رياض سلامة: أصوات المغتربين بخير!

مدة القراءة 3 د

اعتباراً من اليوم، يُنتظر أن تبدأ صناديق اقتراع المغتربين بالوصول إلى مطار رفيق الحريري الدولي. هذه الصناديق (مدري الأكياس) ستتسلّمها وزارة الداخلية والبلديات، وينتهي عندئذٍ دور وزارة الخارجية.

الحكومة تطمئننا نحن المواطنين اللبنانيين، مشاركين كنّا أم مقاطعين، إلى أنّ هذه الصناديق بين أيادٍ أمينة لأنّها ستُودَع خلف أبواب خزائن مصرف لبنان الموصدة.

تُرى ماذا سيفعل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بهذه الأصوات خلال مهلة الأسبوع الفاصل بين موعد اقتراع المغتربين والمقيمين؟ هل سيخرج علينا ببيانات بين الحين والآخر عبر وكالة “رويترز”، حتى يخبرنا أنّ “أصوات المغتربين بخير”؟

ربّما سيسلّم السلطة أصوات ناخبيها على سعر الصرف الرسمي، ويحاسب التغييريّين مثمّناً أصواتهم على سعر منصّة “صيرفة” التي تعمل 5 أيام في الأسبوع ساربةٍ بالنهار، أو ربّما يحيلهم إلى “السوق السوداء” وصرّافي الأصوات الذين ينشطون مع كلّ قَطعٍ من الليل. ربّما يفرضُ حجزاً عليها هي الأخرى.

الحكومة تطمئننا نحن المواطنين اللبنانيين، مشاركين كنّا أم مقاطعين، إلى أنّ هذه الصناديق بين أيادٍ أمينة لأنّها ستُودَع خلف أبواب خزائن مصرف لبنان الموصدة

الكارثة إذا أخفى سلامة الأصوات، ثمّ عكف على إخراجها من خزائنه بالتقسيط. عندها قد يتنطّح “العهد القويّ” مرّة أخرى، فيطالب بشركة “تدقيق جنائي” من أجل الكشف عن “الأصوات المهرَّبة”. عندها سيصدق “العهد القويّ” ويجعل جهنّمَ حصيراً، فتنهار قيمة الأصوات التمثيلية، وتُصاب الانتخابات النيابية بالتضخّم المفرط، فتفرّخ مثل الفِطر بعد ذلك التطبيقات على الهواتف الذكية لبثّ “سعر صرف الناخب”، ثمّ يمسي لدينا مخزون “احتياطي إلزامي” من الأصوات، ويبدأ مصرف لبنان بصرفها حزمة تلو حزمة لأغراض الدعم، فتنشأ عقب ذلك جمعيّات وهيئات أهليّة لضمان حقوق الناخبين، إلى جانب تلك الخاصّة بالمودعين، ثمّ ننتظر حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً…

مَن يدري؟ قد تجتمع الحكومة وقد يشكّل البرلمان الحالي الممدِّد لنفسه اللجان فيمتدّ فرز الأصوات لسنتين ونيّف بحثاً عن مخرج مناسب في سبيل إصدار اقتراح أو مشروع قانون خاصّ بـ”Vote Control”، ثمّ يخرج رئيس مجلس النواب نبيه برّي ليقول للمغتربين: “لن يمرّ”، و”حقوق الناخبين محفوظة”… ثمّ تتوالى التسميات والمصطلحات من صنف: صغار الناخبين وكبارهم.

عندها قد يخرج المغتربون ويقولون: “لقد لقينا من سفرنا نَصَباً”، فتجتمع الحكومة بوفود من “صندوق الانتخاب الدولي”، ثمّ تضع خطّة “تعافٍ انتخابيّ” تُحصي على الناس أصواتها، فتقترح إعادة الأصوات للصغار منهم، وإدخال كبار الناخبين شركاء في قسمة ضيزى، على طريقة الـBail in.

إقرأ أيضاً: “صديقي جبران”… إسأل روحك

أمّا المقاطعون، المُعرِضون عن الاقتراع، فالويل لهم، وهم الذين لن يستطيعوا مع السلطة صبراً، وقد أرهقتهم طغياناً وكفراً، فيصطفّون على أبواب المنظمات الدولية وهيئات المجتمع المدني للحصول على حفنة من الأصوات ليسدّوا بها جوعهم الانتخابي وعطشهم للزعامة، ويطالبون “البنك الدولي الانتخابي” ببطاقات تمويلية علّها تقيهم لباس الجوع والخوف.

حينها فقط تصدُق نبوءة وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام المولوي فنحظى نحن بدورنا، فعلاً لا قولاً، بانتخابات نيابية “بتجنّن”… أليس في جهنّم مثوى للمقاطعين؟

الله يثبّت العقل والدين…

*هذا المقال من نسج خيال الكاتب

مواضيع ذات صلة

الرياض: حدثان اثنان لحلّ لبنانيّ جذريّ

في الأيّام القليلة الماضية، كانت مدينة الرياض مسرحاً لبحث جدّي وعميق وجذري لحلّ أزمات لبنان الأكثر جوهرية، من دون علمه، ولا علم الباحثين. قسمٌ منه…

الحزب بعد الحرب: قليل من “العسكرة” وكثير من السياسة

هل انتهى الحزب؟ وإذا كان هذا صحيحاً، فما هو شكل اليوم التالي؟ وما هي الآثار السياسية المباشرة لهذه المقولة، وكذلك على المدى المنظور؟ وما هو…

أكراد الإقليم أمام مصيدة “المحبّة” الإسرائيليّة! (2/2)

عادي أن تكون الأذهان مشوّشة خارج تركيا أيضاً بسبب ما يقوم به دولت بهشلي زعيم حزب الحركة القومية وحليف رجب طيب إردوغان السياسي، وهو يدعو…

الاستكبار النّخبويّ من أسباب سقوط الدّيمقراطيّين

“يعيش المثقّف على مقهى ريش… محفلط مزفلط كثير الكلام عديم الممارسة عدوّ الزحام… بكم كلمة فاضية وكم اصطلاح يفبرك حلول المشاكل أوام… يعيش أهل بلدي…