لا تزال الإدارة الأميركية حائرة في موقفها من لبنان. لا توجد سياسة محدّدة، ولا موقف واضح، ولا مخطّط أو رؤية يمكن إسقاطها على تعاملها مع ملفّاتنا المعقّدة. أو يمكن القول إنّ هذه الإدارة في طور رسم السياسة التي على أساسها سيُتعامَل مع المستوى السياسي في السنوات الأربع المقبلة.
شخصيات لبنانية ناشطة في واشنطن، تربطها علاقة بمؤسسات القرار الأميركية، تكشف لموقع “أساس”، أنّ “الإدارة الأميركية لم تتوصّل حتّى اليوم إلى رؤية نهائية لكيفية التعاطي مع الملف اللبناني، لأنّ الأولويات الأميركية لا تزال تتركّز على ملفات أخرى ساخنة، كالملفات الروسية والصينية أوّلاً، ثم الإيرانية والأفغانية واليمنية وغيرها، في حين أنّ الاهتمام بلبنان لا يزال منحصراً في دعم القوى الأمنية والعسكرية، من ضمن ملفات المنطقة العامة”.
لا تزال الإدارة الأميركية حائرة في موقفها من لبنان. لا يوجد سياسة محدّدة، ولا موقف واضح، ولا مخطّط أو رؤية يمكن إسقاطها على تعاملها مع ملفاتّنا المعقّدة
وبحسب الشخصيّات هذه، يتمثّل التطوّر المستجدّ في اهتمام المسؤولين الأميركيين بحماية الاستقرار العام والاستمرار في تقديم الدعم للجيش اللبناني والأجهزة الأمنية لمنع “الانهيار الشامل”، ولكي لا يقوم حزب الله بملء الفراغ الأمني والعسكري في حال تدهور الأوضاع في لبنان، إضافة إلى متابعة ملف ترسيم الحدود بعد التغيّرات التي حصلت في الموقف اللبناني أخيراً.
وأضافت هذه الشخصيات أنّ “زيارة وكيل وزير الخارجية الأميركي ديفيد هايل لبنان كانت استطلاعية، من أجل إعداد تقرير عن التطورات الأخيرة لوزير الخارجية، وبانتظار تعيين البديل الذي سيتابع ملفات المنطقة. وحتى الآن لم تُحسم الموافقة النهائية على من سيتابع الملفات في المنطقة بديلاً من ديفيد شينكر بانتظار عقد جلسات مناقشة لمرشّحي هذا المنصب في الكونغرس الأميركي، ولا تزال المرشحة بربارا ليف تنتظر موافقة الكونغرس وتحديد موعد جلسة الاستماع لها. أمّا ويندي شرمن فقد تمّ تثبيتها نائبةً لوزير الخارجية، وحصلت جلسة الاستماع لفيكتوريا نوليند التي ستحلّ مكان ديفيد هايل ولم تُثبّت حتى الآن، والأمور ستتواصل لملء كل المناصب في الإدارة الأميركية الجديدة”.
بحسب الشخصيات هذه، يتمثّل التطوّر المستجدّ في اهتمام المسؤولين الأميركيين بحماية الاستقرار العام والاستمرار في تقديم الدعم للجيش اللبناني والأجهزة الأمنية لمنع “الانهيار الشامل”
وأوضحت هذه المصادر أنّ “اللوبي اللبناني في أميركا بدأ يتحرّك من أجل تعزيز اهتمام الإدارة الأميركية بالشأن اللبناني، وأعدّ مذكرات وتقارير رفعها إلى الإدارة الجديدة لكن لم تُناقش. والإدارة الجديدة على تواصل مع الفرنسيين والأوروبيين من أجل استمرار تقديم المساعدات للجيش اللبناني والأجهزة الأمنية، وكي لا يقترب لبنان من الانهيار الكامل الذي يؤدي إلى زيادة المخاطر الأمنية وعودة الخلايا الإرهابية واستفادة حزب الله من ذلك. ولا تزال الإدارة الجديدة تعتبر أنّ الطريق الوحيد لمساعدة لبنان يمرّ عبر الإصلاحات الاقتصادية والمالية، وهذا يتطابق مع الرؤية الفرنسية والأوروبية. إذ ينسّق الفرنسيون والأوروبيون كلّ تحرّكاتهم مع الإدارة الأميركية. ولم تُحدّد طبيعة العقوبات التي قد تفرض على المسؤولين اللبنانيين من أجل دفعهم إلى التجاوب مع الضغوط الخارجية لتشكيل حكومة جديدة”.
إقرأ أيضاً: حكاية ترسيم الحدود البحريّة.. وسرّ الهاشتاغ
وأشارت الشخصيات الناشطة في أميركا إلى “انزعاج أميركي شديد من المطالب اللبنانية بترسيم الحدود البحرية، التي لم يُتوقّع أن تكون بهذا الحجم”. وترى أنّ “ما جرى سيؤدي إلى وقف المفاوضات بين لبنان وإسرائيل. ويسأل الأميركيون: من أين أتت هذه الخرائط الجديدة، التي غيّرت المطالب اللبنانية من 860 كلم مربعاً إلى حوالى 2290 كلم مربعاً؟ فهذا سيؤدي إلى جرّ الأوضاع نحو مرحلة جديدة، فيما الأميركيون يهمّهم نجاح المفاوضات، لكن لا تهتمّ الإدارة الحالية ولا تركّز على متابعة هذه الملفات بالزخم نفسه الذي كان لدى الإدارة الأميركية السابقة، التي كانت تريد نجاح المفاوضات وإقامة علاقات كاملة بين لبنان وإسرائيل، وكان المساعد السابق لوزير الخارجية ديفيد شينكر مهتمّاً جداً بهذا الملف”.