اغتيال لقمان سليم: أيّ دور للمعارضين الشيعة؟

2021-02-15

اغتيال لقمان سليم: أيّ دور للمعارضين الشيعة؟

في حفل تأبين الناشط السياسي والثقافي لقمان سليم في حارة حريك توجهت والدته السيدة سلمى مرشاق سليم، برسالة واضحة إلى محبّيه ومؤيّديه بضرورة الاستمرار بالحوار والعمل لقيامة الوطن المنشود. هذه الكلمات القليلة من أمٍّ مفجوعة يمكن أن تشكّل رسالة واضحة لكل من يعتبر نفسه معنيًّا بمواصلة نشاط لقمان ومشروعه السياسي، وقد يكون المعارضون الشيعة هم الجهة المعنية أكثر من غيرها بسماع هذه الرسالة، والبحث في كيفية ترجمتها على الأرض في هذه المرحلة الدقيقة والحرجة التي يمرّ بها لبنان والمنطقة.

فأيّ دور يمكن ان يقوم به المعارضون الشيعة في المرحلة المقبلة؟ وهل يكتفون بالتنديد بعملية الاغتيال أو توجيه الاتهامات أو المطالبة بكشف الحقيقة ومعاقبة القاتل؟

رغم عددهم الكبير وتنوّعهم، وأصواتهم العالية وامتلاكهم العديد من الأدوات الإعلامية والثقافية، وتوزّعهم على العديد من المواقع السياسية والحزبية ومؤسسات المجتمع المدني، فإنّ المعارضين الشيعة لم ينجحوا في بلورة مشروع سياسي موحد، أو تشكيل إطار دائم ومستمرّ لحركتهم السياسية والإعلامية. وقد برزت الخلافات بينهم عند أيّ محطة سياسية أو انتخابية أو نضالية لأسباب عديدة، منها ما يتعلق بالجوانب الشخصية أو بالحسابات السياسية أو عدم توحّدهم في رؤية مشتركة وموحدة.

كما فشل المعارضون الشيعة، ولا سيما منذ العام 2005 وحتّى اليوم، في تشكيل إطار سياسي موحّد وله حضور شعبي فاعل. والمحاولة الجديّة الوحيدة التي كان يمكن أن يكون لها دور فاعل كانت عملية تشكيل “اللقاء اللبناني الشيعي” في نيسان من العام 2005 برعاية وإشراف العلامة السيد محمد حسن الأمين، والذي ضم مئات الشخصيات السياسية والفكرية والإعلامية والاجتماعية والدينية. وقد أعدّ حينها رؤية سياسية موحدة، لكن لم يطل به المقام وقد انتهى خلال أسابيع قليلة، رغم كل الاهتمام السياسي والإعلامي بتجربته. وكان السبب المباشر لنهايته “التحالف الرباعي” الذي عُقد بين كلّ من حزب الله وحركة أمل، وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتركي، ما أدّى إلى تحجيم دور المعارضة الشيعية وإنهاء فعاليتها السياسية والشعبية.

أيّ دور يمكن ان يقوم به المعارضون الشيعة في المرحلة المقبلة؟ وهل يكتفون بالتنديد بعملية الاغتيال أو توجيه الاتهامات أو المطالبة بكشف الحقيقة ومعاقبة القاتل؟

ومنذ العام 2005 وحتّى اليوم، جرى العديد من المحاولات من أجل تنظيم دور المعارضين الشيعة والاتفاق على رؤية سياسية موحدة، وتشكيل إطار منظم للعمل في ما بينهم، كما جرت محاولات أخرى للتعاون بين المعارضين الشيعة، وقوى وشخصيات سياسية وحزبية وثقافية من اتّجاهات أخرى، وتشكّلت أطر عديدة للتحرك بأسماء مختلفة ومتنوّعة، لكن كل هذه المحاولات فشلت ولم ينجح المعارضون الشيعة في إحراز تقدّم مهم على الصعيد السياسي والشعبي وتفرّقوا فرادى وجماعات محدودة، وبرزت الخلافات الكثيرة في ما بينهم. وقد شكّلت الانتخابات النيابية الأخيرة أكبر شاهد على فشل وتراجع دور المعارضين الشيعة. ورغم أهمية الحراك الشعبي الذي انطلق في 17 تشرين الأول في العام 2019 وبمشاركة فئات شيعية كبيرة فيه، جنوبًا وبقاعًا وفي أطراف الضاحية، إلا أنّه لم يتمّ استثمار هذا التحرك ليقوم إطار شيعي أو وطني معارض وفاعل في البيئة الشيعية، رغم ازدياد الأصوات المعارضة في البيئة الشيعية.

إقرأ أيضًا: لقمان سليم: هل هو اغتيال الثقافة البديلة؟

واقتصر دور المعارضين الشيعة على الإطلالات الإعلامية والثقافية والفكرية وكتابة المقالات، أو القيام ببعض الأنشطة الثقافية والاجتماعية المحدودة، أو إطلاق بعض المواقع الإلكترونية والكتابة فيها. ولم يبرز مشروع سياسي واضح ومتكامل وفاعل، وكان كلّ معارض شيعي يعمل لوحده من دون أيّ تنسيق أو تعاون مع الآخرين. بل إنّه في بعض الأحيان كانت الخلافات بين المعارضين الشيعة أكبر من خلافاتهم مع حركة أمل وحزب الله.

واليوم، بعد اغتيال الناشط والمعارض لقمان سليم، هل يمكن أن يتوّحد المعارضون الشيعة ضمن مشروع سياسي أو ثقافي موحّد؟ أم إنّ الانقسامات والخلافات في ما بينهم ستستمرّ؟ وهل سيكتفون بتوجيه الاتهامات والتنديد بعملية الاغتيال، أم سيقدّمون رؤية جديد لقيام الدولة والوطن وعملية الإنقاذ الشاملة؟

هذا هو التحدي الأهم اليوم أمام المعارضين الشيعة.

مواضيع ذات صلة

لبنان تُرِك وحيداً.. باريس وطهران تبادران في نيويورك

لبنان تحت النار. لم يعد السؤال هل ندخل الحرب أم لا. نحن في صميمها متروكون لتلقّي عقاب عدم تلبية النصائح الدبلوماسية السابقة بفصل جبهة جنوب…

مناقلات داخل الحزب استعداداً لـ “الثّأر”

عبر ضرباته الأمنيّة والاستخبارية القاسية جداً التي أصابت رأس القيادة العسكرية للحزب يحقّق العدوّ الإسرائيلي ما لا يمكن لاجتياح برّي بالمفهوم الكلاسيكي أن يُحقّقه. تتدحرج…

هل ينجح الحزب بتجاوز الصدمة الكبيرة؟

على الرغم من حجم الضربة القاسية التي تلقّاها الحزب وبيئته يومَي الثلاثاء والأربعاء الماضيين من خلال عملية تفجير أجهزة البيجر واللاسلكي، ومن ثم يوم الجمعة…

الحزب بين فتويَيْن: “تكتيك خامنئيّ” و”سُمّ الخُمينيّ”..

تُصرّ حكومة بنيامين نتنياهو على أنّ هدفها من الضّربات التي تشنّها على الحزبِ دفعه لوقفِ ما يُسمّيه “جبهة المُشاغلة والإسناد” تحت عنوان “إعادة سكّان الشّمال…