يُحكى أنّ رجلاً ضاقت به سبل العيش، فأراد أن يمتهن النفاق على الناس، ففتح من أجل ذلك محلَ عطارة وطبٍ عربيّ، وعلّق فوق مدخل هذا المحل لافتةً كتب فيها: “الكشفية بـ100$… وإذا لم تستفد تحصل على 200$”.
أول زبون وقع نظره على اللافتة، أغرته الفكرة وقال في سرّه: “لمَ لا أضاعف المئة التي في جيبي إلى مئتين؟”. دخل المحل وقال للعطار المنافق: “أيها العطّار ألا نصحتني بوصفة تعيد إليّ حاسة التذوّق التي أفقدها؟”. التفت العطّار صوب مساعدته وطلب منها إحضار الـ”مرطبان رقم 14″، ثم أطعمه منه ملعقة كبيرة بعد أنّ تقاضى منه سلفاً الـ100 دولار.
إقرأ أيضاً: أورورا… إلهة إغريقية نهبت وزارة الطاقة؟
مضغ الزبون المستحضر العجيب وقال للعطار: “يا رجل! كأنها طعمة براز؟”. فردّ العطار سريعاً: “عافاك… ها هي عادت إليك حاسة الذوق”، ثم وضع كشفية الـ100 دولار في جيبه.
شعر الزبون سريعاً أنّه تعرّض لعملية نصب، وأنّ محاولة الضحك على العطّار قد باءت بالفشل، فأراد من أجل الانتقام وتعويض الخسارة العودة إليه في اليوم التالي بعوارض “مرض” جديد.
دخل في اليوم التالي وقال له: “دخيلك يا عطّار، أني مصاب بالخَرَف ولا أكاد أذكر اسمي، ألا تملك حلاً لهذه المشكلة؟”. إلتفت العطار صوب مساعدته كالعادة وقال لها: “يا فلانة… هاتي مرطبان رقم 14”.
فقاطعه الرجل قائلاً: “أهو مرطبان البراز ثانيةً؟”. ردّ العطار سريعاً: “ما زلت تذكر إذاً… هات الـ100 دولار”. غضب الرجل غضباً شديداً وخرج من المحلّ يجرّ خلفه أذيال الانهزام، لكنّ منسوب الإصرار على الانتقام زاد في دمه، وأراد أن يعود مرة جديدة، لكن هذه المرة بحجة “البرود الجنسي”.
دخل المحل في اليوم الثالث وأعطاه 100 دولار ثالثة وأخبره عن حاله المستجدّ، فالتفت العطار إلى مساعدته من جديد وأومأ لها مجدّداً من أجل إحضار الـ”مرطبان رقم 14″. جُنّ جنون الزبون وانهال على العطّار بكيل من السباب والشتائم تطال الأخت والعرض والحريم… فضحك العطار وقال له: “ما شاء الله عليك… متل الحصان”، ثم لفّ الـ100 دولار ووضعها في جيبه.
إسقاط تفاصيل هذه الطُرفة على حالنا في لبنان سهل جداً. فكلّ الحكومات وآخرها حكومة حسان دياب ومن خلفها، هم العطّار الذي يخرج الحلّ نفسه من السلّة نفسها، بعد أن يضع “الكشفية” في جيبه… لكن بفارقٍ بسيط: المواطنون تأخروا كثيراً في معرفة ما طعم المستحضر في الـ”مرطبان رقم 14″.
*هذا المقال من نسج خيال الكاتب