لبنان: من Total إلى Evian

مدة القراءة 3 د


قبل أيام تبدّد حلم “لبنان دولة نفطية” الذي صمّ التيار الوطني الحرّ به آذاننا على مدى سنوات. أصبح سراباً ولم يعد بمقدور الوزير جبران باسيل “معايرتنا” و”تربيحنا جميلة” بهذا الإنجاز العظيم، خصوصاً بعدما ثبُت أنّ البلوك رقم 9 وحقل قانا خاليان من الغاز، إذ لم تجد شركة توتال الفرنسية في ذاك البلوك سوى الماء، وهو ما يعني أنّ الشركة حفرت في الماء فوجدت ماء، بحسب مصادر مسؤولة في وزارة الطاقة. وبدل أن نكون شركاءً لـ”توتال” أمسينا شركاء لشركة Evian الفرنسية المتخصّصة ببيع المياه المعدنية. فيا سبحان مُقسّم الأرزاق!
حفرت “توتال” في البحر وصولاً إلى عمق 3,900 متر بينما كان مقرّراً أن تصل إلى 4,500 متر. “طحّلت” شركة توتال ولم تستمرّ بالحفر، خصوصاً بعد تململ الشركة الأميركية المساعدة في اللوجستيات وإعلان رغبتها بالتوقّف بعد عدم لمس أيّ مؤشّرات إلى وجود غاز من أيّ نوع. لم تجد “توتال” في قانا غازاً، سواء كان غازاً للطبخ أو غازاً للقدّاحات حتى!
يُحكى أنّ وزير الطاقة وليد فياض كان يستعدّ للاحتفال، وقرّر التوجّه إلى منصّة الحفر بعدما جهّز العُدّة و”الكاريستا”، وبعدما جلب اللحم الضاني للشيّ على ظهر الحفارة، وزجاجات الشمبانيا والنبيذ الأحمر لزوم الاحتفال. لكنّ المفاجأة جاءت من “توتال” التي أخطرت الوزير بعدم الحضور بعدما أُبلغت بأنّ الحفر “طلع شعيرة”. فألغى كلّ شيء وتسرّب الخبر مثل تسرّب الغاز من الجرّة “الأجيب”.

ضحك علينا آموس هوكستين. بل ضحك على السلطة اللبنانية التي غُرّر بها، فظنّت أنّ حقل قانا غنيّ بالغاز

طارت أحلامنا 
طار حلم راهنت عليه السلطة الفاسدة لانتشال لبنان من أزمته. طارت أحلام الكثير من اللبنانيين ممّن طمحوا إلى أن يُنده لهم بـ” طويل العمر” ويلبسون الشماخ والعبايات البيض ويدهنون عطور العود وينثرون الدولارات في المطاعم والمقاهي. طار حلم ركوب السيارات الفخمة من صنف “مرسيدس” و”ليكزوس”، و”لاند كروزر”.
ضحك علينا آموس هوكستين. بل ضحك على السلطة اللبنانية التي غُرّر بها، فظنّت أنّ حقل قانا غنيّ بالغاز. صبّت السلطة تركيزها على قانا وأهملت البلوكات الأخرى. فانبرى جبران باسيل ومن يدعمه لإطلاق شعار “كاريش مقابل قانا”. نسي جبران وداعموه أنّ كاريش مستكشَف وفيه غاز بينما قانا كان عبارة عن “بطيخة مسكرة”. 

إقرأ أيضاً: شعب وجيش… وديليفري

ظنّ جبران، ثمّ الحزب ثم السلطة، اللذان جرّهما خلفه، أنّه قادر على تعليم الأميركيين أصول الحفر، بل أصول “الحفر والتنزيل” مثلما علّمهم إدارة الدول بلا موازنة (لمن يذكر… عموماً هادلي غامبل CNBC ما زالت تذكر جيّداً).
عليه العوض ومنه العوض!

*هذا المقال من نسج خيال الكاتب

 

لمتابعة الكاتب على تويتر: abo_zouheir@

مواضيع ذات صلة

من 8 آذار 1963… إلى 8 كانون 2024

مع فرار بشّار الأسد إلى موسكو، طُويت صفحة سوداء من تاريخ سوريا، بل طُويت صفحة حزب البعث الذي حكم سوريا والعراق سنوات طويلة، واستُخدمت شعاراته…

سوريا: عمامة المفتي تُسقط المشروع الإيرانيّ

عودة منصب المفتي العام للجمهورية السوريّة توازي بأهمّيتها سقوط نظام بشار الأسد. هو القرار الأوّل الذي يكرّس هذا السقوط، ليس للنظام وحسب، بل أيضاً للمشروع…

فرنسا على خط الشام: وساطة مع الأكراد ومؤتمر دعم في باريس

أنهت فرنسا فترة القطيعة التي استمرّت اثنتي عشرة سنة، مع وصول البعثة الفرنسية إلى العاصمة السورية، دمشق. رفعت العلم الفرنسي فوق مبنى سفارتها. لم تتأخر…

تركيا في الامتحان السّوريّ… كقوّة اعتدال؟

كان عام 2024 عام تغيّر خريطة الشرق الأوسط على أرض الواقع بعيداً عن الأوهام والرغبات التي روّج لها ما يسمّى “محور الممانعة” الذي قادته “الجمهوريّة…