ما إن سمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن بمضمون بيان وزارة الخارجية اللبنانية بداية الحرب، حتى اتصل برئيس هيئة الأركان فاليري غيراسيموف وقال له: “وقفوا كل شي، لبنان يريدنا أن ننسحب فوراً من أوكرانيا”.
بعدها بساعات بدأت القوات الروسية، التي كانت تتجمّع عند الحدود الروسية – الأوكرانية تمهيداً للتوجّه صوب كييف، بالتراجع وأعادت انتشارها، ويُقال إنّ غزو أوكرانيا قد طالت أياماً إضافية لهذا السبب.
بيان الخارجية اللبنانية، ثمّ التصويت ضد روسيا في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، شكلا حجر عثرة أمام اندفاعة االجيش الروسي صوب كييف. الخطوتان فُرملتا أي تحركّ روسي إلى حين معرفة التوجهات الجديدة للرئيس ميشال عون الذي برع في تبادل الأدوار مع صهره جبران باسيل، وللرئيس نجيب ميقاتي الذي اكتشف أنّ موضة “النأي بالنفس” لم تعد كثيراً à la mode ولا تحاكي آخر صيحات الموضة الباريسية ولا حتى الأميركية لربيع صيف العام 2022، فقرر على ما يبدو أن يحزم “النأي بالنفس” ويضبّه على “متخّت” سراي الحكومة مع “الشتوي”!
ما إن سمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن بمضمون بيان وزارة الخارجية اللبنانية بداية الحرب، حتى اتصل برئيس هيئة الأركان فاليري غيراسيموف وقال له: “وقفوا كل شي، لبنان يريدنا أن ننسحب فوراً من أوكرانيا”
موقفا عون وميقاتي أصابا الكرملين بإرباك شديد، وبات يتوق لمعرفة ما الخطوة المقبلة التي سيلعبها “الدويتو” عون – ميقاتي: هل يريدان من الجيش الروسي أن يتقدم أو يريدانه أن ينسحب؟ هل يعود أدراجه إلى داخل الحدود الروسية؟ هل يلغي بوتين قراره بخوض الحرب كرمى لعيني لبنان والوعود التي تلقاها من واشنطن وباريس بتسهيل عملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي، أم يكمل اجتياح أوكرانيا؟ بوتين يدرس خياراته بعناية، ويفاضل بين خياري: قضم أوكرانيا وتسهيل قرض لبنان من صندوق النقد الدولي.
أحد لا يعلم حتى اللحظة على ماذا سيستقر رأي بوتين ولا حتى ما ستكون عليه خطوة عون وميقاتي، لكنّ الأكيد حتى اللحظة هو أن السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو زارت وزارة الخارجية بعيد اندلاع الحرب، وشكرت الخارجية على موقف لبنان “المشرّف”، والذي كان سبباً مباشراً خلف لجم الآلة العسكرية الروسية ووقف تمددها واجتياحها مجمل القارة الأوروبية.
أمّا السفير الروسي في لبنان ألكسندر روداكوف، فهو الآخر زار وزارة الخارجية، لكنّه لم يأتِ إليها شاكرا،ً وإنّما معاتباً على الوزير عبدالله بوحبيب عتباً شديداً، وذلك بسبب إصدار الخارجية لهذا البيان “المباغت” ومن دون التنسيق المسبق مع السلطات الروسية في الكرملين.
إقرأ أيضاً: حصر إرث الحريرية السياسية: السنيورة يُناور.. وميقاتي بصمت
روداكوف أسرّ لبوحبيب أنّ بيان الخارجية اللبنانية أدخل الإحباط في نفوس الجنود الروس المرابطين عند الحدود، ناقلاً إليه رسالة من القيادة الروسية تتضمّن تمنياً خاصاً يصل إلى حدود الرجاء، ويدعوه به إلى ضرورة إخطار موسكو مسبقاً بأيّ بيان قد يصدر، ولو قبل مهلة 24 ساعة، وذلك حتى تتمكن قيادة روسيا الاتحادية من ضبط ساعة مواقفها على وقع “مراق” لبنان.
*هذا المقال من نسج خيال الكاتب