قالت مصادر دبلوماسيّة فرنسية مطّلعة في بيروت لموقع “أساس” إنّ “المسؤولين الفرنسيّين على أعلى المستويات وفي كلّ دول المنطقة يجرون اتّصالات مكثّفة من أجل معالجة الأزمة اللبنانية مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وقد أبلغ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الرئيس نجيب ميقاتي أنّ فرنسا تبدي اهتماماً كبيراً بمعالجة هذه الأزمة التي تركت انعكاسات سلبيّة على الأوضاع في لبنان وعلى العلاقات اللبنانية – الخليجية”.
وأوضحت المصادر أنّ “وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان يجري حاليّاً اتّصالات مع نظرائه الخليجيّين لبحث طبيعة الأزمة وأسبابها وكيفيّة معالجتها. وحتى الآن لا توجد مطالب محدّدة أو خارطة طريق نهائية للوصول إلى حلول سريعة. والمطلوب هو تخفيف أجواء التوتّر. ويجب على المسؤولين اللبنانيين التعاطي بإيجابيّة مع هذه الجهود من أجل الوصول إلى حلول سريعة، مع إدراك المسؤولين الفرنسيين أنّ للأزمة أبعاداً إقليمية لها علاقة بدور إيران وحزب الله في المنطقة، لكن في الوقت نفسه يجب التركيز على ضرورة الحفاظ على العلاقات القوية بين لبنان ودول الخليج والدول العربية”.
في لبنان تتواصل السفيرة الفرنسية مع نظرائها السفير المصري وسفير سلطنة عمان والسفير العراقي لمعالجة الأزمة
وأشارت المصادر إلى أنّ “السفراء الفرنسيين في دول المنطقة يتولّون الاتصالات مع المسؤولين في مختلف البلاد المعنيّة بالأزمة. وتؤكّد فرنسا أنّها ستتعاون مع بقيّة الشركاء لمعالجة الأزمة، وخصوصاً الولايات المتحدة الأميركية. وفي لبنان تتواصل السفيرة الفرنسية مع نظرائها السفير المصري وسفير سلطنة عمان والسفير العراقي. وتكمن أهمّيّة الدور العراقي في كون بغداد استضافت أخيراً القمّة الدولية والإقليمية، بحضور الرئيس الفرنسي. وهناك تواصل مع السفير السعودي في لبنان وليد البخاري عبر الاتصالات الهاتفية، وسيكون الملفّ اللبناني حاضراً في منتدى باريس للأمن الذي سيُعقد يوم الخميس المقبل في 11 من الشهر الحالي، وفرنسا تولي الملفّ اللبناني أهميّة قصوى، وتدعو العديد من الدول الكبرى ودول المنطقة إلى الاهتمام بلبنان، على الرغم من أنّ لدى هذه الدول أولويّات أخرى”.
ورفضت المصادر الدبلوماسية الفرنسية التعليق على احتمال تقديم الرئيس نجيب ميقاتي استقالته أو استقالة الحكومة، واعتبرت أنّ “هذا القرار يعود له”، لكنّها أوضحت أنّ “من مصلحة لبنان واللبنانيين اليوم عودة الحكومة إلى العمل بسبب حجم التحدّيات التي تواجهها في كلّ المجالات الاقتصادية والماليّة والاجتماعية والمعيشية، ومن مسؤوليّة كلّ المسؤولين والقوى السياسية والحزبية التعاون من أجل عودة العمل الحكومي وتجاوز المشكلات القائمة، خصوصاً في ظلّ التوتّرات التي حدثت أخيراً والمخاوف بين كلّ الأطراف اللبنانية من جرّاء الأزمات المختلفة”.
أشارت المصادر إلى أنّ السفراء الفرنسيين في دول المنطقة يتولّون الاتصالات مع المسؤولين في مختلف البلاد المعنيّة بالأزمة
وأكّدت المصادر أنّ “فرنسا تقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف اللبنانية، وتتواصل مع الجميع من دون أيّ تمييز. فموقف فرنسا واضح وحازم، إذ إنّها تريد مصلحة لبنان واللبنانيين والوصول الى حلول لكلّ الأزمات الاقتصادية والماليّة وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة ومعالجة الفساد، وهذا هو صلب المبادرة الفرنسية التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارتيْه إلى لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت. فالهمّ الفرنسي اليوم هو وحدة لبنان واستقراره ومعالجة كلّ مشاكله الداخلية والسعي إلى الفصل بين الأزمات الداخلية والخارجية. وتقع على المسؤولين اللبنانيين مسؤوليّة مباشرة عمّا يجري اليوم، ومن غير الصحيح ربط أزمات لبنان فقط بالملفّات الخارجية على الرغم من أهميّة تأثير هذه الأزمات على الوضع اللبناني وضرورة التعاون لتخفيف التوتّرات الإقليمية، وخصوصاً العلاقات السعودية – الإيرانية والملفّ النووي الإيراني”.
وكشفت المصادر أنّ “فرنسا مهتمّة اليوم بمستقبل لبنان، وتتّصل بالعديد من الفرقاء والشخصيّات لمعرفة وجهة نظرهم تجاه مستقبل لبنان، وتلقّت العديد من الأفكار والمشاريع الإصلاحية السياسية والماليّة والاقتصادية من مؤسسات بحثيّة ومجموعات سياسية، سواء كانت في السلطة أو المعارضة، لكن ليس لدى فرنسا حاليّاً مشروع محدّد أو توجّه إلى عقد لقاءات حوارية شاملة حول كيفيّة تطوير النظام، إلا أنّها منفتحة على كلّ الأفكار ومستعدّة لمناقشتها بهدوء مع الأخذ بالاعتبار المخاوف القائمة بين كلّ المكوّنات اللبنانية والطوائف. ويواكب الدبلوماسيون الفرنسيون في لبنان ما يجري، وهم يستمعون إلى الجميع، ويبحثون بعمق كلّ الطروحات والمخاوف القائمة”.
إقرأ أيضاً: الحزب وقرداحي: إنّها معركة المنطقة.. وليس لبنان
وختمت المصادر بالقول إنّ “فرنسا اليوم معنيّة باستقرار ووحدة لبنان، واهتمامها والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بلبنان ناتج عن طلب المسؤولين اللبنانيين المساعدة الفرنسية، ولا سيّما بعد انفجار المرفأ. وليس هذا الاهتمام مرتبطاً بمصالح سياسية أو اقتصادية أو نفطية، بل هو نتيجة اهتمام الرئيس ماكرون بالملفّ اللبناني، وبسبب أهميّة استقرار لبنان بالنسبة إلى كلّ المنطقة. وسيستمرّ الاهتمام بكلّ المجالات وعبر كل الوسائل، ولن تترك فرنسا لبنان. بل ستعمل بكلّ ما أُوتيت للحفاظ على مكوّناته وأمنه واستقراره ومعالجة أزماته المختلفة، وإن كان على المسؤولين اللبنانين وكلّ القوى السياسية والحزبية التعاون في هذا المجال وعدم إثارة المخاوف بين اللبنانيين واستغلالها في الصراعات الداخلية أو الخارجية”.