استفقتُ صباح يوم الجمعة مغموراً بهدوء وسكينة لا أعرف سببهما. قلت في نفسي “خير اللهمّ اجعله خيراً”، ما سرّ هذا الصفاء والهدوء والسلام الداخلي؟ أيُعقل أن تشعر بالطمأنينة والسلام الداخلي في لبنان؟
لأ، من المؤكّد أنّ ثمّة شيئاً خطأ… مدري مين لاعب بالتوليفة!
ألأنّه يوم عرفة، أعاده الله علينا وعليكم بالخير واليمن والبركات؟
لا أظنّ. قلت في نفسي مجدّداً: فلأقرأ الصحف لعلّي أجد خبراً هنا أو هناك يفسّر سبب صفائي غير المعهود.
ما إن قلّبت الأخبار صعوداً على هاتفي الحذق (smartphone بلغة الفِرِنجة) حتى ظهر أمامي السبب مباشرة: الرئيس ميشال يُعلن انطلاق عجلة الإصلاح التي لن تتوقّف “إنيمور” (anymore).
بسرعة البرق رميت الهاتف من يدي، وتوجّهت إلى الحمّام. لم يأتِني دور تقيّؤ من صدمة الخبر. تالله لا، وإنّما على العكس، كان توجُّهي إلى الحمام من أجل الوضوء وصلاة ركعتي شكر لله تعالى على نِعَمِهِ التي لا تُعدّ ولا تُحصى (اللهمّ لك الحمد).
ظننت لوهلة أنّ “بيّ الكل” يوجّه الكلام إلى صهره باسيل، لكنّني استدركت وقلت في سرّي، “شو عم تجنّ يا أبو زهير… ما بيعملها فخامتو”
بعد انتظار 5 سنوات و8 أشهر، ها هو فخامة الرئيس “بيّ الكل”، جبل بعبدا الأشمّ، يُطلق عجلة الإصلاح. كانت هذه العجلة “مبنشرة” طوال سِني العهد الماضية، لكنّ فخامته أبى أن يترك بعبدا بلا إنجاز يُذكر، فاستدعى فخامته “بنشرجي” شاطراً، فبدّل له “الجوّاني” بآخر “تيوبلس”، ونفخلو إيّاه على الـ30… وهاكم إصلاحاً ومصلحين.
أمّا بشرى فخامة الرئيس يوم الخميس فكانت لمناسبة استقباله المدير الإقليمي لشركة “ألفاريز ومارسال” الموكَل إليها التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، الذي أزفّ إلى فخامته خبر استكمال الداتا والمعلومات والمستندات المطلوبة، بعد ما يناهز سنتين و3 أشهر من البحث والتبحّر والتقميش… وانطلقت المسيرة (يا كلساتي!).
أعرب فخامته عن ارتياحه العميق (شي 30 متر) لما “آلت إليه الأمور أخيراً”. تقول همّ ونزل عن صدره؟ وأكّد أنّ العجلة انطلقت فعلاً ولن تتوقّف بعد اليوم، ولو أنّ الموضوع أخذ وقتاً أكثر ممّا يجب بفعل العراقيل المصطنعة، والمسامير المنثورة في درب العَجَل والدواليب، إلّا أنّ الأمور وصلت في النهاية إلى حيث يجب أن تكون… و”هيّاها عم تكرج كرج”.
ثمّ بعد هذا التصريح العظيم، استتبع فخامة الرئيس بشراه بتغريدة خلال النهار، أتحفنا بها على حسابه في “المِغراد” قائلاً: “في عيد الأضحى المبارك نستخلص العبر من معاني التضحية وسموّها، فحبّذا لو يضحّي البعض بمصالحهم وأنانيّاتهم من أجل مصلحة وطنهم وهناء شعبهم”.
ظننت لوهلة أنّ “بيّ الكل” يوجّه الكلام إلى صهره جبران باسيل، لكنّني استدركت وقلت في سرّي، “شو عم تجنّ يا أبو زهير… الرئيس ما بيعملها فخامتو”.
إقرأ أيضاً: دخلوا “كاريش”… و”مقاومة” ما فيش
لكن مع نهاية النهار استوقفني سؤال لم أجد له جواباً شافياً. وسؤالي يقول: المصاب بعمى الألوان يسمّونه طبّياً “دالتونيان”، أمّا المصاب بعمى الأحداث والمواقف فشو اسمه يا أبا زهير؟ شو اسمه… شو اسمه؟
أفيدونا يا أهل العلم والاختصاص…
*هذا المقال من نسج خيال الكاتب