يوم أطلق النائب فؤاد مخزومي حملته الانتخابية في العاصمة بيروت، اختار شعاراً غريباً يقول: “بيروت بدها قلب”. لم يُعرف لماذا بيروت بحاجة إلى قلب؟ هل هي مصابة بتصلّب شرايين لا سمح الله؟ ولماذا قلب “فرد ضربة”. ربّما هي بحاجة إلى بعض الأدوية، أو في أسوأ الأحوال زرع روسّورات قبل أن نصل إلى زراعة القلب.
لم يُرِنا فؤاد نتيجة الفحوصات المخبرية ولا فحص الإجهاد. خرج مباشرة بهذا التشخيص: “بيروت بدها قلب”، ثمّ قُضي الأمر. أليس لبيروت أبناء أو أولياء أمر للعودة إليهم قبل اتّخاذ هذا القرار الخطير بحقّ صحّة بيروت وسلامتها؟
من أين سنأتي للحبيبة بيروت بقلب جديد؟ وفي أيّ مستشفى يريدنا فؤاد أن نجري عملية الزراعة؟ أما زال في لبنان متخصّصون في مجال القلب وزراعة الأعضاء؟ إذا نزفت بيروت دماً، واحتاجت خلال العملية إلى وحدات دم، من أين سنأتي لها بهذه الوحدات؟ من هم المتبرّعون؟ ومن يعرف أصلاً ما هي فئة دم بيروت؟ هل هي “سنّيّ +” أو “روم +”؟ أو ربّما “شيعيّ –”!
كان “الجواب” على هذه الأسئلة كلّها في جيب رئيس نادي الأنصار الرياضي والمرشّح نبيل بدر (حبيب الملايين)، لأنّ بدر المقبل من خلفيّة رياضية اختار طريقة أكثر عملية وبراغماتية.
رفع بدر الصوت في مؤتمر إطلاق اللائحة قبل أسابيع وقال للجميع: “هيدي بيروت”، كاشفاً عن نتيجة تخطيط القلب الذي أجراه للعاصمة، ورافعاً إيّاه شعاراً للّائحة الذي ستعيد الحيويّة لبيروت.
اعتبر مخزومي أنّ نبيل بدر سجّل هدفاً في مرماه، وذلك بعدما كشف بدر نتائج التخطيط الذي أجراه لقلب بيروت، فأظهر أنّ عاصمتنا الحبيبة قد لا يكون فعلاً “بدها قلب”، لأنّ قلبها لم يتوقّف عن الخفقان يوماً.
امتعض فؤاد، وهيّأ نفسه للردّ، وبالفعل كان ردّه مزلزلاً. خرج بشعار Sexy جديد وأكثر جاذبيّة: “بيروت بدها هايلايت”، مطلقاً “يومَ تجميلٍ بتكلفة رمزية” لأنّ قليلاً من العطاء يُفرح قلب النساء (كان يوم الجمعة الفائت)، وذلك بخيارات تجميلية تبرُّجيّة متنوّعة (يا سلام): الصبغة على أنواعها وبجميع الألوان (كوليستون، ريلكن، غارنييه)، والهايلايت واللولايت (سيلفر، بلاتين، ذهبي، فضّي، نحاسي، برونزي)، وطبعاً من دون أن ننسى التخصيل.
استطاع مخزومي أن يجتذب الناخبات البيروتيّات بواسطة هذا الشعار، لدرجة أنّ أمّ زهير باتت تفكّر في التصويت للائحة “بيروت بدها هايلات”. قالت لي أمّ زهير: “فؤاد ابن منطقة وحبيب الشعب… سأنتخب جمالي وأنوثتي” (الله يسامحك يا فؤاد).
لكنّ هذا الكلام وهذه الشعارات والخدمات التجميلية لن تمرّ مرور الكرام عند بدر وخلافه، ويقال إنّه يخطّط لهجمة مرتدّة جديدة، وقد تستهدف هذه المرّة الناخبين وليس الناخبات، أي الرجال لا النساء. بدر يريد أن يلعب على “وتر الجندرة”، ليردّ الصاع صاعين وتلاتة، لكن لم يُعرف حتى اللحظة كيف سيكون ردّ بدر (معقول يكون شعار بدر الجديد “بيروت بدها فياغرا؟”… الله أعلم).
لم يتوقّف الأمر عند بدر ومخزومي، إذ تشير المعلومات إلى أنّ الرئيس فؤاد السنيورة يهمّ هو الآخر في دخول “نزال الشعارات المحموم”، وهو لن يوفّر فرصة من أجل إثبات وجوده في العاصمة بيروت من باب المواجهة. وقد استدعى من أجل ذلك “الحرس القديم”، وحشد الإعلاميين والـthink tankers من كلّ المشارب البيروتية، وذلك من أجل ردّ صادم يعيد أهالي العاصمة إلى رشدهم، وبالتالي يثنيهم عن مقاطعة الانتخابات.
إقرأ أيضاً: هل تخلّت أمّ زهير عن المقاطعة؟
أمّا حزب الله فيعدّ العُدّة هو الآخر، لكنّه يعدّها بصمت وبلا جلبة. الحزب يضحك في سرّه، لأنّه يعلم جيّداً بأنّ بيروت، لا بدها قلب ولا تخطيط قلب ولا حتى هايلايت أو صبغة أو تخصيل. بيروت بحاجة إلى شيء آخر مختلف كلّيّاً عمّا ذكره الشبيبة.
بيروت بدها بيضات…
*هذا المقال من نسج خيال الكاتب