بهلوانيّات “نواب التغيير” لا تنتهي. ويبدو أنها ستستمرّ وتطول مع كل جلسة انتخاب فاشلة…
كلّ جلسة يتبنّى نواب التغيير مرشّحاً بِـ”لون”. وكلّ لون “بدّو بالون”. تارة سليم إدّه، وتارة أخرى “لبنان الجديد” (في هذه الجلسة “نفد” ماروني)، وتارة ثالثة صلاح حنين، وطوراً الدكتور عصام خليفة باعتبار أنّه “أبو الخطّ 29”. ومن يدري؟ قد يأتي الدور، بحسبما نسمع، على الوزير الأسبق زياد بارود في الجلسات المقبلة، وربّما يتبعه وزير الخارجية الأسبق ناصيف حتّي… لدرجة أنّني بدأت أشكّ في أنّهم يتقمّصون فعلاً تسميتهم، يلبسونها، فيظنّون أنّ “التغيير” يعني تغيير المرشّح مع كلّ جلسة انتخاب لا تغيير السلوك السياسي في لبنان.
أشعل نواب التغيير “الفرن الرئاسي” باكراً، وجهّزوا الحطب، و”علّقوا” على الموقد، وينتظرون مع انتهاء كلّ جلسة أن يحدّد برّي موعداً جديداً.
يواصلون منذ أوّل جلسة حرق المرشّحين الموارنة واح… واح. ويبدو أنّهم مستمرّون بعمليّة “الحرق” حتى آخر ماروني مرشّح لرئاسة الجمهورية.
بهلوانيّات “نواب التغيير” لا تنتهي. ويبدو أنها ستستمرّ وتطول مع كل جلسة انتخاب فاشلة
تخبّطهم لم يعد يدعو إلى الأسف أو الشفقة، قطعاً لا. بل يثير السخرية، بعدما أمسوا “نجوم” المجلس، الذي يضيف إلى جلساته شيئاً من الفكاهة والهزل، فيُنسي المتابعين من خلف الشاشات ترّهاته ورتابة الحوارات بين نوّاب الأحزاب الأقحاح.
تخبو تجربة التغيير يوماً بعد يوم. يصيبها العطب والصدأ بعد ما يزيد على 180 يوماً من صناعتها، وتهدّد بنسف أيّ نهج تغيير في أيّ انتخابات مقبلة، لدرجة أنّ أمّ زهير (يعدّمني إيّاها) صارت تُعيّرنا وتتهكّم على خياراتي السياسية، فتقول: “مش هول يلي انتخبتهم يا أبو زهير؟”، ثمّ تطلق العنان لابتسامتها الصفراء.
أحاول أن أهرب من لسعاتها السياسية ببعض الحجج والتبريرات من صنف: “ما هنّي مش حزب واحد”، أو بعبارات مثل “خلّينا نعطيهم فرصة”، فتردّ على تبريري السخيف (وأنا أعرف ضمناً أنّه سخيف طبعاً) بأجوبة أكثر تهكّماً: “إيه، لا تنسَ أن ترنّ الجرس بعد الفرصة”، ثّم تطلق ضحكتها اللئيمة إيّاها هاهاهاهاها!
أكظم غيظي وأبلع لساني. في بعض المرّات أحاول تغيير الحديث (من منطلق أنّهم تغييريون ويحبّون التغيير) فأسألها عن حال الكهرباء وفاتورة الاشتراك، فلا ترتدع. أحدّثها عن أزمة المياه في حيّنا وزحمة الصهاريج، فلا تهدأ. أجاذبها أطراف الحديث وسفاسفه عن سعر صرف الدولار وبيانات رياض سلامة “الخرندعيّة”، وغيبة الشيخ سعد الحريري الصغرى، فلا تكلّ ولا تملّ.
إقرأ أيضاً: يوم حدّثنا نوّاب التغيير عن الـ”ليسترين”…
في آخر حوار دار بيننا حول الموضوع نفسه، قالت لي: “قلتلك قاطِع الانتخابات ما ردّيت… بدّك التغييييير. هيّانا نحنا عم نتفرّج وما أحلانا (تقصد تيار المستقبل)”، ثمّ أردفت: ما كنت رحت تسبّحت بحيّ البرجاوي؟
فعلاً، ريتني سبَحْت ولا انتخبت… الله يجرّصكم!
*هذا المقال من نسج خيال الكاتب