في مشهد يحاكي فيلم “أبي فوق الشجرة”، أطلّ عاموس عبد الحليم ودوروثي لطفي من بعلبك. صورة نشرها حساب السفارة الأميركية في بيروت لـ”الثنائي الدبلوماسي”. صورة تظهر خلفهما أعمدة معبد “جوبيتر” (عليه السلام)، وما كان ينقص تلك الصورة التي لم تخلُ من الـ”نوستالجيا”، إلّا لحن شجيّ مع كوبليه “إلّي شبكنا يخلّصنا… آه يابا يابا… شاغل بالي”.
لم تنتهِ المغامرة هنا. فقبل بعلبك، كانت صخرة الروشة تجمع “الثنائي الدبلوماسي” أيضاً. كما جمعت ناديا لطفي وعبد الحليم حافظ من قبلهما. جمعهما مقهى “الفلمنكي” على صحن فول ومقلى بيض “برشت”، وتوسّط المائدة الدبلوماسية جاط خضار زُيّن بمصابيح من البندورة الجبلية وأقلام من البصل الأخضر، بينما “ملك السفرة” الزيتون الأسود كان حاضراً أيضاً. لكن لسوء الحظ لم يعُد فندق الـ”كارلتون” موجوداً حتى يكتمل المشهد، بقبلة على حافة الـPiscine كما في فيلم “أبي فوق الشجرة”.
بدل حريصا والصعود إليها بـ”التليفريك” على غرار عبد الحليم وناديا، اختارت السفيرة الأميركية دوروثي شيا المظلّة للهبوط من الأعلى إلى الأسفل. فقفزت ووثّقت ذلك بصورٍ ومقطع فيديو نشرته على صفحات السفارة، قبل وصول “العندليب الأميركي” إلى بيروت بنحو أسبوع.
لكن بعيداً عن أجواء الرومانس والأفلام، وبخلاف السياحة والتقاط الصور والـPositive Vibes، لم يُعرف ما كان الهدف من زيارة مبعوث الرئيس الأميركي جو بايدن (ابن بيضون) للبنان عموس هوكستين. لم يتسرّب من تلك الزيارة الكثير من السياسة: لا مبادرة ولا وساطة، ما خلا الحديث عن نيّة أميركية لاستكمال ترسيم الحدود البرّية بعد إنجاز تلك البحرية بموافقة ومباركة من الإخوة في الحزب.
في مشهد يحاكي فيلم “أبي فوق الشجرة”، أطلّ عاموس عبد الحليم ودوروثي لطفي من بعلبك. صورة نشرها حساب السفارة الأميركية في بيروت لـ”الثنائي الدبلوماسي”
كان الحديث عن الترسيم البَرّي (بفتح الباء.. مش بِري أبو مصطفى) عرضيّاً، ولم تُفهم مدى جدّيته في ظلّ الفراغ الرئاسي. لكن يبدو أنّ صولات عاموس عبد الحليم وجولاته في الروشة وبعلبك لم تكن إلّا من باب تسجيل المواقف، وذلك لأنّها تزامنت مع:
1- زيارة وزير الخارجية الإيراني الحاج حسين أمير عبد اللهيان، وما هذا يعني أنّ عاموس عبد الحليم تقصّد الحضور إلى لبنان في لحظة وصول وزير الخارجية الإيراني، ولو بلا جدول أعمال، من أجل القول لمن يهمّه الأمر: “شوفيني يا منيرة”. نحن هنا في لبنان و”الفلمنكي أراضٍ أميركية”.
2- وصول الحفّارة النفطية إلى الجنوب وبدء الحفر، وذلك بغية القول والتأكيد أنّ “العمّ سام” ما زال الراعي الرسمي لكلّ هذا الملفّ: في الترسيم والحفر والتنزيل والاستخراج والبيع…
حتى وزير الخارجية الإيراني لم يُفهم ما الفحوى من زيارته. ماذا يريد هو الآخر؟ قَطَعَ كلّ هذه المسافات حتى يؤكّد حسن العلاقة مع لبنان؟ لا داعي لهذا العذاب، فنحن نعرف حبّكم وتقديركم لنا حقّ المعرفة… يكفي أنّكم كرّمتمونا بوجود حزبكم لدينا.
ربّما أتى عبد اللهيان لتوبيخ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل مغادرته مطار بيروت، وللقول إنّ مبعوثك غير مرحّب به في أيلول… الله أعلم!
إقرأ أيضاً: “نحنا ما مننهار”… إسألوا زهراء وعمرو دياب
تفيد خلاصة هذا المشهد بأنّنا نحن اللبنانيين بتنا عقاراً تتقاتل الدول على ملكيّته. لبنان قطعة أرض “سليخ” غير مبنيّة وذات استثمار ضعيف، لا بل “فضلة” بلا حقّ مرور ولا تصلح لأيّ شيء. لا قيمة لها إن كانت منفردة، لكنّ ضمّها إلى عقاركَ مستحسن وضروري ومطلوب حتى توسِّع رقعة المساحة التي تملكها وتُبعد الجيران عنك قدر المستطاع!
*هذا المقال من نسج خيال الكاتب
لمتابعة الكاتب على تويتر: abo_zouheir@