اللعنة القرداحيّة

مدة القراءة 4 د

لا أعرف ماذا يريد منّا الوزير السابق جورج قرداحي. يلحقنا من مقابلة إلى مقابلة، ومن تصريح إلى تصريح حتى “يعكنن” الجوّ علينا ويعكّر صفو العلاقة بين بلاده (هكذا يُفترض) وبين دول الخليج.

كلّما هدأت النيران عاد وزير الإعلام السابق المهذار اللُقّاعة القرداحيّ، ليسكب عليها الزيت المحروق… فيعيدنا بذلك إلى المربّع الأول. يتقصّدنا الرجل ولا يريد لنا الخير، وكأنّه يوحي بسلوكه من دون أن يقول: “أنا جمعت ثروتي من عملي في دول الخليج وهذا Enough. أنا ومن بعدي الطوفان… وجعل عمرو حدا ما اشتغل ولا يعيش!”.

في الحضارة الفرعونية هناك “لعنة الفراعنة”، التي تلاحق كلّ من يزعج المومياءات المصرية القديمة فتفتك به اللعنة، فإمّا أن تتسبّب له بالعطب أو تُرديه.

في الحضارة الإغريقية هناك صندوق “باندورا” الذي يُخفي بداخله كلّ شرور البشرية من جشع، وغرور، وافتراء، وكذب، وحسد، ووهن، ووقاحة. يجلب النحس لكلّ شخص يجرؤ على فتحه.

أمّا نحن في لبنان فلعنتنا “قرداحيّة” تتنقّل على قدمين، وتطير من دولة إلى دولة بواسطة الطائرة. لعنة مفوَّهة تحشر أنفها في كلّ الملفّات والمواضيع. تتحدّث بكلام قرآنيّ منمّق، لكنّها تدسّ السمّ في العسل.

لعنة سلّطتها علينا جهة مجهولة (بل على الأرجح معلومة)، وأوكلت إليها مهمّة تخريب علاقتنا بالسعودية وغيرها من الدول الخليجية الشقيقة، لمصلحة محور الممانعة والبراميل المتفجّرة. محور لم تكسب منه “اللعنة القرداحيّة” شيئاً (أقلّه في الظاهر)، فتتطوّع لإرضائه بالمجّان على حساب لبنان، وكذلك على حساب مصالح اللبنانيين، المغتربين والمقيمين. لعنة باسم قدّيس، زوراً وبهتاناً، وهو منذور لخوزقتنا فقط لا غير.

لا أعلم إن كانت لعنته نوعاً من أنواع “الكْتيبة” أو ضربٌ من ضروب السحر والشعوذة. من المؤكَّد أنّ ثمّة “منجِّماً مُغربيّاً” كتب لنا هذه “الكْتيبة”، عَمِلَ لنا عَمَلاً وربطه بمؤخّرة جَمَل، لن نفكّه ونرتاح إلا بعد نزع السلاح!

لا يوفّر القرداحي مناسبة أو إطلالة إلاّ ويعود بها إلى دول الخليج ليجترّ الحقد المكنون بدواخله. آخر صيحاته الملعونة كانت عتبه على دول مجلس التعاون الخليجي، لعدم تقديمها المساعدات للبنان خلال الأزمة.

قالت اللعنة القرداحيّة في مقابلة على محطة عراقية: “لبنان في كلّ أزماته لم يعطِه أحدٌ قطرة مياه. نحن نمرّ بأزمات منذ 10 سنوات. أزمة محروقات ولم ينظر إلينا أحد. لم يرسل لنا أحد صهريج بنزين أو مازوت كي يشعر الناس بالدفء”.

أثار كلام القرداحي موجة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي، من لبنانيين وخليجيين، فنال نصيبه من “السلخ”، بعدما أشبعوه توبيخاً وهجاءً يليق بما قاله في تلك المقابلة. لكنّ المؤسف أنّ هذا اللوم لم يتوقّف عنده، وإنّما أصاب مَن أصاب مِن اللبنانيين…

إقرأ أيضاً: دخلوا “كاريش”… و”مقاومة” ما فيش

ألا يجلب الولد العاقّ لأهله الشتائم؟

يا أخي بِعنا سكوتك وحلّ عنّا. بِعنا إيّاه على سعر منصة “صيرفة” أو حتى على سعر “السوق السوداء” وارحمنا كرامة للملكوت الأعلى… شييييه!

*هذا المقال من نسج خيال الكاتب

مواضيع ذات صلة

تشدّد الرّياض: عودة عربيّة إلى نظام إقليميّ جديد؟

توحي نتائج القمّة العربية – الإسلامية بأوجه متعدّدة لوظيفة قراراتها، ولا تقتصر على محاولة فرملة اندفاعة إسرائيل العسكرية في المنطقة. صحيح أنّ القمّة شكّلت حاضنة…

الحرب الأهلية: هواجس إيقاظها بصورٍ كريهة

 اللغو اللبناني حول حظوظ البلد بارتياد آفاق حرب أهلية جديدة، ارتفع. قد يكون هذا الارتفاع على وسائل التواصل الاجتماعي سببه “شامت” بالوضع أو رافض لـ”الرفق”….

الرياض: حدثان اثنان لحلّ لبنانيّ جذريّ

في الأيّام القليلة الماضية، كانت مدينة الرياض مسرحاً لبحث جدّي وعميق وجذري لحلّ أزمات لبنان الأكثر جوهرية، من دون علمه، ولا علم الباحثين. قسمٌ منه…

الحزب بعد الحرب: قليل من “العسكرة” وكثير من السياسة

هل انتهى الحزب؟ وإذا كان هذا صحيحاً، فما هو شكل اليوم التالي؟ وما هي الآثار السياسية المباشرة لهذه المقولة، وكذلك على المدى المنظور؟ وما هو…