطة الشرق الأوسط على أرض الواقع بعيداً عن الأوهام والرغبات التي روّج لها ما يسمّى “محور الممانعة” الذي قادته “الجمهوريّة…